الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.. عندما تلقيت نبأ وفاة الشيخ الفاضل العابد سعد بن محمد بن إسحاق آل عتيق اختنقت بالعبرات وحشرج الصدر ورددت قول ابن عثيمين:
لمثل ذا الخطب فلتبك العيون دما
فما يماثله خطب وإن عظما
ففي فجر الثلاثاء الموافق 15-3-1425هـ توفي فضيلته وصلي عليه بعد عصر ذلك اليوم في جامع عتيقة بمدينة الرياض، وقد شيّع جنازته كثير من المشايخ وعارفو فضله، ودفن في مقبرة المنصورية بالرياض.
وقد ولد فضيلته في العمار من قرى الأفلاج حوالي 1331هـ، ودرس على يد الشيخ عبدالعزيز بن محمد بن سحمان القرآن الكريم، وأخذ عنه عشرة أجزاء من القرآن عن ظهر قلب، وبعد ذلك انتقل إلى الرياض وقد أكمل حفظ القرآن عند الشيخ محمد بن سنان، ودرس المتون والمختصرات عند الشيخ محمد بن إبراهيم، ودرس النحو عند الشيخ عبدالله بن حميد، والفرائض عند الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم، ودرس عند الشيخ عبدالعزيز بن باز قبل أن يتولى قضاء الدلم بعض الشيء من النحو، كما قرأ على الشيخ محمد بن عبداللطيف والشيخ محمد أمين الشنقيطي والشيخ عبدالرزاق عفيفي.. وبعد افتتاح معهد الرياض التحق به أول سنة فتح فيها، وبعد ذلك التحق بكلية الشريعة بالرياض وتخرج منها عام 1376هـ.
ومن أبرز زملائه: معالي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وزير العدل السابق ومعالي الشيخ راشد بن خنين المستشار في الديوان الملكي وفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن سحمان نائب رئيس محكمة التمييز بالرياض سابقاً.
وبعد تخرجه من كلية الشريعة عيِّن ملازماً قضائياً لمدة سنة، وبعد ذلك عيِّن في بلدة الحلوة بحوطة بني تميم وبقي فيها ست سنوات، وبعدها نقل إلى بلدة القصب بالوشم وبقي فيها عشر سنين، وبعدها نقل إلى رئاسة محاكم وادي الدواسر.. وفي عام 1410هـ رقي إلى درجة قاضي تمييز بمحكمة مكة المكرمة إلى أن أحيل للتقاعد في شهر جمادى الأولى عام 1414هـ.. وقد أصيب قبل حوالي ثماني سنوات بمرضٍ أقعده في بيته صابراً محتسباً.
ويمتاز فضيلته- رحمه الله- بالصبر والحلم، فقل أن تجد مثله في وقتنا هذا، فهو حليم على من يتعامل معه، فقد حدثني كثير ممن عمل معه أنه يمتاز بسعة البال على المترافعين، لا يكاد صوته يسمع وهو ذو رأي وفطنة وعلم.. وكان- رحمه الله- وصولاً لرحمه، فكان- عليه رحمة الله- ينفق الأموال الطائلة على المحتاجين من أسرته بشكل سري، وكانت له أعمال جليلة وكان- عليه رحمة الله- يجهز السيارات إلى مكة المكرمة ويحجج معه أفراداً كثيرين من أسرته ممن لا يستطيعون تحمل تكاليف الحج.. وكان- رحمه الله- كريماً للصغير والكبير، ومهما كتب فلن يستطيع القلم أن يحدد محامده ويبسط سيرته.. ولفضيلته ستة أولاد وأربع بنات.. رحم الله شيخنا سعد وأسكنه فسيح جناته وألمهنا الصبر على فقده.
|