حضر وليد من مدرسته وعيناه البريئتان مليئتان بالدموع وأنفاسه الطاهرة تتصاعد وتنخفض تارة بسرعة عالية وتارة أخرى ببطء.. وليد ابن 10 أعوام تأثر بما تناقله زملاء المدرسة من مواضيع حول الإرهاب ودور رجال الأمن في ذلك.
نظر وليد إلى والده وبصوت يملؤه الحزن وخاطبه قائلاً: لماذا يحدث الإرهاب في موطن الحرمين وطن الأمن والأمان؟؟.
يا ولدي سأخبرك عن بشر مثلنا خلقهم الله ولكنهم أشرار، يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ يقتلون رجال الأمن حماة الوطن، وسأخبرك شيئاً ولكن لا تندهش هم يقتلون أنفسهم أيضاً.
أخبرنا مدرس التربية الدينية يا أبت بأن هؤلاء مجموعة من الشباب ضلل بعقولهم من قبل أناس لم يجعلوا كتاب الله وسنة رسوله مرجعاً لهم، فكان مصيرهم الانحراف عن الدين الإسلامي الصحيح الذي فضله الله على جميع الديانات، وآخى فيه بين المسلمين وجعلهم أمة واحدة.. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (تركت لكم شيئاً ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي).
أتعلم يا أبت بأن هؤلاء يعتقدون بأنهم سينالون الجنَّة،- والله لن ينالونها والله لن ينالونها والله لن ينالونها -.. كيف ينالونها وهم قتلوا النفس التي خلقها الله لعبادته قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
قتلوا وجدان يا أبت سلبوها براءتها، ولكن لتهنأ أم وجدان، فوجدان لم تمت، وجدان يا أبت في منزلة الرسل والأنبياء، وهم في نار جهنم خالدين مخلدين فيها وعليهم غضب الله وسخطه.. قال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} وقال سبحانه: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}.
يا أبت أبناء الشهداء بآبائهم مفتخرون وآباء الشهداء بأبنائهم يفتخرون.
يا أبناء الشهداء أهنئكم بآبائكم الأبطال آباء قدموا أرواحهم ودماءهم وأجسادهم لنصرة ديننا ووطننا العزيز.. وكم تمنيت لقياكم لكي تصافح يداي الصغيرتان أياديكم، وبكل اعتزاز أقولها لكم: أولياء أموركم قاموا بعمل عظيم، سيكون لكم ولأحفادكم ولوطننا مجد جليل.
يا أبت أود تقديم رسالة من قلب طفل صغير إلى قوم ضلل بعقولهم: توبوا إلى الله وارجعوا قبل أن تلطخوا أيديكم بدماء المسلمين وعندها سيكون الخسران المبين.. ولتعلموا أن من قتل مسلماً كأنه قتل الناس أجمعين قال رسول الله عليه السلام (لزوال الدنيا أهون من قتل رجل مؤمن).
يا أرباب الفكر الضال تدبروا كتاب الله وسنة رسوله ولتعوا قول الله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}.. وقوله: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} وقول رسول الله عليه السلام (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما) وقوله: (من حمل علينا السلاح فليس منا).
يا أبت سأكون من اليوم رجل وطن رجل دين رجل أمن لدينه ووطنه سداً منيعاً يا أبت نحن نقاتل ونصر الله معنا نحن نقاتل وملائكة الله عوناً لنا يا أبت نحن نقاتل الطغيان والإرهاب نحن للحق مدافعون نحن لله جنود وهم للشياطين جنود وعن الباطل يدافعون اتخذوا من الطغاة عوناً لهم فجعلوا الحق باطلاً والباطل حقاً. يا أبت سأناضل من أجل الدين والوطن حتى أنال الشهادة في سبيل الله وحينها ستكون أب الشهيد وليد.
سماح فرج سليم الشهراني
|