تصفيق لبوش ورصاص للفلسطينيين

انطلقت موجة من التصفيق الحاد من عتاة الصهاينة للرئيس الأمريكي جورج بوش بينما كانت تنطلق في ذات الوقت زخات كثيفة من الرصاص إلى صدور ابناء مخيم جنين الذي استباحته ولليوم الثالث على التوالي القوات الإسرائيلية ليسقط 20 من الشهداء في يوم واحد.
كانت الحفاوة بالغة في لجنة الشؤون الاسرائيلية الأمريكية (ايباك) التي تضم اساطين المجتمع اليهودي البالغ النفوذ في الولايات المتحدة، بالرئيس بوش، وبلغ الانفعال ببعض الصهاينة الى حد اطلاق عقائرهم هاتفين بضرورة انتخاب بوش لاربع سنوات اخرى في البيت الابيض، فبوش هو الذي يغدق بسخاء الوعود القابلة للتطبيق لاسرائيل وهو الذي يبارك اعتداءاتها اليومية على الشعب الفلسطيني وهو الذي اعطى الضوء الاخضر لشارون لتنفيذ خططه الجديدة التي تنص في جانب منها على عدم الانسحاب الكامل من الضفة الغربية، كما ان بوش دعا الى اسقاط حق العودة لاكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، رغم ان هذا الحق منصوص عليه في القرار 194 الصادر من مجلس الامن الدولي.
وجاء مؤتمر اليهود الأمريكيين (ايباك)، وهو اكبر تجمع لهم، متزامنا مع فورة احداث ساخنة بقطاع غزة حيث يشن عسكر شارون الهجوم الإسرائيلي الاكبر على قطاع غزة منذ اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000م، ليشكل المؤتمر بذلك فرصة اخرى امام بوش ليردد مثل كل مرة القول ان لإسرائيل الحق في اتخاذ ما تراه لحماية امنها.. والطريقة المثلى الإسرائيلية للحفاظ على الامن تكون دائما بقتل النساء والاطفال وتدمير المنازل، حيث دمرت في جولة المذابح الاخيرة في رفح اكثر من مائة منزل، لكنها سمحت لنفسها ان تكذب قائلة ان الفلسطينيين ساهموا ايضا في تدمير منازل لهم لاستدرار العطف الدولي. ويتعين على إسرائيل ان تكون مستعدة لرد فعل فلسطيني، فهي مهما توفر لها من قوة لا تستطيع التكهن بمدى رد الفعل على مثل هذه الجرائم، وهو في الغالب يأتي موجعا ومؤثرا، وكانت إسرائيل قد تلقت ضربة قوية خلال هذا العدوان الاخير عندما فجر رجال المقاومة ثلاثاً من عرباتها المدرعة بما فيها من جنود وذخائر بهجمات نوعية للمقاومة اذهلت الإسرائيليين.
وعندما ترد المقاومة تنبري لها أمريكا منددة بهذا الرد مصنفة اياه في باب الاعمال الارهابية التي ينبغي ادانتها، ومن ثم تصب لعناتها على القادة الفلسطينيين، قائلة في كل مرة انهم لا يعبرون عن طموح شعبهم، متناسية في ذات الوقت ان هذا الشعب هو الذي انتخبهم ومتجاهلة ان الانتخاب تم بطريقة ديموقراطية لا تكف هي عن الدعوة اليها ليل نهار، بل وتجيش الجيوش من اجل توفيرها ان لزم الامر، ومع ذلك فإنها لا تستسيغ هذه الديمقراطية في ارض فلسطين طالما انها تأتي بقادة يتحدثون عن حقوق شعبهم ويطالبون بسلام عادل وشامل.