Thursday 20th May,200411557العددالخميس 1 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

(المهندسون) والكادر المنتظر..!! (المهندسون) والكادر المنتظر..!!

اقرأ ما يكتب على صفحات هذه الجريدة من اهتمام لوزارة الخدمة المدنية في تدريب وترقية موظفي الدولة وتوظيفهم بوظائف تناسب تخصصاتهم ومنهم (المهندزون) .. كان (المهندزون) بالزاء هم من الفئات التي عرفت في عصور قديمة لم تكن هناك كليات (للهندزة) او الهندسة كان هؤلاء هم الذين يتولون الاشراف على بناء القصور وطرق التجارة كطرق الحج التي تخترق الجزيرة العربية في وقتنا الحالي نرى آثار هذه المباني الجميلة الاقواس والتي تطبق فيها ادق قواعد الهندزة كمثل (القوس) الذي نراه شامخا في بعض المباني الاثرية يعتمد على نظرية حديثة في نظريات هندسة (هندزة) العمار في وقتنا الحالي.
لعلكم تعجبتم من كلمة (المهندزون) بدلا من المهندسين فالاصل الاساسي هو (الهندزة) والمهندزون كما وردت في معاجم اللغة وهي من الفارسي المعرب فلنرجع مع الكلمة الى اصلها ونقول (مهندز) (مهندزون) كما ينطقها العامة وكان (المهندزون) في السابق لايرجعون غالبا الى دراسة وكتب بل هي حرفة من ضمن الحرف وهي خاصة فقط ب (البناء) والزخرفة ولم تكن علما قائما بذاته مثل العلوم الدينية واللغة العربية، والقضاء، والتعليم، وغيرها ولكن بعد الثورة العلمية والصناعية في العالم المتقدم بدأت تنشأ علوم في الهندزة او الهندسة (ما تفرق) فنشأت الهندسة المدنية والكهربائية بعد ظهور الكهرباء والدوائر الكهربائية فهي مرتبطة بالمخترعات الحديثة والهندسة الميكانيكية والصناعية وهندسة الحاسب الآلي وغيرها من اختصاص الهندسة ولم تدخل الهندسة في المملكة العربية السعودية الا بعد الطفرة التي شهدتها المملكة خلال العشرين سنة الاخيرة وقد كان نظام الخدمة المدنية وبعض الوزارات سابقة لوجود المهندسين في بلادنا.. وربما كان هناك مهندسون سعوديون ولكنهم معدودون على الاصابع.. وعند وضع نظام الخدمة المدنية ادمج المهندسون مع سلم رواتب الموظفين العام والذي ليس هناك فيه فرق بين التخصصات المختلفة الا في بعض النماذج وبعد النهضة والتطور اللذين شهدتهما المملكة كان هناك بعض الفئات التي ساهمت في البناء والتطوير وكان من حقهم ان يكون لهم تقدير وتميزا مثل المعلمين، القضاة، العسكريين، الاطباء، وغيرهم.. وهذه الفئات تعود كل فئة منها الى وزارة معينة فالاطباء يعودون لوزارة الصحة والمعلمين لوزارة التربية والتعليم والقضاة لوزارة العدل اما المهندسون فانهم يعودون لكل الوزارات تقريبا فكل وزارة يتبعها ادارة للمشاريع او ادارة هندسية وهناك الشركات الكبرى (القطاع الخاص) بل كل فرع لوزارة مهما كان صغيرا لابد ان يتبعه ادارة فنية وهناك بعض الوزارات التي هي وزارات فنية بطبيعة خدماتها كوزارة النقل، ووزارة الشؤون البلدية والقروية،.. وجميع هؤلاء المهندسين في هذه الوزارات هم على الفئة نفسها والوظائف نفسها.
وهنا سأقدم بعض الملاحظات والرؤى التي يجب ان نرى نقاشا وجوابا حولها:
أولا: حسب نظام الخدمة المدنية الحالي ليس هناك فرق بين تخصصات الهندسة المختلفة فليس هناك فرق بين المهندس المدني والمهندس الكهربائي والمهندس الميكانيكي بل الجميع يخضعون للنظام نفسه الذي تخصع له نظام الموظفين العام والترقيات والوظائف فيه خاضعة للمفاصلة والمسابقة الوظيفية التي تعتمد على سنوات الخدمة بغض النظر عن ماهية التخصص او الاسهامات والابداعات التي يقدمها المهندس فالوظائف العادية تعتبر هي الدراسة بحد ذاتها فيمكن ان يبدأ احد الموظفين وهو امي لم يدرس ويندرج بناء على خدمته المكتسبة من الوظيفة ويساوى بمرتبة المتعلم وهذا ليس انتقاصا منه فربما تكون قدراته وجهده أفضل ثمنا تعلمه ولكن لابد من وجود اعتبار للجهد المبذول سواء في اداء الخدمة او في الدراسة والتعليم.. فليس من المعقول ان يكون الجهد المبذول وظيفة هندسية (عمرانية) على سبيل المثال مواز لجهد وظيفة تحريرية كتابية.
