أخالُ الْحِسانَ الْحُورَ مِنْ جَنَّةِ السَّمَا
مَلائِكةً تَخْطُو عَلَى جَنَّةِ الأَرْضِ
أَتيْنَ زَرافاتٍ وَأنشأنَ مُنتَدىً(1 )
بِهِ الفِكْرُ يَجْلُو حُسْنَ بَعْضٍ إلى بَعْضِ
وَذا الفِكْرُ يَجلو لِلْمَلا وَ هْوَ نافِذٌ،
بِشَحْذٍ، إلى ما الدَّهْرُ يُخبِئُ أوْ يُفْضِي
صُنِعْنَ عَلَى عَيْنِ الزَّمانِ قَلائداً
مُزَيَّنَةً بِالرَّأيِ وَالْحَزمِ وَ الْمَخضِ( 2)
وَأَدْرَكْنَ عِلْماً فَارْتَقَيْنَ بِهِ ذُراً
وَجَلَّيْنَ أسْرارَ الْمَدَى الواسِعِ الْغَمْضِ
فَصِرْنَ خبيراتٍ عَلى كُلِّ مُرْتَقًى
وَصِرْنَ لأَوْطانٍ أساتِذَةَ النهْضِ
وَ عَيْنُ الرِّضا مِمَّا يُكابِدْنَ أَشْرَقَتْ
علَى نُهَزٍ يَهْدِي لَها الفِكْرُ فِي فَيْضِ( 3)
وَهُنَّ اللوَاتِي أشعَلَتْهُنَّ وَمْضَةٌ
أتتْ مُرْهَفَ الإحْسَاسِ فَاهْتَزَّ بِالوَمْضِ
وَأَذكَتْ قُلُوباً نَبْضُها يَعْشقُ العُلا
فَحَلَّقنَ فِي الآفاقِ مِنْ وَقدَةِ النبْضِ
وَسابَقنَ أعْلاماً عِظاماً أُولِي حِجاً
وَنافَسْنَ بِالشِّعْرِ الْجَليلِ أُولِي القَرْضِ
وَجُزْنَ مَسافاتٍ وَ جَدَّدْنَ أعْصُراً
لِيُوقِظْنَ هذا الشرْقَ مِن سِنَةِ الرَّبْضِ
فيَنهضَ فِي عَزْمٍ لِمَجدٍ مُؤثَّلٍ
تَكالَبَتِ الدُّنيا تُبَلِّيهِ بِالْمَرْضِ
وَهُنَّ اللواتِي لَوْ تَضَمَّخْنَ بِالشَّذا
مِنَ الزَّهَرِ الفوَّاحِ فِي الأيْكِ وَالرَّوْضِ
وَبَخْتَرْنَ كالظَّبْيِ الْمُدِلِّ بِخَطْوِهِ
وَرائعِ طَرْفٍ هَبَّ يَرْنُو فلا يُغضِي
لَهَيَّمْنَ مَنْ يَهْتَزُّ مِنْ كَحَلِ الْمَهَا
وتَيَّمْنَ من يَرْنو لَهُنَّ بِلا غَضِّ
فيَا لَزُهاءِ الدَّهْرِ.. يَختالُ مُمْسِكًا
بِأَرْسانِ رَكْبٍ قَدْ عَلَوْنَ لِكَيْ يَمْضي
وإنِّي لَمِثْلُ الدَّهْرِ أَزْهُو بِمَوْكِبٍ
يَجِدُّ بِهِ التَّسْيَارُ لِلْهَدَفِ الْمَحْضِ(4 )
دَؤُوبٌ مُغِذٌّ نَحْوَهُ فِي قَداسَةٍ
فَمَسْكُ زِمامِ الأَرْضِ جُزءٌ منَ الفَرْضِ