وقفنا في المقالة السابقة على مراتب إنكار المنكر ، واستفدنا من الفوائد العامة والخاصة في إقامة هذه الشعيرة . وفي هذا الطرح نتناول خطورة التساهل في إقامة هذه الشعيرة حيث لا ينبغي ان يحصل في هذا الأمر تواكل بان يلقي كل فرد من أفراد المجتمع المسلم بالمسؤولية على الآخرين ، ويعتقد في نفسه انه خال من المسؤولية أو يميل إلى رغبة نفسه لحب الراحة والدعة ؛ فهذا يؤدي إلى ضياع الأمر بالمعروف وفشو المنكر وضعف الخير ، وسيناله ضرر في نفسه أو أهله أو كليهما معا بسبب فشو المخالفات وكثرة التجاوزات التي لا يقرها الدين .
روى الترمذي بسند حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) ، وهذا وعيد شديد للأمة عندما تتساهل في هذا الجانب لما يترتب عليه هذا التساهل من الأثر السيء الذي يعم الأمة ولا يكون مختصاً بأحد دون أحد .. قال الإمام أحمد رحمه الله : (لا نزال بخير ما كان في الناس من ينكر علينا) .
وأورد هنا كلاماً جيداً للشيخ عبد الله الطريقي في بحث له عن الموضوع حيث يقول : (وفي ضوء ما تقرر فان إزالة المنكرات لهي من أوجب الواجبات واصل الضرورات لصلاح المجتمعات عندما تشطط عن طريق الهداية ويختار بعض أفرادها طريق الغواية ، فان تركت المنكرات ولم تنكر فستعبث به كما يعث الصوف في الصوف والثياب والطعام ويستخر في الأمة وتضعف حالها حتى تكون هزيلة رديئة لا يتحرك لها قوام ولا ترتفع منها أعناق ، بل سترضى من الأمر بالدون ومن المتع بالرديء ؛ حتى تكون لينة رخوة لا يحمى لها جانب ولا تسديد ضارب ، تستنجد من الغريب فك الأسر وحماية الأهل وأمن الديار وطرد الأغراب ، بل محتاجة منه إلى لقمة هانئة أو شربة سائغة لكنها إن أنكرت فقوتها مانعة وحالها متعافية) .
| 
"أفاق اسلامية"