Sunday 23rd May,200411560العددالأحد 4 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

يوم في معهد التربية الفكرية!! يوم في معهد التربية الفكرية!!
د. إبراهيم بن عبدالله السماري *

التربية تزكية للنفوس وارتقاء بها إلى أقصى درجات الممكن والمتاح من أجل التفاعل المثمر مع المواقف المتجددة، وهي بهذه الصفة عملية إنسانية راقية، وتزيد أهميتها عندما ترتبط بالثواب الرباني؛ إذ إن المربي المسلم يستحضر عند أدائه الواجب التربوي احتساب الأجر والثواب من الله عز وجل، فإذا كان المجال التربوي متعلقاً بفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة كان الاحتساب أكبر، لأن مشقة العمل ستكون أكبر بدون ريب.
سعدت بحضور الحفل الختامي لمناشط معهد التربية الفكرية بغرب الرياض بمشاركة عدد من المدارس الابتدائية والمتوسطة يوم الثلاثاء 29-3-1425هـ، وسرّ سعادتي يكمن في تلك الجهود الجبارة من إدارة المعهد ومعلميه لإدخال السعادة والسرور إلى قلوب فئة خاصة من أحبابنا الصغار ابتلاهم الله عز وجل بإعاقات فكرية تستدعي تضافر جهود ذوي القلوب الرحيمة من مختلف فئات المجتمع لإعانتها على التعامل مع ظروفها تأهيلاً وتدريباً وتثقيفاً وعلاجاً.
لقد رأيت في هذا الحفل صوراً مشرقة حقاً أيقظت مشاعري من مرقدها، وهل يملك إنسان مشاعره وهو يرى ذلك الطفل المعوق يحتضن أستاذه ويبادله الابتسام عندما يأخذه هذا الأستاذ أو يحمله ليمارس لعبة من الألعاب الترفيهية، وكانت الصورة أكثر إشراقاً في سباق الكراسي المتحركة عندما يساعد الأستاذ تلميذه على المشاركة أو الفوز فيبادله هذا شكراً وعرفاناً ربما كانت الابتسامة أصدق دليل عليه؟
رأيت في هذا المعهد مساحات فسيحة أُعدت لكي يستطيع الطالب التعامل مع إعاقته برحابة لا تعيقها حدود أو عقبات، ورأيت عملاً جباراً وتجهيزات مختلفة تستوجب الحمد لله عز وجل ثم الشكر والعرفان لحكومتنا الرشيدة على ما أولته هذه الفئة الحبيبة من رعاية واهتمام، وبعد زيارة معمل الحاسب الآلي استوقفني بشكل خاص معرض التربية الزراعية، ومعرض التربية الفنية، ففي هذين المعرضين عناية فائقة بالمعلومة المناسبة للفئة المستفيدة منهما، مع مراعاة ظروفها واحتياجاتها الخاصة عن طريق التركيز على الملموسات والعلاقات والمقارنات الإيحائية التي يستطيع طالب المعهد فهمها والتفاعل معها، وأعجبني بشكل لافت للنظر في معرض التربية الفنية أن إدارة المعهد خصصت فيه ركناً لممارسة الطلاب أعمالهم الفنية بإشراف معلميهم لإطلاع ضيوف الحفل على الطرق التربوية في هذا المجال.
وفي ركن المكتبة اطلعت على قائمة نفيسة ووفيرة من الكتب والدوريات قلّ أن تجدها في كثير من الكليات والمدارس الثانوية العامة، ولا ريب أن لجهود إدارة المعهد ومعلميه الفضل في إثراء موادها بالجديد والمفيد.
وفي صالة التمارين الرياضية كان لنا موعد مع تمارين حية بإشراف المتخصصين في هذه الصالة لمشاهدة كيفية التعامل مع الظروف الخاصة لطلاب المعهد بما يعود عليهم بالنفع بدنياً ونفسياً، وبما يؤكد حقاً أن هذه الفئة تحظى بأعلى درجات الرعاية والعناية، في جانب التأهيل، ومع ذلك، بل ربما قبله جانب التعامل؛ ذلك أن العناية بالجانب النفسي والإنساني في النظرة إلى المعوق هي اللبنة الأولى في بناء الإنسان، وهو هدف رئيسي صرحت به خطط التنمية في بلادنا، وأكد على ضرورته وأهميته خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - في أكثر من مناسبة.
ولهذا فقد أفرحني بصدق ذلك الحشد الكبير من الحاضرين لهذا الحفل والمهرجان المصاحب له؛ لأن هذا الحضور يشيع الحبور والارتياح في نفوس الطلاب ويسعدهم بمشاركة الآخرين لهم فرحتهم، وهو في الوقت ذاته - بل هو أهم - يحفز المعلم على مضاعفة جهده وعطائه، حين يدرك أن عمله مقدّر، وأن الآخرين يتفاعلون معه بالشكل المناسب.
الذي يجدر التنويه إليه في هذه العجالة أمران، أولهما أن حضور بعض كبار المسؤولين في الأمانة العامة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم تأكيد على فهم رسالة هذه الإدارة المهمة وضرورة معايشتها لظروف الميدان، وتطلعاته، وصعوباته، واحتياجاته.
والأمر الثاني أن رعاية مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية لمهرجان الحفل الختامي دليل على تفاعل المؤسسات الخيرية وحرصها على الوفاء برسالتها الإنسانية النبيلة، وفي هذا الصدد - أعني تجاوب المؤسسات الخيرية مع متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة والإسهام في تربيتهم وتأهيلهم - أشير إلى أن مؤسسة صالح الراجحي الخيرية تدرس إقامة مبنى جديد للمعهد في الأرض الفضاء الواقعة في الناحية الشرقية من المبنى الحالي، مما يعني زيادة الطاقة الاستيعابية، وتحسين البرامج والنشاطات الترفيهية والرياضية للطلاب.. وبالله التوفيق.

* ص.ب 30242 الرياض 11477


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved