أعجبني كثيراً الطرح الرائع المنشور في هذه الصحيفة في صفحة (مقالات) (يوم الاثنين 8 صفر 1425هـ) من قبل الاستاذ (عبدالله الماجد) بعنوان (المؤسسات الخيرية الأمريكية لدعم إسرائيل).
وما جاء فيه من معلومات قيمة قد تخفى على كثير من الناس، و تدل على التحكم الإسرائيلي في الحكومة الأمريكية إلى نخاعها، حيث أوضح الاستاذ عبدالله في بداية مقاله إن (حكومة الولايات المتحدة الأمريكية هي من يتبنى حملة مسعورة تجاه أي عمل إسلامي خيري في حين تمنح أمريكا لمواطنيها حق الإعفاء الضريبي للأشخاص الذين يتبرعون بالأموال لإسرائيل).
هذا أمر واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، وبلا شك يقطعه يقين انه ليس هناك تباين في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، وواقع الحال يثبت ذلك، حتى لو كان هناك شيء من التبرم في بعض الأحيان، فهو تبرم محمودة عواقبه، ولا يمكن أن يمس العلاقة بين (الخليلتين) بسوء.
والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية تجسد بالفعل والمنطق مقولة (وجهان لعملة واحدة) فأمريكا تعامل إسرائيل بوجه غير الذي تعامل به العالم، وخصوصاً ما يسمى بالعالم الثالث، أو الدول النامية، فالكفة غير الكفة، ولكل له ميزان في العرف الأمريكي.
والدليل على ذلك أن هناك في الولايات المتحدة الأمريكية (حسب المقال) أكثر من ثلاثين منظمة داعمة علناً لإسرائيل، ومن أهم وأشهر تلك المنظمات منظمة (إيباك) المعروفة باسم (اللجنة الإسرائيلية الأمريكية للشؤون العامة) تعمل بموجب القانون الأمريكي.
أكثر من ثلاثين منظمة (مؤسسة خيرية) تعمل لدعم (الإرهاب) الإسرائيلي على الفلسطينيين إن لم يكن في العالم، وعلى مستوى عال في الحكومة المهيمنة على العالم- فهل من شك في أنها لن تحقق أهدافها وخصوصا فيما يتعلق بعالمنا الإسلامي؟ في الوقت الذي تتهم فيه أمريكا مؤسساتنا وجمعياتنا الخيرية بأنها مصدر للإرهاب، ولم تعلم أو تعلم أن المجرم شارون لم يكتف بالإرهاب في فلسطين، وأراد نشره في العالم وخاصة الإسلامي منه تنفيذاً لمخططات صهيونية وضعت منذ الأزل، فقام بقص الشريط إيذانا منه بتفعيل الإرهاب خارجيا عندما دنست قدماه المسجد الاقصى.
بعد ذلك نصبت الحكومة الأمريكية نفسها قاضياً وجلاداً، وبعد الاتهام حكمت على تلك الجمعيات والمؤسسات الخيرية بأنها مصدر للإرهاب يهدد العالم الأمريكي ويجب بتره، وأصدرت أوامرها بغلق معظمها، أما جمعياتهم ومؤسساتهم ومنظماتهم الخيرية (مصدر الرفق بالإنسان والحيوان) فقامت بزيادة تفعيل نشاطها لمواجهة ذلك الخطر خاصة في العالم الإسلامي طبعاً، هذا بالتعاون مع الحليفة الأولى لها في العالم الدولة العبرية إسرائيل.
وكما قال الكاتب في مقاله (ويحق لنا أن نطالب حكومة الولايات المتحدة بحل تلك المنظمات وبمنعها من جمع التبرعات وتحويلها إلى إسرائيل) كلام جميل لا ينقصه إلا توحيد الرأي والجهد في تنفيذه من قبل الحكومات العربية ولكن...!!
وأشار الكاتب إلى أنه إبان الحرب الأفغانية السوفييتية كانت أمريكا تدعم المنظمات الإسلامية في مناصرة شعب أفغانستان لدرجة أنها تسهل تدفق التبرعات عبر البنوك الأمريكية.. لماذا؟ بالطبع لأن ذلك يصب في مصلحتها بالدرجة الأولى لتحقيق أهدافها، وبالفعل تم لها ذلك حيث تم القضاء على الدولة المنافسة لها في سيادتها للعالم.
أما الآن فقد أصبحت هذه الجمعيات من ألد أعداء الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي في تنفيذ المخطط فيجب القضاء عليه.
بعد هذا ألا يحق لنا كمجتمعات إسلامية عربية أن ندافع عن جمعياتنا ومؤسساتنا الخيرية بشيء من الشفافية المطلقة في وجه هذا الظلم الذي يمارس وبكل وقاحة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من قبل (الكونجرس اليهودي الأمريكية) (وللمعلومية هذه إحدى المنظمات الأمريكية الإسرائيلية التي ذكرها الكاتب في مقاله) ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الرسمي لهذه الحملة؟ وهل سيؤدي بنا هذا السكوت والخضوع العربي الذي نتعايشه بمرارة مفرطة إلى خير؟ أشك في ذلك بيقين!! وكما قيل (نمرض ونعودهم، ويخطئون ونعتذر لهم).
صالح بن محمد الجعيثن
|