ليعلم المحاولون العبث بأمن الوطن في الرياض، وفي مكة، وفي جدة، وفي ينبع، وفي بريدة، أن الوطن هو كل ذلك، وغيره ايضا. وأن المواطنين الصالحين هم من يسكنون في تلك المناطق وفي غيرها من أرض وطننا الكبير. وليعلم المارقون، أنه مهما حاولوا الفرار من مكان ما في وطننا الكبير إلى مكان آخر، فإن الذي سيفضحهم، هو الله تبارك وتعالى الذي يراهم ويعلمهم في كل حال ومكان وزمان، ثم هو المواطن الشريف الذي يحمل بين جنباته ولاء وطنيا لايسوغ معه أن يتستر خلفه المجرمون. إن انتقال المجرمين من مدينة إلى أخرى دليل قاطع على أن خناق العدالة قد طوّقهم، وأن رجال الأمن قد بلغوا معهم مبلغاً ليسوا بقادرين على المراوغة منه. فليذهب المجرمون إلى أي مكان على أرض وطننا الكبير، ليجدوا هناك من هو مثل الذي هنا بالعزم والإصرار على أن يذهب كل المجرمين ليبقى الوطن سالما معافى.
في أحداث بريدة الأخيرة مفاهيم أمنية ووطنية مهمة، منها:
أولا، إن جميع مدن المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تكون موطناً للإرهاب، والقتل والعنف، حيث حاول المجرمون البحث في كل زوايا الوطن لعل زاوية منه تسترهم وتبقي عليهم حتى وهم خائفون فزعون، لكن الوطن سيبقى وطن الكرام البررة، وسيلفظ كل خبث فكري أو سلوكي يحاول النيل من نقائه وصفائه فكراً وسلوكاً.
ثانيا، إن رجال الأمن في هذا البلد - رغم مساحته الجغرافية الشاسعة - قد تمتعوا بقدرة ممتازة على تكوين شبكة أمنية مترابطة غطت كل بقع الأرض السعودية، حتى لم يعد مكان ما يمكن أن يكون ثغرة أمنية يسهل اختراقها، فامتدت بذلك إنجازات الجهاز الأمني إلى كل تراب الوطن.
ثالثا, نتيجة طبيعية لما سبق، يمكن للناس أن ينعموا - حقاً - بما أنعم الله به على هذا البلد الكريم من رجال مخلصين نذروا أنفسهم لمواجهة العقبات من أجل أن يسلم الآخرون.
فتحية لكل رجل أمن هذا هو هاجسه، وهذه هي عزيمته، مما فتح المجال رحباً أمام كل قطاعات المجتمع أن تواصل العمل - باقتدار - من أجل مستقبل أكثر إشراقاً.
رابعاً، إن خُطى الهاربين والمنفلتين من كمين أمني معين، ستكون قصيرة جداً، حيث سيتم النيل منهم من مكان قريب. فلم يعد من مناص للمجرمين الهاربين، حيث تساقطوا - بحمد الله ومنته - في أيدي العدالة البشرية، ليتم عرضهم على العدالة الإلهية وفق منهج هذه البلاد وثوابتها الراسخة المستمدة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
خامساً، مزيد من تكشف الحقائق الراسخة من أن هذه الكيانات الإجرامية لا يجمعها هدف ولا توحدها غاية، بل هي نتاج واضح لفكر منحرف ضلت به السبيل، وانحرفت به عن الطريق المستقيم، ليكون نتاج انحرافها هذا محاولة يائسة للإضرار بأمن البلاد والناس من المسلمين كباراً وصغاراً، دون أن ترتدع بوازع ذاتي، مما لزم معه أن ترتدع بالوازع الأمني العظيم في بلادنا. سادساً، هناك رسالة أمنية مهمة - أيضاً - لجميع السعوديين بأنهم عيون أمنية في مواقعهم، حيث من المناسب تنبيههم وإبلاغهم للجهات الأمنية عن أي عارض يعتقدون عدم اتساقه مع المعتاد، أو إثارته لشبهة من الشبهات الأمنية. إن سلامة بلادنا في أن نواصل هذا الأنموذج الرائع من التوحد الوطني ضد من تدفعهم الأماني أن يعبثوا بمقدراتنا وبمكتسباتنا.
|