* إعداد - بندر الرشودي:
أعرب عدد من العلماء والمشايخ وأهل الفكر عن حزنهم الشديد لخبر وفاة فضيلة الشيخ محمد بن علي بن سليمان السعوي خطيب جامع الراشد بمدينة بريدة، معتبرين ذلك حدثاً مؤلماً كون الشيخ أحد الأعلام البارزين علماً وخلقاً ومنهجاً وفكراً إضافة إلى أنه يعد من ضمن أهم الخطباء المفوهين في مجتمعنا، سائلين الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يلهم أهله وذويه والمسلمين عموماً الصبر والسلوان.
تحدث في البداية فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة الذي قال بصوت يعلوه الحزن على فقد علم من أعلام الأمة: كان الشيخ محمد السعوي خطيباً مفوهاً مقصوداً من أطراف البلاد حيث تميز -رحمه الله- بصدق اللهجة وفصاحة اللسان وحرارة الإيمان، وكانت خطبه تعالج قضايا الأمة بنفس مؤمنة مطمئنة وبمنهج واضح هديه القرآن والسنة الشريفة..
وأضاف الشيخ سلمان قائلاً: سيرة الشيخ السعوي معطرة بخلقه الرفيع وصدقه ووضوحه وسلامة نفسه، فقد كان مدرساً محبوباً في المعهد العلمي ببريدة قريباً من طلابه ومتواضعاً معهم، كما كان محبباً إلى جيرانه طيب النفس صادق القلب..
كان خبر وفاته مصيبة وحدثاً مؤلماً لكل من أحبه من رواد خطبه ومن محبيه وأقاربه ومن المسلمين على وجه العموم..
وواصل فضيلته قائلاً: عاشرت الشيخ محمد السعوي منذ خمسة عشر عاماً في المعهد العلمي وشريكاً في عدد من الأسفار والأنشطة الدعوية فعرفته نموذجاً فريداً للتواضع وحب الخير والغيرة على الدين..واختتم الشيخ سلمان حديثه بالتذكير بآخر عمل للفقيد والذي كان من على منبر الجمعة حيث خطب في الناس بالأمس وحدثهم عن قصة ابني آدم بالحق فقد استعرض قصتهم ووعظ المسلمين الذين استمعوا إليه واستفادوا منه، ثم غادر مدينة بريدة إلى الرياض وذلك بغرض إكمال برنامج الدكتوراه ليفاجأ بالحادث المفجع الذي نقله إلى الدار الآخرة، سائلين الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يلهمنا وذويه الصبر والسلوان.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
كما تحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن صالح الشاوي، وكيل كلية الشريعة وأصول الدين وإمام وخطيب جامع عمر بن عبدالعزيز ببريدة قائلاً: فجعت بريدة البارحة بخبر وفاة فضيلة الشيخ محمد السعوي إثر حادث مروري تعرض له في طريق الرياض السريع، وخلال ساعات قلائل وعبر رسائل الجوال والاتصالات الهاتفية أصبح الخبر حديث الناس في بريدة.
وظهر أثر هذا التأثر جلياً حين اكتفى المسجد الذي صلي على الشيخ فيه بالمصلين وامتلأت الشوارع والطرقات، وقامت بريدة كعادتها وفية مع دعاتها وعلمائها وحملت الجموع الغفيرة الشيخ -رحمه الله- على الأعناق حتى وارته في قبره والناس تُسيلُ عليه من الدموع الصادقة، وتترحم عليه وتدعو الله عز وجل ان يغفر للفقيد ويخلف على المسلمين خيراً.
نعم انه الشيخ محمد السعوي الذي طالما حمل على عنقه الكلمة الصادقة واستطاع بما حباه الله تعالى من سلاسة في الأسلوب، وجمال في الطرح وقدرة على اختصار كثير من المعاني في عبارات محدودة، إضافة إلى صوته المميز في خطبه وصدق في طرحه أن يعالج قضايا كثيرة في المجتمع ويصحح العديد من المفاهيم بحكمة وروية، وهدوء.
لقد عرفت وعرف غيري الشيء الكثير عن الشيخ -رحمه الله- وكلها أخلاق جميلة ورثها الشيخ من أخلاق النبوة، فلقد كان هادئا، صادقا، حليماً، حكيماً، لم اسمع منه مرة كلمة نابية أو وقوعاً في عرض مسلم، أو شحناء أو حمل في صدره على أحد سهلا لينا.
كل ذلك جعل منه استاذا ناجحا ومربيا فاضلاً في المعهد العلمي ببريدة وداعية وخطيبا مرموقا في الجامع الكبير ببريدة سابقا وجامع الراشد حاليا، عرفه الصغير والكبير والذكر والأنثى عبر حضوره للمناسبات والقاء الكلمات وحب الخير للجميع...وفي الختام قال الشيخ الشاوي: إننا اليوم لا نغبط من بقي على الحياة ولكننا نغبط من سلم من الفتنة في زمن بدأت الفتنة فيه تموج موج البحر، ومن خرج والناس تشهد له بالخير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (انتم شهداء الله في أرضه)..
إن من بقي على أرض المعمورة بات يخاف على نفسه من الفتنة قبل أن يموت، فقد جاء في الحديث (لا تقوم الساعة حتى يأتي الرجل إلى قبر الرجل فيتمرغ عليه ويقول يا ليتني مكان هذا)..
رحم الله الشيخ محمد السعوي، وأسكنه فسيح جناته، ورفع درجته في المهديين، وغفر لنا وله إنه سميع مجيب..
كما أضاف الشيخ ناصر السعوي مدرس في المعهد العلمي وهو أحد زملاء الشيخ: لقد فقدت الأمة برحيل الشيخ عالما فذا بذل وقته وماله في خدمة هذا الدين وكان نعم المربي سواء خلال تدريبه في المعهد العلمي أو خارجه وكان لا يرد سائلاً مستفتياً أو داعياً إلى مناسبة أو طالباً لوجاهة.
وأضاف الشيخ ناصر واصفاً خطب الشيخ انها خطب تنبع من قلب ملؤه غيرة على هذا الدين وأهله، تصدر من قلب مفعم بالإيمان، مواكبة للأحداث. وكان الناس يقصدونها من كل مكان.. وفي ختام حديثه دعا الشيخ ناصر السعوي الله القدير ان يسكن الشيخ فسيح جناته وأن يرفع درجاته وأن يحسن للمسلمين العزاء.
|