* القاهرة - مكتب الجزيرة - صابر حمد:
بعيداً عن مؤامرات الإصلاح الأجنبية المشبوهة استعرض مؤتمر الديمقراطية في الوطن العربي والذي نظمه مركز دراسات وبحوث الدول النامية بجامعة القاهرة العديد من رؤى الإصلاح وأفكار القوى السياسية العربية.
أكد المؤتمر الذي استمر لمدة يومين على ضرورة الإصلاح النابع من قيمنا ومبادئنا ويتلاءم مع مجتمعاتنا وقال الدكتور كمال المنوفي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ورئيس مركز دراسات وبحوث الدول النامية: إن الإصلاح السياسي في العالم العربي والخليجي لا يطلب لذاته ولكن يطلب لتحقيق التقدم
والتنمية فلا ضمان لتواصل جهود التنمية بدون قرار رشيد ولا يكون رشد القرار إلا من خلال المشاركة.
أضاف المنوفي انه بعيدا عن الجدل العقيم حول الموقف من المبادرات
الأمريكية للإصلاح هناك تساؤل .. هل الإصلاح السياسي حتمي وقال: إذا كان هناك شيء مفيد من مبادرات الإصلاح هل يوجد مانع للاستفادة بها وقال :إن الإجابة بنعم.
أكد د. عبد الكريم الدخيل رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز: إن الإصلاح اخذ زخما إعلاميا لأسباب منها 11سبتمبر والطرح الأمريكي لمشروع الشرق الأوسط الكبير وقال الدخيل: إن الإصلاح في المملكة العربية السعودية كان سابقا على الطرح الأمريكي.
أشار الدخيل إلى انه تأكيدا لتبني القيادة السعودية منهج الإصلاح وضع خطاب الملك فهد في افتتاح مجلس الشورى في 13 مايو 2003 الخطوط العريضة لمجمل جوانب الإصلاح المستهدفة في المملكة بما في ذلك الإصلاح السياسي والإداري والعمل على توسيع نطاق المشاركة السياسية حينما أعلن الملك فهد بن عبد العزيز أن الحكومة ستواصل السير في طريق الإصلاح السياسي والتشريعي وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية وفتح المجال أمام المرأة.
ويمكن تلخيص أهم التوجهات الإصلاحية في الخطاب الملكي في الآتي :-
التشديد على أن تظل الشئون الداخلية للمراجعة الذاتية والإصلاح بعيدا عن الضغوط الخارجية، تأكيد أهمية استمرار عملية الإصلاح السياسي والإداري وزيادة الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية ومراجعة الأنظمة والتعليمات وتوسيع نطاق مشاركة المواطنين، الدعوة للاهتمام بإصلاح التعليم ومناهجه وذلك لما له من دور في غرس الأفكار وتنشئة الشباب، الإشارة لضرورة الوحدة الوطنية لمكافحة التطرف وتنمية روح الحوار مع الدعوة لتبني خطاب إسلامي وسطي معتدل وتحميل علماء الدين مسئولية نشر التسامح وإنقاذ الشباب من شر أفكار الغلو والكراهية، دعوة الإعلام للمحافظة على الوحدة الوطنية والمساهمة في خلق ثقافة الانفتاح وممارسة الحرية المسؤولة.
وحقيقة شهدت المملكة خلال الفترة الماضية عددا من التطورات الإصلاحية فعلى المستوى المؤسسي اصدر الملك فهد بن عبد العزيز أمرا ملكيا يقضي بإجراء تعديل على نظام مجلس الشورى كما تم تعيين وزير دولة وعضو في مجلس الوزراءلشئون مجلس الشورى بهدف إيجاد مزيد من التكامل والتنسيق بين مجلسي الوزراء والشورى كون أن تعديل المادة 17من نظام مجلس الشورى ينص على انه إذا اختلفت وجهات النظر بين مجلسي الشورى
والوزراء يعاد الأمر مرة أخرى إلى مجلس الشورى وهذا الأمر يتطلب مزيدا من التنسيق بينهما لتفادي التضارب. وفي تطور مهم أعلنت الحكومة السعودية في بيان لها في 13 أكتوبر 2003 انه ستقوم بإجراء انتخابات بلدية لنصف أعضاء المجالس البلدية خلال فترة عام من ذلك التاريخ وسيكون النصف الأخير عن طريق التعيين ويتوقع البعض أن يكون ذلك مقدمة لإدخال مبدأ الانتخابات في اختيار أعضاء مجلس الشورى.
وعلى صعيد تعزيز حقوق الإنسان سمحت الحكومة السعودية بتشكيل الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في مارس2004 كما تم إنشاء هيئة الادعاءوالتحقيق لتقوم بمهام التحقيق مع المتهمين بدلامن الشرطةكما عملت الحكومةالسعو دية على تحسين وضع السجون وسمحت الحكومة السعودية لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان بزيارة المملكة للمرة الأولى. وفيما يتعلق بحريةالرأي والإعلام تمت الموافقة على تأسيس جمعيةللصحافيين السعوديين تضطلع بمهمة تنظيم العلاقات بين المتخصصين في مجال الصحافة وخلص الدخيل إلى أن مجمل عملية التحديث في السعودية قادت لتطوير مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية لذا فان الاستمرار في عملية الإصلاح والتحديث سيجعل من المملكة بلادا مؤهله للتعامل مع التحديات المعاصرة والاستحقاقات الدولية والداخلية. وتساءل حسين ابو طالب الخبير بمركز الدراسات السياسية بالأهرام هل المجتمعات العربية راغبة في الإصلاح أم أنها راضية على ما هي عليه الآن أجاب: انه لابد من التأكيد على أن المجتمعات العربية ترغب دوما في التطوير والإصلاح ولكن النابع من رؤيتها مشيرا إلى انه لابد من وجود تفاعل مدني نشيط.
ويرى الباحث الدكتور محمد سعد ابو عامر عدة سيناريوهات لعملية الإصلاح السياسي العربي ومنها سيناريو الإصلاح السياسي السريع ويقوم على أساس أن تأخذ القيادة السياسية بزمام المبادرة بالقيام باتخاذ إجراءات تتعدى كل التوقعات الداخلية والخارجية فتدعو إلى تشكيل هيئة شعبية منتخبة لوضع
دستور جديد وفقا لمعايير الدساتير الديمقراطية وتطلق حرية تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية وتنطلق حرية الصحافة والرأي وتدعو إلى انتخابات برلمانية تتنافس فيها كل القوى السياسية المشروعة دون تدخل من جانب السلطة السياسية.
سيناريو الإصلاح التدرجي البطيء ويقوم على أن الظروف الموضعية لا تسمح بالقيام بإصلاح جذري سريع لان المجتمعات العربية غير مهيأة لذلك وان الأمر يتطلب قدر من الحذر والحيطة في عملية الإصلاح السياسي. سيناريو القاطرة وتقوم فكرته على أساس اختيار صانع القرار السياسي العربي لبعض الجوانب السياسية التي تقوم بتغيير جذري بها على أساس أن التغيير في هذه الجوانب من شانه أن يقود إلى التغيير في باقي مكونات النظام السياسي.
|