في منطقة تبعد تقريبا عن الرياض حوالي 180 كيلو جنوبا، أرض طينية سبخة تبتلع الماشية، خصوصا الإبل لثقل وزنها بعد سقوط الأمطار الغزيرة.. سمعت عنها كثيرا فلم أصدق ما يحدث حتى وقفت عليها بنفسي منذ أعوام مضت وهالني ما رأيت: رأيت سفن الصحراء متفرقة فيها لا تستطيع حراكا، وكأنها أشباح أو صخور سوداء جامدة.. تتكرر هذه المأساة والمشاهد المؤلمة بتكرر الأمطار والسيول في هذه المنطقة، حيث إن السيول تجتمع فيها فتحيل أرضها إلى بؤرة طينية سبخة تبتلع مَنْ مرّ عليها. تكررت هذه الحادثة هذا العام نظرا لكثرة السيول، لكن المشهد هذه المرة كان مؤلما حيث إن الضحية عدد كبير من الإبل ساخت أقدامها في الوحل حتى بطونها.. فكم كان مشهدا مؤلما، الإبل التي لم تختف بكاملها لا يظهر منها إلا البطن والرقبة! فقد ذكر لي شاهد عيان أنه رأى بعض الإبل تختفي أبدانها كاملة في الطين فتهلك مباشرة. إنها في الحقيقة مشاهد مؤلمة تستدعي إيجاد حلول عاجلة من المسؤولين لاتساع مساحة هذه الأرض المهلكة، وعدم قدرة الأهالي على عمل أي شيء تجاه هذه الكارثة إلا الانتظار حتى تيبس الأرض ويتم الوصول إلى الإبل التي نفق بعضها جوعا أو عطشا والبقية تنتظر! وبحسب شهادة أحد الأهالي ان لها في هذا المكان أكثر من 16 يوما، ولم يستطيعوا إخراجها، وبعضها أخرجوه سحبا بالحبال من مسافات بعيدة.
وأثناء تنقلي في هذه البقعة رأيت طريقا مردوما باتجاه الإبل لا يزال العمل عليه جاريا.. وهو جهد مشكور جزى الله القائمين عليه خير الجزاء، لكنه حتى الآن لم يصل إلى مكانها.. وأظن ذلك حلا مؤقتا لا يقضي على هذه الكارثة التي تتكرر بتكرر الأمطار والسيول في هذا المكان الموحش بسبب اتساع هذه الأرض وتفرق مكان الإبل عن بعضها البعض.
لكن هذا الطريق وضع باتجاه أكبر مجموعة منها.. إنها مجرد حلول فردية لا تعالج هذه المشكلة.. ولا شك أن أصحاب الإبل يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية جراء إهمالها.. فكل راع مسؤول عن رعيته، فإن لم تهلك بهذا الشكل فقد تتسبب في إزهاق الأنفس على الطرقات بسبب هذا الإهمال واللامبالاة.
وفي الختام.. هذا نداء عاجل للمسؤولين بإيجاد حلول مناسبة تحمي من هذا الفخ الذي يذهب ضحيته عدد كبير من الإبل السائمة كل عام أمام أعين أصحابها، الذين لا يستطيعون فعل أي شيء تجاه هذا المأزق، خصوصا إذا علمنا أن هذه الإبل هي مصدر الرزق الوحيد لبعضهم. مع دعائنا للقائمين على ذلك بالتوفيق لكل خير في ظل هذه الدولة المباركة ،حرسها الله عزَّ وجلَّ من كيد الأعداء. وللمعلومية.. هذه المنطقة تقع غرب محافظة الحريق.
عبدالله بن محمد ناصر الكثيري/ الرياض - وزارة الإعلام |