Wednesday 19th May,200411556العددالاربعاء 30 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

مدينة سلطان.. الصرح الإنساني الشامخ! مدينة سلطان.. الصرح الإنساني الشامخ!
ناهد بنت أنور التادفي/عضو مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل

الحديث عن صرح كهذا الصرح الكبير الذي أنا بصدد الحديث عنه ليس كأي حديث عن إنجاز إنساني له الأثر والوقع في قلوب الناس، هنا أقف أمام إنجاز غير عادي، مدينة كاملة أنشئت لتأمين الخدمات الإنسانية، هي بشهادة المتخصصين أكبر مدينة من نوعها في العالم العربي، ومن أكبر المدن التأهيلية في العالم، (مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية).
نقول: الحمد لله الذي أفاض علينا من نعمائه، وسخر لنا من أمرنا الرشد، ووضع الأمانة في أسرة مالكة طيبة كانت خير محافظ على الأمانة، وخير سياج لحماية الدين والسير على تعاليم الشريعة؛ مرضاة لله ولخير الإنسانية.. أسرة خير، هم الخير والنبل والعطاء ملوكاً وأمراء.
والحمد لله أن جعل في أمته سلطان بن عبد العزيز، أميراً نما في مهد الحق والعدل والخير، فآمن بخالقه أصدق الإيمان، وسار على هدي النبي محمد صلى الله عيه وسلم، مدركاً الحقيقة الإلهية الكبرى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 107). فسار على سنن الرحمة والخير، ليحقق بشرى الحديث النبوي الشريف (خير الناس أنفعهم للناس)؛ ليعم نفعه البيت السعودي الكريم، بل العالمَيْن الإسلامي والعربي وكثيراً من أصقاع الأرض. وفي أثناء ذلك اتسع قلبه الكبير حباً ومبرة ورأفة بالمحتاجين؛ مرضى ومعوقين ومسنِّين، فكانت ثمار هذا الإيمان إنشاء مؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية، التي صدر بتأسيسها المرسوم الملكي رقم أ- 77 بتاريخ العشرين من شهر شعبان 1415 هـ، ومن ثَمَّ تأسست مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية التي نحن بصدد الحديث عنها، وهي مشروع خيري من المشاريع الرئيسة لتلك المؤسسة.
هذه المدينة منشأة صحية تأهيلية، فيها أربعمائة سرير، أُعدَّت لتوفر خدمات علاجية شاملة للمعوقين، تقع المدينة على بعد ثلاثين كيلومتراً من الرياض، وتشغل أرضاً مساحتها مليون متر مربع، وتبلغ المساحة الإجمالية للمباني الطبية والإدارية أكثر من ثمانين ألف م2، وبعون الله وفضله أثمرت جهود العاملين والمشرفين وتمت جميع أعمال المشروع في شهر أبريل 2002م، ما عدا بعض الأعمال التي تمت إضافتها مؤخراً، وبلغت قيمة عقود الإنشاءوالتأثيث والتصميم والإشراف ورسوم الخدمات وتجهيز المشروع بالمعدات الطبية الحديثة 985 مليون ريال تقريباً.
أقسام المشروع
1- مركز التأهيل:
أربعة مبانٍ، كل منها يتكون من ثلاثة طوابق، وبهذا المركز250 سريراً، بهدف تأهيل المعوقين، وتقديم خدمات غير متوفرة حالياً في المملكة لذوي الحالات الحادة على اختلاف أعمارهم ممَّن يعانون من إعاقات ذهنية أو جسدية، أو تشوهات خَلْقية، أو قصور في السلوك، بهدف إعادة دمجهم بالمجتمع، وذلك وفق برامج التأهيل التي يشارك الأهل فيها، بالإضافة إلى تثقيف المحيط والمجتمع للمشاركة في عملية الاندماج في الحياة العملية. وتقدر الطاقة الاستيعابية لهذا المركز بحوالي (4500) مريض في السنة.
2- مركز النقاهة:
فيه ثلاثة طوابق، يضم 150 سريراً، يهتم برعاية المسنين ذوي الإعاقات الشديدة، أو المرض العضال، يمد لهم يد العون والرعاية الصحية عقب خروجهم من عمليات جراحية، ويمنحهم الفرصة التي تمكنهم من استعادة قدراتهم الجسدية والنفسية، فما هم إلا الآباء، نخفض لهم جناح الذل من الرحمة. وفي مركز النقاهة أيضاً عيادات خارجية للحالات التي لا تستوجب الإقامة في المركز؛ حيث يستطيع المركز استقبال (100) مراجع للرعاية يومياً.
3- مبنى العيادات والجراحة:
فيه ثلاثة طوابق، ويشمل ثلاث عشرة عيادة، تضم (55) غرفة مع كامل مرافقها، وفيه أيضاً مركز علاج وجراحة الوجه والجمجمة؛ لتقويم التشوهات الخَلْقية، ومركز الجراحة النهارية، وثماني غرف للعمليات الجراحية وأقسام التشخيص كالأشعة، الرنين المغناطيسي، التصوير الطبقي المحوري والتصوير بالأمواج فوق الصوتية، وأقسام: المختبر، الصيدلية، المطعم. وتقدم العيادات الخدمات الطبية لمركزي التأهيل والنقاهة، بالإضافة إلى مرضى التأهيل الذين لا تتطلب حالاتهم الإقامة، وتقدم هذه العيادات خدماتها بعون الله لأكثر من مائتي ألف مراجع في السنة.
4- مبنى الإدارة:
فيه أربعة طوابق، ويضم مكاتب الجهاز الإداري ومرافق تدريب ومكتبة طبية، ويعمل فيه (360) موظفاً.
5- قاعة المؤتمرات:
تستوعب 400 شخص، مجهَّزة بنظام سمعي بصري وأجهزة اتصال عن بُعد لنقل واستقبال المؤتمرات والندوات.
6 مركز تنمية الطفل:
فيه طابقان، ويخدم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة فيما بين سن الولادة وسن العاشرة من العمر، يُعالجون فيه في هذه المرحلة المبكرة من الإعاقاتالمختلفة، ويضم المركز فصولاً دراسية ونشاطات وعيادة صغيرة، ومرافق ترفيهية، وسكناً للأطفال الذين بين سن الخامسة والعاشرة؛ ليفيدوا من الأبحاث والعلوم الجديدة التي تقدمها حملة أمير الخير والإنسانية لإعادة تأهيلهم ودمجهم في الحياة العامة.
7- صالة النشاط الرياضي:
طابق واحد، مساحته (1150) م2 لممارسة النشاطات الترفيهية والرياضية للمرضى، وما ذلك سوى امتداد للنشاط الرياضي الذي تمتَّع به المعوقون فيالمملكة العربية السعودية، والذي أصبح له مواسم تشهدها معظم مدنها.
8- السكن الانتقالي:
يتكون من عشر وحدات صغيرة، مساحتها (100) م2، وتقع بالقرب من المباني الطبية لإقامة المرضى المحتاجين وعائلاتهم.
9- المستودع العام:
ومساحته حوالي (300) م2؛ لتخزين المواد والأجهزة ذات الأحجام الكبيرة والمواد الاستهلاكية قبل فرزها ونقلها إلى المخازن الداخلية في المباني الطبية.
10- الإسكان:
صُمِّم لاستيعاب (80%) من العاملين في المدينة، ويتكون من 400 وحدة سكنية للعائلات، واثني عشر مبنًى للعزاب تستوعب 800 شخص، ومسجد وسوق مركزي ومرافق ترفيهية ورياضية، وورشة صيانة. وتتراوح المباني بين طابق وثلاثة طوابق.
11 - المرافق الأخرى:
مسجد جامع يتوسط المدينة يستوعب 450 مصلياً، مع مبنى إدارة الأمن والسلامة، ومطبخ ومطعم ومغسلة وورشة صيانة، ومواقف سيارات لأكثر من 2000 سيارة، إضافة لمهبط للطائرات العمودية، ومرافق لخدمات: الكهرباء، اتصالات، مياه، صرف صحي، تشجير.. إلخ. علماً بأن جميع المباني وكافة أنحاء الموقع منظمة بأجهزة الإنذار ومكافحة الحريق حسب المواصفات العالمية للمنشآت الطبية.
ومن الدلالات المفيدة فقد اعتاد الباحثون والكتَّاب على الإشادة بمَن يقدِّم بحثاً جديداً قيِّماً، كما أخذت الأمم والجهات العلمية والفكرية والأدبية على منح الجوائز؛ تقديراً منها لجهود المبدعين؛ كجائزة نوبل وغيرها من الجوائز الأفريقية والآسيوية، فأي جائزة تستحق أن تعلق وساماً على صدر مؤمن يرسم الابتسامة على وجوه أرهقها الألم والمرض والإعاقة، في حين ما زالت شعوب وأمم لا تجد العلاج لأصحائها إذا أدركهم المرض؟! مدَّ يد النجاة للمسنين ليس بعزلهم عن الحياة والناس، بل فتح لهم أبواب الحياة على مصراعيها، علاجاً ومؤانسةً وترفيهاً، وغمرهم بالحب النابع من تعاليم دينٍ آمن به طفلاً في أحضان قائد مؤسس لدولة وموحد لأمة وحامل لواء دين تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. وهو في الوقت نفسه جامع للعلوم الحديثة، مؤمن بأن الله أمدَّنا بها، وسخرها لعباده، لتبعد عنهم الأوجاع والآلام، وتبصرهم أيضاً بحقائق الكون الكبرى {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} (يونس: 101)، فجعل الدراسة والتخطيط والعمل الدؤوب طريقه لتنفيذ مشاريع الخير والرحمة بنهج مؤسساتي، عجزت دونه الكثير من الأمم المتقدمة، التي لم تُنِرْ بصيرتها آية كأنها القول كله: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (الزلزلة: 7). هنيئاً لأبناء المملكة هذا المشروع العظيم، وهنيئاً لهم أمير الخير سلطان بن عبد العزيز مؤسس هذا الصرح الإنساني الكبير، وكفاني مَن قال فيه:


ما كنتُ أحسب أنَّ الخير في رجلٍ
حتى عملْتَ فكان الخيرُ إيَّاكَ

الرياض - فاكس 014803452


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved