بنهاية يوم الخميس الذي أغلق على ارتفاع جيد مقارنة باليومين السابقين التي تعتبر تصحيحية وليست انهيارا كما يردد, فقد أغلق المؤشر عند 6031 نقطة بارتفاع بمقدار 256 نقطة وهي تعادل 4.45% وأغلقت أكثر من 20 شركة بارتفاع للحد الأعلى وهي نسبة 10% أو أقل قليلا وبدون عروض, وهي عكس ما حدث باليومين السابقين فقد أغلق المؤشر يوم الثلاثاء منخفضا 220 نقطة وبنسبة 3.4% و 21شركة منخفضة لمستوى النسبة وهي 10% وأكثر من 15 شركة منخفضة ما بين 9 و 8% فقد كان يوما أحمر عدا الشركات القيادية كسابك والاتصالات, وفي اليوم التالي وهو يوم الأربعاء الذي يعتبر يوما لم يمر على سوق الأسهم السعودي حين انخفض بمستوى 350 نقطة وبنسبة 5.73% وانخفاض جميع الشركات الـ71 بدون استثناء فلا شركات عوائد أو غيرها، الكل انخفض بدون استثناء ووصل عدد الشركات التي انخفضت لمستوى النسبة 10% 43 شركة وهي سابقة لم تحدث مسبقا, من كل هذا نطرح سؤالاً ماهي التفسيرات والمبررات لهذا الارتفاع المتوالي منذ بداية العام الذي وصل إلى 40% ثم نجد الانخفاض الشديد خلال يومين ثم تصحيح في اليوم الثالث, ماهي التفسيرات والمبررات لما حدث, وهذا ما نحاول طرحه هنا وتفسيره بكل موضوعية وحيادية, واضع الأسباب التالية لما حدث وبدون ترتيب لها وهي كما يلي:
- الارتفاع المتوالي منذ بداية عام 2003 واستكمالا لهذا العام 2004 وحتى يوم الاثنين 17-5-2004 كان ارتفاعاً مستمراً بدون (التقاط أنفاس) وهو ما كان يحتاجه السوق.
- والارتفاع مبرر بلاشك في أسهم العوائد والقيادية ولبعض الشركات, وأن هناك شركات أيضاً لاتستحق الأسعار التي وصلت لها, وحين نقول ان الشركات تستحق الأسعار التي وصلت لها وهي القيادية وذات العوائد فهي مبررة من خلال نتائج الشركات وتوزيعات الأرباح وقلة الأسهم المتاحة في السوق وما عدا ذلك هي مضاربة بحتة ناتجة من سياسية مضاربين وصناع السوق والسيولة التي يملكونها.
- حجم السيولة العالي الناتج من أسعار النفط العالية وهي تنمو بنسب جيدة ومستمرة ما ظل النفط بسعر يفوق 30 دولاراً وهو الآن يلامس ويزيد عن 40 دولاراً.
- البنوك ساهمت في ضخ مزيد من الأموال من خلال الأقراض سواء بالمرابحة الإسلامية أو غيرها, وهي ما دفعت وشجعت الكثير على دخول السوق في ظل أسعار فائدة متدنية في الفترة الحالية.
- أسعار البترول التي أصبحت الآن ولعقود شهر يونيو ويوليو تعادل 40 دولاراً وأكثر من ذلك ويتوقع استمرار ارتفاع أسعار النفط في ظل انخفاض الاحتياطي الأمريكي والدولي وأيضا استمرار التوتر في الشرق الأوسط وخاصة العراق الذي لم يعد لوضعه الطبيعي انتاجيا للنفط.
- التدافع والضخ الكبير للسيولة من قبل الفئات الصغيرة والمتوسطة ودخولها السوق بدون أي معرفة مسبقة عن السوق فالجميع يلاحظ ان السوق مرتفع كل يوم ومنذ بداية العام على الأقل فيتوقعون ان السوق كل من سيدخل سيربح وهذه رؤية خاطئة بلاشك وهذا التدافع والضخ ولد ارتفاعاً في الطلب على الشركات وخاصة الأقل سعراً وعائداً أو ذات غير عائد لأنها أقل سعرا وأكثر قابلية للمضاربة.
- قرب صدور السوق المالية التي يتوقع ان تنشأ معها بعض الأنظمة والقوانين التي قد يسمح خلالها للمستثمر الأجنبي بالدخول وهذا سيضيف دعما آخر للسوق وسيولة جديدة تضخ وهو ما يجعل الكثير من صناع السوق إلى حثهم على رفع أسعار كثير من الشركات.
- تدني سعر الفائدة على الريال في الودائع وغيرها وضيق قنوات الاستثمار والرغبة بالربح السريع شجع الكثير لدخول السوق.
هذه بعض أهم أسباب ارتفاع السوق التي حدثت خلال الفترة الماضية وهي مبررة جداً لارتفاع السوق فالجميع أصبح يربح في السوق لمن يجيد لعبة المضاربة ويضيف مزيدا من السيولة حتى أن السوق أصبح لايستطيع استيعاب كل هذا الضخ فحلق بالأسعار عاليا.
ولكن لنعود ونفسر ما حدث من انخفاض وتصحيح يومي الثلاثاء والأربعاء والتي انخفض فيها المؤشر بمقدار 570 نقطة خلال يومين أي مايعادل 9.15% تقريباً ماهي مبرراته؟ برغم ان كل معطيات السوق لم تتغير من سعر نفط لازال مرتفعاً, وثبات الأوضاع السياسية ولايوجد أي أزمات, مستوى وعدد المضاربين لايزال كما هو وغيره من الأسباب, إذا ماهي الأسباب, وأضع هنا تحليلي الشخصي عن ذلك وهي كما يلي:
- أهمية التصحيح التي انتظرها الجميع لأن لايمكن ان يكون هناك سوق مرتفعة بلا حدود ومستمرة بلاتوقف, فيجب التقاط أنفاس وهذا مهم, ويقوم بذلك هم المضاربون وصناع السوق وهم المضاربون الكبار ومن يسيطر على السوق بما يملكون من مليارات الريالات سواء كانت حسابات شخصية أو تمويل بنوك.
- ان صناع السوق والمضاربين والصناديق البنكية وصلت لنقطة أنها حققت أرباحاً مجزية وكبيرة ويجب اجراء التصحيح وهو ما جعل هذه الصناديق والبنوك والمضاربين الذين لديهم تمويلات كبيرة يضخون كميات كبيرة جدا خصوصا في شركة الكهرباء التي تعتبر (ترموتر) السوق فهي من يقود المؤشر وأسعار الشركات في مثل هذه الظروف.
- ان أحد البنوك قام بنشر قائمة لعدد من الشركات يحظر التمويل بها والغريب أن من بين الشركات هي التصنيع الوطنية, ولانعرف هل البنك الذي حدد ذلك يعتقد أنه الوحيد الذي يمول لهذه الشركات أم لا؟ برغم ان كل البنوك لديها قوائم تحظر التمويل فيها لبعض الشركات ولاتعلنها في الصحف, ولكن هذا البنك او الشركة أعلن عنها في الصحف فهل هي كانت تحدياً؟ أو نية مبيتة حول ذلك؟ هذا ما يمكن ان توضحه مؤسسة النقد المسؤولة عن ذلك.
- كثير من المضاربين قام بتصفية محافظهم مع إشارة الخروج وصناديق البنوك وهم أول من يعرف التوقيت للخروج, ولكن السؤال من هو الضحية هنا؟ فقط المستثمر الصغير والمضارب الأصغر.
- التدافع الكبير وحالة الهلع الشديدة التي قامت بالضخ والبيع بكميات كبيرة فشل معها كل مقاومة كانت ستصمد أمامها, ففلت زمام السيطرة على السوق من خلال هذا الهبوط نسبيا وخاصة في شركة الكهرباء التي تدافع الكثير من صغار المتعاملين في البيع, ولكن كانت إشارة الخروج وخفض الكهرباء تمت من مضارب ضخ كميات كبيرة حين وصل لسعر 195 ريال يوم الثلاثاء مما كسر معه أي مقاومة وهي كانت مقصودة لأن من يخفض الكهرباء سيخفض السوق كاملا معها.
هذه بعض ابرز أسباب الانخفاض التي حدثت, وهي تدار من صناع كبار في السوق ويعملون وفق القانون والنظام ولايوجد أي تجاوز ولكن هؤلاء لايحسبون من يخسر ويربح وهذه سوق (تطحن) من لايعرف ويفهم ويحلل السوق وحين تكون الارتفاعات الكبيرة سيعني هناك الانخفاض الكبير وهو ما حدث وأعتقد ان كل من باع وهو من اشترى بأسعار مرتفعة خسر الكثير والكثير ولكن من صبر وانتظر وجد السوق يوم الخميس يصحح نفسه ووصل الارتفاع بمقدار 256 نقطة أي مايعادل 4.45% فهل يعقل ان نجد سوقاً بيوم ينخفض 5.73% يوم الأربعاء ويرتفع بمقدار 4.45% في اليوم التالي؟ هي حالة استغلال ذكية لنفسيات المتعاملين مع السوق وأنهم يتدافعون بالبيع مع أول انخفاض وبلا حدود, يجب ان يفهم ويدرك كل مضارب سواء في أسهم العوائد وهي الأكثر أمانا وأسهم الأقل والتي بدون أي عائد وعامل دفع وقوة لها, ان ليس هذا ارتفاعاً مستمراً ولا انخفاضاً مستمراً, وان أسهم العوائد مهما كان انخفاضها أو الأرجاف التي يتم بشأنها لابد من تصحيح سعري لها وهو ما حدث في شركة سافكو والتصنيع فهي انخفضت بنسبة 10% يوم الأربعاء وعادت الخميس ارتفعت بنسبة 10%, أمور وتفاصيل كثيرة واضحة في السوق تجعلك أكثر ثقة بسوق الأسهم السعودي وأن الشركات هي رائدة وقوية, ولكن الاشكال هنا هل يدرك صغار المستثمرين ذلك, وهل يدرك صغار المضاربين ان أسهم المضاربة هي أول الضحايا مع أول انخفاض.. يجب ان يكون لدينا الوعي والثقافة في المضاربة والاستثمار, وكما توقعنا سابقا ان السوق سيصل إلى 6.000 نقطة وقد حدث فليس ببعيد خلال الأشهر القليلة جدا ان نجد المؤشر عند 7.000 نقطة ومن منطلق وأساس قوي وهو الاقتصاد السعودي واستمرار الشركات والتخصيص. وأرجو ان لايخرج علينا من يفتي ان هذا كان محذراً منه ومتوقعاً لأنها أصبحت بديهيات السوق ان يتم ذلك, فنقطة للخلف وثلاث نقاط للأمام.
|