Wednesday 19th May,200411556العددالاربعاء 30 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

3-7-1391هـ الموافق 24-8-1971م العدد 357 3-7-1391هـ الموافق 24-8-1971م العدد 357
من الواقع

قمت بزيارة أحد الأصدقاء ذات مساء وجلست لديه وأخذ يحدثني عن قصة جرت له فال: كنت أعمل في وظيفة حكومية ذات دخل لابأس به وكان أبي متوفى وبقيت أنا وأمي واخواني الصغار في بيت الوالد، وطلبت الوالدة مني ان أتزوج لكي تشاهد أولادي قبل أن تموت ولكنني رفضت لأنني لا أملك من المهر شيئاً، وبعد الحاح الوالدة المتواصل وافقت وأخبرتها أنني لا أملك سوى ثلاثة آلاف ريال فقط، وهذا المبلغ لايكفي للزواج لكن الوالدة قالت: عندي شوي ذهب بيعه وضع ثمنه على اللي عندك والباقي خذه ديناً من أحد التجار المعروفين ووافقت على رأي الوالدة وقالت أنا ان شاء الله من اليوم ورايح أبحث لك عن بنت الحلال.
وكنت شاباً لابأس بشكله ولابأس بأسرته، فأنا وبيتي نعد من الأوساط، وأخيراً عثرت أمي على بنت الحلال..
وجلست أسأل أمي أسئلة كثيرة عن شكلها وملامح وجهها وطولها وعرضها ونحو ذلك، وأستمع لإجابات لأتصور شكلاً ولأتوضح حقيقة، وأجلس إلى نفسي وأعمل خيالي فيما سمعت فأصوغ من ذلك شكلاً وهكذا..
وأخيراً سلّمت الأمر لله وتركت التصوير حتى ترى العين ما رسم الخيال.. ودفعنا المهر (الجهاز) وهو عشرة آلاف ريال دفعة واحدة من غير هدية الصباح (الصباحية) التي تبلغ بألف وخمسمائة ريال وأيضاً من غير العشاء الذي سيكون عندي ثاني ليلة بعد الزفاف الذي سيكلّف ألف ريال للغنم وستمائة للطباخ.. الخلاصة ان زواجي كلّفني خمسة عشر ألف ريال، وبعد أن سلّمت لهم المهر انتظرت شهراً تقريباً حتى يتم أهل الزوجة (الجهاز) وكأن هذا الشهر مجال تفكيري في السعادة المرجوة والاحلام اللذيذة.
تزوجت وكان كل اعتمادي في الزواج -كما ذكرت- على الخيال لا على الواقع، ولكن شتان بين الواقع والخيال فالخيال يرسم الصورة وهو حر طليق محلق في السماء، والواقع يلتصق بالأرض ويتقيد بالظروف والبيئة والمكان والزمان وغير ذلك.
قابلت زوجتي فكنت كمن يعض (حلاوة البخت) أو كمشتري ورقة (اليانصيب) حين يقرأ جدول النمر الرابحة، وحمدت الله على ما وهب، ولكنني بعد ان اكتشفت زوجتي ليلة الزفاف لم ترق لي.. وفي الصباح حاولت ان أظهر بسرور أمام أمي المسكينة لكن بدون جدوى اكتشفت انني غير مبسوط بالرغم من انني حاولت ألا أظهر شيئاً من عدم سروري.
وجاءت زوجتي في بيتي ولقد عشت أيام الزواج مجاملة ومراعاة لشعور أمي المسكينة، علماً انني حاولت كل جهدي لإفهام زوجتي بعض الأشياء ولكن هيهات ان تفهم وإذا كان عندي وليمة فأكثر الطبخ يكون من نصيب أمي لأنها لاتعرف الطبخ.. وكانت أمي تلاحظ هذا وتطلب مني الصبر ولكن مرت الأيام ونحن هكذا.. وأخيراً وبعد استشارة والدتي تم الطلاق وكانت هذه الحادثة صدمة لأمي المسكينة.. وبعد أسابيع من الطلاق صار التاجر يطالبني بالمبلغ الذي استدنته منه ولكن ما عندي من المبلغ شيء، وأخيراً ذهبت إلى تاجر آخر وأخذت منه ديناً على أساس ان أعطي التاجر الأول حقه وهكذا عملت مع الثاني وفي كل سنة تحل هذه النقود وآخذ مداينة من تاجر آخر.. وحدث ما حدث ان قدم صاحب الدين شكوى ضدي مطالباً بتسديد المداينة التي بذمتي له ولكني لم أجد ما أسدده وأخيراً بعت البيت الذي نسكن فيه أنا وأمي واخواني الصغار وسددت ما علي من ديون بعد أن فقدت الزواج والبيت الذي نسكن فيه وأنا بصراحة يا صديقي لن أتزوج حتى أشتري بيت ملك واستريح من صياح صاحب البيت الذي نسكن فيه الآن، وبعد ذلك لن أفكر في الزواج أبداً.. حتى ربنا يفرجها ويرخص المهور؟!!

يوسف العبد الله اليوسف


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved