الطابع المميز لبني البشر أنهم على درجة كبرى من العطف والتواد.. أو هكذا يجب أن يكونوا.. ومعلوم بالضرورة أنه لا شيء يطغى على النفس الانسانية ليقطع الصلة بينها وبين مقومات التآلف الانساني.. مهما تجسدت الأطماع.. وتدنَّى الإدراك.. ولعلنا ندرك الأهمية الكبرى التي دعانا اليها ديننا الحنيف في هذا السبيل؛ حيث أرشد الأمة إلى ضرورة التعاطف.. والتراحم.. والأخذ بالسبل المفضية الى المحبة والصفاء.. ونبذ الحقد والشقاء.. ومن أمثلة ذلك إفشاء السلام.. وإعانة الضعيف.. والاهتمام بحق الجار.. والاسراع الى نجدة المسلم..
ولكن هذه القيم قد تضيع أمام أناس ضاعوا مع تيار المادة أو الكبرياء في أوداج منفوخة.. فأصبح البشر في رأيهم كالدُّمى.. حتى الأسارير أصبحت تنذر -عند البعض- بالسعير المتقد.. ولم يكن الحب إلا صورة تتجدد في إطار خاص مبعثه المصلحة الخاصة.. والهدف المحدود.. ولولا هذا العنصر الزائف لتلاشت حتى بين الأسرة الواحدة. إن المثل العليا رمز لالتقاء الجنس البشري في صعيد أخوي.. مليء بالوئام ومحاط بهالة من الثقة العميقة.. ومتانة الصلة التي لا تهتز أمام الأهداف الرخيصة في هذه الحياة.. إن قلوب البشر تتجه الى واقع أليم.. إن لم تتيقظ وتعرف أهمية التواد.. والتراحم.. وتدرك معنى الأخوة الصادقة التي تجمع القلوب وتزرع الخير العميم في صفوف البشر.
| 
"زمان الجزيرة"