ثانيا: ليس هناك جهة معينة تتبنى المطالبة بحقوق المهندسين المهضومة او تدافع عنهم مما جعلهم مشتتين ومتفرقين في عدد من الجهات ولا رابط بينهم ولاشك انني احترم ما تقوم به الهيئة السعودية للمهندسين بمتابعة من امينها العام المهندس صالح بن عبدالرحمن العمرو وما تقوم به حاليا من بحث للاوضاع المهنية للمهندسين ووضع برنامج لتطوير المهنة هو جهد مشكور ولكنه بحاجة الى دعم من وزارة الخدمة المدنية لكي يتم تطوير هذا البحث الى مشروع توصيات لكل من مجلس الشورى ووزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية لوضع خطوات تنفيذ به لبحث اوضاع المهندسين.
ثالثا: ارى ان تقوم الهيئة السعودية للمهندسين بالقيام ببحث لاوضاع المهندسين الوظيفية حاليا وتصنيف اعمالهم التي يقومون بها ومقارنتها مع تخصصاتهم وخبراتهم ومحاولة وضع برنامج مع الوزارات لوضعهم في اماكنهم الصحيحة وان يوزع هذا الاستبيان على جميع المهندسين ومحاولة سبر اغوارهم ومعرفة آمالهم وتطلعاتهم.. وان تشترك الهيئة مع مجلس الشورى في تخصيص جلسة لمناقشة اوضاع المهندسين بحضور نخبة مختارة منهم لهذا الغرض.
رابعا: اثبت استطلاع او دراسة قام بها معهد الادارة العامة ان 50% من المهندسين يعملون في مجالات غير مجالات تخصصهم ودراستهم وهذا يعني تسرب نصف المهندسين من المجالات التي تعلموها ولاشك ان مثل هذا خسارة كبيرة للتنمية البشرية في بلادنا فهناك حوالي 8 كليات للهندسة او العمارة والتخطيط منتشرة في جامعاتنا وهذه الكليات صرف عليها ملايين الريالات لاعداد هؤلاء المهندسين وتعليمهم وتدريبهم واذا تخرج هؤلاء المهندسون ووجدوا مجال العمل محبطا لهم في المجال الحكومي وشبه تعجيزي في القطاع الخاص ووجدوا غير هذه المجالات احسن حالا واقل جهدا فهم حتما سيتوجهون الى هذه المجالات كالتعليم مثلا ولاشك انه مهنة سامية جدا ولا يعني التوجه لها انها اقل من مهمة الهندسة ولكن المهندس هو متخصص في الهندسة وليس في التعليم التربوي الذي هو من اختصاص المهندس جزئيا وليس كليا.. ان تسرب 50% او اكثر من المهندسين يعني ان ليس هناك علاقة بين التعليم والتوظيف وهذا التعليم الهندسي يذهب هدرا وهباء منثورا.. بل ان هناك اقساماً للهندسة كهندسة النفط يبقى خريجوها بدون وظائف اطلاقا ومنذ سنوات.
خامسا:لاشك ان للمهندسين علاقة وثيقة بالاقتصاد الوطني وتقدمه فالمهندسون هم العماد الذي يعتمد عليه بعد الله في النهضة العمرانية والصناعية وهذه المشاريع التي يصرف عليها آلاف الملايين من الريالات لاشك انهم يمكن الاقتصاد في الصرف عليها والصرف عليها بشكل يضمن عدم الغش والمغالاة فيها والهدر الذي يذهب عليها بسبب سوء التنفيذ او زيادة المواد المصروفة لها عن طريق تطوير مهنة الهندسة وهذه المهنة لايمكن تطويرها الا بإيجاد حوافز مغرية للمهندسين للدخول في هذا المجال.. المهندس يشرف على مشاريع بملايين او عشرات او مئات الملايين من الريالات ويمكن في حالة الاشراف الفني العلمي عليها توفير مئات الملايين من الريالات (الهندسة القيمية) افلا يستحق المهندسون نظرة اليهم بأقل بكثير مما يمكن توفيره في حالة وجودهم اليس هذا بحد ذاته مبررا كافيا ومنطقيا لدراسة اوضاع المهندسين الوظيفية ومحاولة تطويرها وايجاد حوافز تشجيعية لهم للدخول بقوة في هندسة الوطن.
