يشهد العالم اليوم ثورة مذهلة في جميع مجالات الحياة وتحول في كثير من أساليب العمل كنتيجة لثورة المعلومات والاتصالات وقد تأثر المجال الصحي كغيره من المجالات سلباً وإيجاباً لظهور التقنية الحديثة وما رافقها من تبعيات، وكان من أهم النتائج الإيجابية في مجال الصحة ظهور فكرة الطب الاتصالي والعلاج عن بعد والتي ظهرت أول مبشراته في مطلع الستينيات عندما قامت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» بدراسة التغيرات الفسيولوجية لرواد الفضاء ومراقبة بعض الوظائف الفسيولوجية كضغط الدم وحرارة الجسم ونبضات القلب بواسطة أطباء على الأرض ومن ثم توالت الأفكار وتزايدت التجارب وأثبتت إمكانية إجراء التشخيص عن بعد ونقل المعلومات والبيانات الطبية.
وعموماً تقوم فكرة العلاج عن بعد أو الطب الاتصالي كما يحلو للبعض تسميته على استخدام الحاسب وتقنية المعلومات مقرونة بالخبرة والمعرفة الطبية لتقديم الرعاية الصحية والاستشارات الطبية والعلاجية لأشخاص يعيشون في أماكن بعيدة عن المراكز الطبية المتخصصة.
لقد أصبح الآن ممكنا دمج البيانات والصور ونقلها عبر وسائل الاتصالات وتبادل الأشعة بجميع أنواعها ونتائج التحاليل بين المختصين Health care profession دون التأثير على الجودة والنوعية للصور والبيانات المنقولة وأصبح باستطاعة الأطباء عقد المؤتمرات الحية Tele-conferencing وإجراء اتصالات مباشرة مع نظرائهم في أماكن مختلفة من العالم دون أن يغادروا أماكن عملهم. كما أصبح من الممكن نقل التاريخ المرضي للمريض وصور الأشعة X-ray وأي معلومات أخرى من ملف المريض بكل سرعة وسرية Fast&secury
لقد سعت المملكة وبذلت جهوداً لا بأس بها في هذا المجال رغبة في تحقيق مبدأ العدالة الصحية في تقديم الخدمات الطبية وذلك من خلال تجربتي المستشفى التخصصي ومدينة الأمير سلطان الإنسانية فمثلا مدينة الأمير سلطان تعتبر مثالاً واضحاً لبرنامج عملاق يطمح ليس فقط لتقديم الرعاية الصحية لأبناء المملكة بل يتعدى ذلك إلى دول الخليج وغيرها ولدى المدينة عدد من البرامج مثل medunet والذي يهدف إلى تقديم حلول تقنية كالعلاج عن بعد والتعليم عن بعد Distance Learning وبرغم ما بذل ويبدل لهذين المشروعين إلا أنه أصبح هناك حاجة ماسة لجهود أكبر لتقديم خدمات صحية أفضل تمكن القاطنين في المناطق البعيدة من الاستفادة من الرعاية الصحية العالية في بعض المراكز والمستشفيات المتخصصة..
وارتفع عدد المراكز الصحية إلى 1785 مركزاً لكن قابل هذا العدد زيادة في الطلب على الخدمات الصحية نتيجة لزيادة عدد السكان وظهور أمراض لم تكن معروفة من قبل.
ليس هناك أدنى شك في تكلفة الطب الاتصالي كتكلفة الأدوات والمعدات والبرامج ووسائط الاتصال وتدريب العاملين إلا أن للعلاج عن بعد فوائد جمة من أهمها على سبيل المثال ما يلي:
1 تحقيق مبدأ المساواة والعدالة في تقديم الخدمات الصحية.
2 نقل الخبرات والمعارف وتبادلها بين أصحاب الاختصاص.
3 توفير وقت الخبراء والمستشارين ونشر المعرفة الطبية.
4 توفير وقت المريض وتكاليف السفر وإمكانية تقديم الخدمة العلاجية للمرضى في منازلهم.
5 تخفيف الضغط على المستشفيات المتخصصة وتقليل وقت الانتظار.
وخلاصة الأمر فان هناك فوائد اقتصادية وطبية لا يمكن ولا يتسع المجال لذكرها ولهذا وذاك أصبح الأمر ملحاً أكثر من أي وقت مضى إلى حاجة لاستخدام تقنية المعلومات والاتصالات لتقديم الرأي الطبي السليم والرعاية الطبية المتميزة لأبناء الوطن بغض النظر عن أماكن تواجدهم ولتحقيق مبدأ العدالة الصحية وختاماً فالمشكلة اليوم تنظيمية وبشرية وليست فنية كما يعتقد البعض وما زالت جهود المستشفى التخصصي ومدينة الأمير سلطان الخيرية غير كافية في ظل اتساع وتباعد مناطق المملكة وتزايد عدد السكان وظهور أمراض مختلفة وقلة الكوادر الطبية المتخصصة.
د. صالح بن غرم الله الزهراني
|