كان المنتدى الثقافي لوزارة التربية والتعليم، الذي عقد مؤخراً في الادارة العامة للتربية والتعليم للبنات في العاصمة المقدسة، غنيا بمواضيع كثيرة.. ثريا بقيم تنظيمية متقنة.. مليئاً بالحوار الهادف المُنَوَّع، وهو ما وفر له كل عوامل النجاح التي جاء في مقدمتها الإعداد الرائع.. الذي أشرفت عليه الأستاذة (منيرة العكاس)، والكوكبة المتميزة من حولها، من اللواتي يحرصن على ان تظهر سمات هذا الوطن وأهله في كل مناسبة طيبة، تحمل في ثناياها علامات بارزة دالة على مستقبلنا، وأطرا محددة ومدروسة لخطواتنا ونحن نسعى إليه.
كان المنتدى غنيا بعناوينه التي جاءت أقرب ما تكون إلى قضايانا المعاصرة، وأهدافنا الشرعية التي نسعى إلى تحقيقها، وكان لي شرف المشاركة فيه بموضوع يتعلق بتفعيل أدب الحوار.. الذي يبدأ من البيت، وهو الموضوع الذي لاقى تجاوباً كبيراً من الأخوات الحاضرات، دل على ذلك النقاش المتسع الذي تلا إلقاء المحاضرة.
وكان المنتدى غنيا بالأفكار الناضجة التي تحملها الأغلبية من الأخوات الحاضرات والمحاورات، وهو ما تكرس في الحفاوة المتميزة التي لقيتها شخصيا من أخواتي المكرمات نساء مكة المكرمة، وكذلك حرصهن الواضح الجلي على استيفاء دقائق الموضوع ومداخلاته، واللاتي أحسست باهتمام فريد من قِبَلِهن تجاه ما تضمنته المحاضرات من افكار وتطبيقات تربوية ووطنية هادفة، نحن في أمس الحاجة إليها في مثل هذا الظرف الذي نمر به، حيث يشرع المغرضون أبواب الكراهية والحقد مصاريعها في محاولة يائسة للنيل من هذا الوطن وقياداته وأهله.. وهيهات لهم ذلك.
وكان المنتدى غنيا بحب المعرفة, والتزود بالثقافة التربوية الشاملة، حيث لمست ذلك من خلال الأسئلة المبرمة، والاهتمامات التي تركز على الجانب التربوي والوطني، مما ورد في المداخلات الكثيرة المختلفة في جميع المحاضرات.
أكبر دليل على غنى ذلك المنتدى, هو عدد الحضور، ولغة الحضور, وسرور الحضور وتفاعله مع المحاضرات ونتائجها، وكذلك اللقاءات الحميمة التي جاءت على هامش ذلك المنتدى.
لا يفوتني ان أذكر أن من اقطاب النجاح الرئيسية, ومن العوامل المؤثرة والفاعلة في خروج هذا المنتدى بتلك الصورة المشرفة, هو وجود شخصية ذات كفاءة قيادية تربوية متميزة، تمثلت في الدكتور (عبدالعزيز العقلا)، الذي تضافرت جهوده ونظرته الثاقبة مع جهود اللواتي قمن على إنجاح المنتدى من خلال التنظيم المتميز والاختيار الموفق للمشاركات، والمواضيع المختارة ذات العلاقة الاجتماعية الحيوية والتربوية والوطنية التي سادت اللقاءات.
أمر يسير وهيِّن وصغير شذ عن الغنى الكبير للمنتدى، هو ظهور صوت نشاز لم يكن على مستوى ذلك اللقاء الثقافي، فلم يستطع استيعاب الفكرة الرئيسية فيه، فراح يغرد خارج السرب، ويمسك بالقشور، ويصر على العيش في سواد الفكر الفقير المنخلع عن عصره، الباحث عن إيقاظ نار الفتنة لإشعالها، بشيء لا يختلف عليه أحد، ففر من دائرة الوعي التربوي، لدور المرأة في تكريس الحوار الهادف، إلى ترديد واجترار مقولات بائسة عفى عليها الوعي والعصر معا، ولا خلاف عليها.
حين لم يستطع ذلك الصوت النشاز من إيجاد مكان له في ذاكرة الحضور وقلبه، فر مهزوما ليلقي بسمومه الرخيصة في عفن الساحات، والذي نتنت رائحته، ولم يبق ذوق إلا وتقزز منه.
ذلك الصوت لم يستسغ العبارات التي جاءت في المحاضرة وفي الحوار الذي تلاها، والذي كان نشيداً جميلاً يحمل في مفرداته حب الوطن، وبذور المواطنة، وروعة ويسر العقيدة التي ستبقى ميدان المفاخرة لنا إلى قيام الساعة.
المواطنة.. العقيدة السمحة.. الولاء والانتماء للوطن وقيادته.. الفكر المنفتح ضمن الأطر الصحيحة للشريعة الإسلامية.. الحوار المتكافيء الواعي... الخ، من القيم والمفردات التي تحمل المعاني السامية النبيلة، كل ذلك لا يجد له مكاناً في قاموس وفكر الأشقياء الذين نذروا أنفسهم للغيبة والنميمة والفتنة ومعاقرة كؤوس السوء.. وتاليتها!!
|