ربما يحدث للقلم أن يصفع كلَّ الذين يكتبون به...
وربَّما أنَّ (ملايين) سيسخرون وهم يؤكِّدون بأنّ الأقلام الآن أصبحت لأمرين: للتوقيع، وللوجاهة...، ذلك لأنَّهم لم يعودوا يستخدمون سوى أصابعهم وأزرة اللَّوحات...، وآهٍ لو أنَّهم يعلمون بأنَّ أصابعهم قد تتبرَّأ منهم، وبأنَّ الأزرَّة ذاتها قد تتناثر أمامهم تصكُّ حيث صكَّت أقلامهم!!
ربَّما تمتنع الحروف عن الانصياع لرغبة التَّركيب، حتى الجُمل ربَّما لن تتلاءم، وتفرَّ مع الحروف فرار الهارب من المجذوم...
وأيّ أمرٍ أشدَّ مدعاةً للهرب والفزع من الجذام المستشري في كيانات الأحداث التي تجعل المرء وهو يعيش بمجرَّد السَّماع لها، والإحساس بنتائجها خائباً، متحسراً، متقزِّماً، يخجل حتى من ظلِّه، بل يُخيّل إليَّ أنَّه لابد أن يخجل من مدِّ يده إلى فمه بلقمة هنيئة، أو يستتر بثوبٍ مترف، أو يأوي إلى فراشٍ وثيرِ لين...
ما يحدثُ للمسلمين الآن...
ولا يزال الكتّاب يكتبون، ولا تزال الأقلام للوجاهةِ والتَّواقيع الفارهة... ولا تزال ناطحات السحابِ تعج بالأقدام تتَّجه نحو مطاعمها ومحالها التجارية ولا يزال من يبتاع العربات الفارهة والمجوهرات الثَّمينة، ولا يزال من يُعدُّ خريطة رحلاته في الصيف، ويجري اتصالاته لمتابعة الأرصدة، ويمنّي صغاره بلحظات رفاهية... ولا يزال يتأفَّف من سمومٍ هبّت في لحظة ظهيرة، وهناك من تُغتال فرحته في عُرسه، ومن يُطرد من بيته كي يهدّ فيهيم على وجهه ومن يتمزَّق ويُصلب بين يديْ ظَلمة متجبّرين، ولا يزال.. ولا يزال. أفلا يكون المتوقع أن ترفض الأبجدية القيام بدورها، وترفض الأقلام الحركة في غير طائلٍ، حتى يتحقق أن تتلاءم حروف الأبجديةِ ويتحرك القلم في التعبيرِ عمَّا يردُّ ماء الوجه للمسلم العربي؟!. ربَّما ربَّما هباءً لكلِّ ذلك.
|