* القاهرة - محمد سعيد- أ ش أ :
مع انعقاد القمة العربية بتونس اليوم السبت هناك سؤال مطروح فى ضوء المتغيرات العالمية الراهنة ، وما تتعرض له المنطقة العربية من مخاطر لم تشهدها منذ الحرب العالمية الثانية ، هل بدأت ساعة العمل الجاد لتحقيق التكامل الاقتصادى العربى ومواجهة تحديات الأمة العربية لما للاقتصاد من دورمحورى فىعالم السياسة ؟
ألم يحن بعد تحقيق هذا الحلم الكبير بقيام السوق العربية المشتركة الذى أصبح تحقيقه أكثر إلحاحا فى ظل هذه المتغيرات والاخطار ؛ لأن الوضع الحالى يضع مسؤولية كبيرة أمام الدول العربية الامر الذى يتطلب ارادة سياسية جماعية قوية لبدء العمل الجاد لتحقيقها .. وردا على هذا السؤال اجابت مصادر اقتصادية مصرية مسئولة بان مصر ساندت عملية تطوير المجلس الاقتصادى والاجتماعى العربى وتفعيل دوره على المستوى العربى والتى سيتم عرض مشروع القرار الخاص بها على القمة العربية بتونس ؛ وذلك للوصول إلى تحقيق حلم السوق العربية المشتركة التى نادى الرئيس حسنى مبارك مرارا وتكرارا باقامتها من اجل مواجهة التحديات الاقتصادية الدولية وحسن استغلال مواردنا وتدعيم قدراتنا على التعامل مع العالم ككتلة واحدة قوية لمصلحة كافة الشعوب العربية .
ويقول الدكتور يوسف بطرس غالى وزير التجارة الخارجية الذى مثل مصر فى اجتماعات المجلس الاقتصادى والاجتماعى العربى التى عقدت للتمهيد للقمة العربية : انه فى ضوء المتغيرات العالمية السابق ذكرها ، فان مصر تعمل دائما نحو تدعيم علاقاتها الاقتصادية و التجارية مع مختلف الدول العربية ؛ سعيا نحو بناء توجه ورؤية عربية شاملة تؤمن بضرورة قيام السوق العربية المشتركة كخطوة فاعلة نحو تحقيق التكامل المنشود .
تجدر الإشارة إلى أن الصادرات المصرية إلى الدول العربية ارتفعت خلال الفترة يناير - سبتمبر 2003 إلى نحو 719 مليون دولار مقابل 565 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2002 بنسبة زيادة 27 . وفى نفس الوقت ارتفعت الواردات من الدول العربية بنسبة 16 خلال نفس الفترة لتصل إلى 707 ملايين دولار ، حيث كانت قد حققت تراجعا بنسبة 22 خلال عام 2002 مقارنة بعام 2001 .ويرى بعض الخبراء العرب أن تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى هى محاولة تمهد لتحقيق حلم التكامل الاقتصادى المنشود ودفع حركة التجارة البينية بين الدول العربية التى قدرتها بعض الدراسات بنحو 10 ، وهو ما يعد ضئيلا للغاية لما تمثله أسواق هذه الدول من عمق وتنوع ، حيث يصل حجم واردتها من دول العالم المختلفة نحو 148 مليار دولار فى العام . وأشار الاقتصاديون الى ان تحرير المعاملات التجارية بالكامل والغاء الرسوم الجمركية تماما سيكون اعتبارا من يناير 2005.. محذرين من أن فشل تنفيذ أهداف هذه المنطقة ستؤدى إلى نتائج وخيمة على العمل العربى المشترك ومصالح الامة العربية سواء على الصعيد السياسى أو الاقتصادى ، وتعكس فشل نصف قرن من تجارب التعاون الاقتصادى العربى التى لم تحقق أي نتائج ملموسة خاصة أن الاحتلال الأمريكى للعراق يزيد من نسبة المتشككين فى تحقيق تنسيق اقتصادى عربى . ويرى خبراء اقتصاديون عرب أن أهمية وقيمة التكامل الاقتصادى العربى تتأكد وتتعاظم يوما بعد يوم فى ضوء التحولات الاقتصادية العالمية التى شهدتها حقبة التسعينات بعد صعود الرأسمالية العالمية وفشل النظام الاشتراكى وتطبيقاته ، وانفراد الولايات المتحدة الامريكية بقيادة النظام الاقتصادى والسياسى العالمى وانتشارالتكتلات الاقتصادية وعولمة الانتاج والمعلومات والازمات الاقتصادية .
واوضحوا ان ذلك يتطلب تغيرات سياسية وتشريعية وتعديلات مؤسسية بشرط ألا يؤدي ذلك إلى التأثير على الخصوصية العربية الاسلامية وأن يتسم فى الاطار الذى يلائم الظروف العربية ، كما يرى العديد من الخبراء الاقتصاديين العرب ضرورة الاستفادة من الظاهرة العالمية التى تتمثل فى الاتجاه نحو التكتلات والاندماجات الاقتصادية وذلك على مستوى الدول والشركات والبنوك وغيرها من الموسسات ، وتجنب اثارها السلبية حيث ان أي دولة عربية لن تكون قادرة بمفردها على التعامل مع هذه الظاهرة . وأشار الخبراء إلى أنه اصبح فى ظل عالمية الانتاج عدم وجود سلعة تصنع بالكامل فى دولة واحدة ولكن يتم تصنيع اجزائها فى دول مختلفة ، حيث يمكن للدول العربية تحقيق ذلك فى انتاج العديد من السلع بأسلوب تكاملي . كما اشاروا إلى التطور التكنولوجى الهائل وأثاره على عملية الانتاج وتقسيم العمل والطلب على عوامل الانتاج وخاصة التى تخص الدول العربية فى انتاجها وتصديرها للعالم وتراجع دور المواد الأولية فى عملية التنمية وزيادة دور المكون التكنولوجى الذى تحتكره الدول المتقدمة وتتحكم فيه ، وهو ما يتطلب من الدول العربية ان يكون لديها الحد الأدنى من المكون التكنولوجى المحلى اللازم لعمليات التنمية العربية .
|