ولنا ان نورد مقارنة بين طالبين تخرجا من الثانوية العامة واتجه احدهما الى كلية الهندسة والآخر الى كلية ادبية سنجد ان خريج الكلية الادبية سيتخرج من كليته خلال 4 سنوات بدراسة ممتعة للادب ويقرأها وهو نائم او مسافر ويتخرج من الكلية ويستلم راتبا مغريا اما زميله الذي دخل كلية الهندسة فقد بدأ بدراسة الكيمياء والفيزياء والرياضيات واللغة الانجليزية ثم بدأ بالتخصص وبالبحوث العلمية ومشروع التخرج الذي هو اشبه برسالة ماجستير وتخرج في 6 سنوات بعد ان بذل جهدا كبيرا وبالكاد ثم توظيفة بعد سنة او سنتين من تخرجه واستلم راتب (5070 ريال) ولم يتغير هذا الراتب ولم يزد وهو راتب يعتبر من يتسلمه فهو يعيش دون حد الكفاف..!! اما عمله الوظيفي فهو يشرف ويستلم مشاريع بعشرات الملايين من الريالات ويوقع على مستخلصاتها..!! وفي ساعات العمل يزيد على زميله الآخر بأكثر من 3 ساعات ويستمر دوامه الى صلاة العصر وفي وقت غداء الناس وقيلولتهم وزملائه في القطاعات الاخرى..!! (المساواة غير موجودة ابدا)..!!
سادسا: هناك سلالم وظيفية (كادر) وضع لجميع فئات الموظفين في الدولة فهناك كادر المعلمين وهناك كادر لاعضاء هيئة التدريس وهناك كادر الاطباء وهناك كادر القضاة وهناك كادر وظيفي يضمن الترقية الاتوماتيكية لهم.. هؤلاء كانوا ضحية الاجنبي الذي كانت البلاد تعتمد عليه حتى وقتنا الحالي.. وكذلك لانهم كانوا عند وضع سلم رواتب الموظفين معدودين على الاصابع اما الان فان عددهم يبلغ اكثر من (60.000 مهندس) بمختلف التخصصات وحتى نستفيد من هؤلاء الذين خسرت الجامعات الملايين من اجل تدريبهم وتعليمهم فلابد من وضع حوافز تشجيعية لهم لخدمة بلدهم فهم ليسوا منظمات خيرية.
سابعا: بوجود اشراف فني هندسي وطني على جميع مشاريع الدولة فان هناك وفرا كبيرا سيتم توفيره من خلال الاشراف والمتابعة الدقيقة لهذه المشاريع.. قد يقول البعض ان ذلك من خلال (الهندسة القيمية) التي تهتم بالتوفير ولكن الامر اكبر من ذلك وأضرب لكم مثالا لنفترض ان هناك طريقا طوله 100 كم سيتم انشاؤه بين مدينتين وتم تصميمه من قبل احد الاستشاريين بحيث يتم وضع ميول له لمسافة الرؤية وبارتفاع 3أمتار عن سطح الارض وبعد حساب تكاليفه وجدت 100 مليون ريال وبعد اعادة تصميمه من قبل مهندس وطني بحيث يتم الاستغناء عن الارتفاعات غير المطلوبة وبحيث يتم جلب مواد الردم من موقع الطريق نفسه فتصل التكاليف الى 70 مليون ريال وبنفس جودة الطريق السابق.ومن هنا فان الانفاق المالي لتحسين اوضاع المهندسين ووضع كادر وظيفي خاص لهم سيكون توفيرا لصندوق المال العام وهذا شيء ربما لاينطبق على فئات الموظفين الاخرى واراه بصورة منفردة مع المهندسين.
ثامنا: مادام ان الانفاق المالي لتحسين اوضاع المهندسين هو وفر للميزانية العامة للدولة فما حجة وزارة المالية في عدم دراسة الموضوع حتى الان انني اضع الكرة الان في مرمى وزارة المالية قبل وزارة الخدمة المدنية.
انني اناشد معالي وزير المالية والاقتصاد الوطني الدكتور ابراهيم العساف ان يتم تشكيل لجنة من كل من وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية والاقتصاد الوطني والهيئة السعودية للمهندسين وبمبادرة من وزارة الخدمة المدنية لدراسة اوضاع المهندسين الحالية وظيفيا وتدارك تسربهم من القطاعات الحكومية التي تؤسس البيئة الاساسية للمشاريع من هذه اللجنة يجب ان تخرج بتوصيات تصب لصالح المهندسين ولصالح التوفير في الهدر المالي الذي يحصل في بعض المشاريع التي لا تخضع لاشراف فني وثيق.. وأكرر ان وضع كادر للمهندسين هو توفير للمال العام.

م.عبدالعزيز السحيباني


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved