أنهى مجلس الشورى مؤخراً دراسة بعنوان (الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد والرشوة) وذلك تمهيداً لرفعها لخادم الحرمين الشريفين لاعتمادها
إن من ينظر إلى التحديات والتقلبات المحلية والإقليمية والدولية التي تعترض الفساد التي نهشت الكثير من مكتسبات الوطن وثرواته، وحيث إن العديد من القطاعات التنموية بالمملكة لا تزال تتأثر سلباً جراء تواجد مختلف أوجه الفساد سواء من خلال جرائم سواء استغلال المال العام أو التجاوزات المالية والإدارية التي لم تعد الظروف الاقتصادية الراهنة تتحملها. فانطلاقاً من تلك المسلمات، فإنني أؤكد أننا لسنا فقط بحاجة إلى ظهور مثل تلك الدراسة التي أعدها مجلس الشورى فحسب، وإنما نحن بأمس الحاجة لأن نستعجل في تطبيق كل ما جاء فيها من عقوبات قاسية على كل من تسول له نفسه في التلاعب بممتلكات الوطن وثرواته. ولكي ننجح في تطبيق ما تضمنته تلك الاستراتيجية في توجهات، فإنه من الأهمية أن نضع في الاعتبار عدة أمور منها.
(1) وجوب أن يتم تطبيق ما ورد في هذه الاستراتيجية من عقوبات وتوجهات على كل من تسول له نفسه المساس بالمال العام بغض النظر عن مرجعية عمله وهل ينتمي لجهاز حكومي أم لقطاع أهلي.
(2) إقفال باب الشفاعات والواسطات تماماً، فكل من تسول له نفسه مثل هذا الجرم ويصدر حكم بحقه فإنه يتوجب أن يطبق عليه كامل العقوبة المحكوم عليه بها بغض النظر عن قساوتها.
(3) يقترح أن يتم إنشاء وحدة داخل كل جهاز من أجهزة الدولة تعود مرجعيته لإحدى الجهات الرقابية، تتولى مراقبة كل ما يتم في ذلك الجهاز من تعاقدات مغلوطة أو أي وجه من أوجه الفساد الإداري أو المالي.
(4) من الأهمية إتاحة الفرصة لمختلف أجهزة الإعلام للوصول إلى المعلومة الدقيقة متى كان هناك تجاوزات إدارية أو مالية في أي جهاز من أجهزة الدولة. وما من شك أن عقوبة التشهير بالمسؤول أو الموظف المتجاوز إدارياً أو مالياً إنما تعد من العقوبات المؤثرة في مجتمعاتنا، ولذا من الضروري أن يتم التركيز على عقوبة التشهير إضافة لبقية العقوبات الأخرى.
(5) من الأهمية أن يكون هناك آلية تحفيز ومكافآت لكل موظف أو فرد يقدم معلومة تدل على وجود فساد أو تجاوزات مالية في أي جهاز من الأجهزة الحكومية.
(6) على كل مسؤول في أي جهاز حكومي ألا يتردد في كشف كل قضايا التجاوزات الإدارية أو المالية التي اكتشفها على من سبق في تلك الإدارة أو الجهاز الذي تولى رئاسته.
ختاماً، إن تطبيق ما ورد في تلك الاستراتيجية، والاستعجال في تفعيل ما تضمنته من ضوابط حزم سيكون بمثابة الدافع الأكبر لمختلف الأجهزة الحكومية والأهلية لإنجاز كل الأهداف المناطة بها تلك الأجهزة وذلك بما يتفق مع تطلعاتنا الإيجابية لمستقبل هذا الوطن الغالي علينا جميعاً.
|