استغرب أغلب المتداولين من تكرار الانهيار شبه الكامل بشكل دوري حيث ما لبث ان افاق صغار المتداولين من صدمة قبل رمضان والذي انهار فيه السوق بشدة لتأتي انهيارات أمس أو أول أمس فقد أبدى المتعاملون في سوق الأسهم انزعاجهم الكبير للآلية التي تدار بها السوق من صعود حاد خلال الشهرين الماضيين وانهيار تام للآلية خلال يومين فقط أتى على الأرباح السوقية التي جنوها خلال 30 يوماً وقد بحث العديد من المتعاملين الأسباب المقنعة للانهيار القوي خلال يومي الثلاثاء والاربعاء والذي فقد فيه المؤشر مكاسب عالية تمثلت في خسارته 9.19% والذي نزف 570.65 نقطة وبذلك يصل متوسط الخسارة قرابة 285.32 نقطة مشكلة هبوط 4.59% يومياً وهو ما يعد انهياراً حقيقياً والذي تمثل في مسح أوامر الشراء منذ الساعة الأولى من التعاملات الصباحية باغراق العروض بشكل متواصل وسريع عملية إقفال الشركات على الحد الأدنى حيث أغلقت أول أمس الثلاثاء 18 شركة على الحد الأدنى 10% نزولاً وتبعتها بقية الشركات الرئيسة في النزول تجاوزت 8% الى 4% بلا استثناء وجاءت تعاملات أمس الاربعاء أسوء من تعاملات يوم الثلاثاء الماضي فهبط المؤشر بالكامل قرابة 351 نقطة مشكلاً هبوط 5.72% في يوم واحد وهو ما يعد مستوى قياسياً أيضاً من الهبوط في يوم بلا رابط مصيري وقد بحث أغلب المراقبين لسوق الأسهم عن الأسباب المباشرة التي أدت للنزول الحاد والذي لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع الصعود خلال الفترة الماضية والذي لم يتجاوز قرابة 110 نقطة ارتفاعاً للمؤشر في يوم واحد وهو ما كان ارتفاعاً يشكل قرابة 1.5% تقريباً بعكس حجم الانهيار القوي 5.72% أمس الاربعاء قرابة 351 نقطة و3.47% أول أمس والذي شكل قرابة 220 نقطة حيث كان الهبوط خلال اليومين الأسودين في تاريخ سوق الأسهم المحلية عنصراً طارداً للمتعاملين من الانخراط في التعاملات بعكس التوجه العام للدولة في المستقبل بتهيئة سوق الأسهم المحلية لسوق المال القادم بحيث يكون عنصراً جاذباً للسيولة وخصوصاً المواطنين والأجانب في مرحلة قادمة وقد اجمع عدد من المتداولين ان السوق حقق صعوداً جيداً خلال عام 2004م تجاوز 39% متزامناً مع المعطيات الايجابية للاقتصاد الوطني وفي مقدمتها انفلات أسعار النفط الى مستويات قياسية عليا اضافة الى اقدام المؤسسات المالية في الدولة الى حث المتعاملين للدخول في السوق مع التصريحات المتعددة عن قوة السوق ومتانة الاقتصاد ومما ساهم في ايجاد علاقة ثقة بين صغار المتعاملين المستجدين على السوق وسوق الأسهم المحلية الناشئة واعترف بعض المتداولين أن السوق شهد خلال الآونة الأخيرة حمى مضاربات على الشركات الصغيرة العديمة العائد والتي تجاوزت أسعارها المستويات المقبولة ولكن في المقابل رأي كبار المتعاملين ان الهبوط طال جميع الشركات مع الأسف بلا استثناء القوية والضعيفة ليومين متتاليين وظهر حجم الاعياء السعري على الشركات الكبرى في تعاملات أمس الاربعاء والذي رسخ تاريخه في أذهان صغار المتعاملين حيث أجبر بعضهم على البيع سواء عن طريق البنوك لأخذ تسهيلات مع اطمئنانه لآلية السوق وثقته بصلابة الاقتصاد الوطني أو اجبر نفسياً مع التناقص الحاد لهامش رأس المال العامل به مع دفعه للبيع بأي سعر حيث لوحظ اندفاع صغار المتعاملين ومتوسطو المتداولين الى البحث عن طلبات للشركات وليس السؤال التقليدي عن السعر المناسب فلم تعد الأسعار مهمة بقدر أهمية وجود طلبات في شركة ما نظراً لشح أوامر القوى الشرائية في ظل غياب التخمينات من قبل مسؤولي سوق المال، فقد سجلت جميع الشركات أمس لوناً أحمر وتباين الاحمرار من شركة لأخرى وخطيت قرابة 46 شركة نزولاً حاداً اقترب من 10% بلا طلبات من أصل 71 شركة تم تداول اسمها وبذلك نسبة الشركات المقيدة الحد الأدنى 65% من عدد الشركات المدرجة في السوق وهو ما يعد ظاهرة تحتاج الى تفسير من جهات رسمية حيث لا يعقل ان يتداعى سوق الأسهم في ظروف اقتصادية ممتازة فلم يكن السبب الرئيسي هو تقيد أصحاب التسهيلات او المرابح وإنما عملية ربما تكون منسقة بين بعض صناع السوق والذين فرغوا أسهمهم وخصوصاً في سهم الكهرباء الذي سبب قلقاً متصاعداً منذ صعوده الحاد خلال الاسبوعين الماضيين حيث يعد سهم الكهرباء سهماً قيادياً وثقيلاً له قدره كبيرة على امتصامه السيولة السوقية وقد نبه بعض المتعاملين الى ان السوق وخصوصاً أمس الاربعاء هبط بكميات محدودة لم تتجاوز 28 مليون سهم وصلت كفلتها 6 مليارات ريال مقارنة بأول أمس والذي كان حجم التداول فيه 59 مليون سهم بلغت كلفتها السوقية 13 مليار ريال وبذلك يكون حجم الرجيع في سوق الأسهم أمس قد انخفض 54% كقيمة سوقية و52% في حجم التداول العام وهو ما يفسر احجام كبار المتعاملين على التفريط في اسمهم لبلوغ المستويات السعرية للحدود الدنيا.
وقد تعالت أصوات المتعاملين اتجاه ضعف الرقابة على آلية السوق اضافة الى تباين القرارات المالية بين مؤسسة النقد والبنوك المحلية من حيث حجم التسهيلات والمرابحة والضوابط المرفقة معها والتي تتغير بشكل سريع مما يضر بمحافظ صغار وكبار المتعاملين على حد سواء وينعكس سلبا على مسار السوق بصفة عامة وقد بحث المتعاملون عن الأسباب الكامنة وراء الانهيار الحاد غير موضوع تحجيم التسهيلات والمرابحة وان هناك قوى تتلاعب في آلية السوق عن طريق استخدام الضغط النفسي بتكديس العروض وسحب الطلبات لايهام المتعاملين باستمرار مسلسل النزول مما يقف حجر عثرة في استقطاب المزيد من السيولة وهو ما ينعكس على آلية السوق في المستقبل ومن هنا سعت جريدة (الجزيرة) الى الغوص في حيثيات الانهيار السوقي لأسعار الشركات واستطلاع أهل الاختصاص.
|