Wednesday 19th May,200411556العددالاربعاء 30 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "منوعـات"

الفيصل في كلمة أمام الدورة (14) لاجتماع مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي: الفيصل في كلمة أمام الدورة (14) لاجتماع مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي:
منطقتنا في أمس الحاجة إلى الإصلاح ويجب ألا يكون مرتبطاً بعملية السلام

  * بروكسل - واس:
أوضح صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن استقرار العالم وأمنه الذي يهم الجميع ومصير المصالح المشتركة التي تجمع بين الدول ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقدرة على الإسهام في التوصل إلى حل عادل ودائم وشامل في منطقة الشرق الأوسط، كما تقع على عاتق الجميع مسئولية مشتركة في هذا الخصوص تحتم علينا بذل أقصى جهد ممكن لتحريك عملية السلام والمضي بها إلى غايتها المنشودة.
وبيّن سموه أن الانتكاسة التي تشهدها عملية السلام حالياً وصعود موجة العنف والتطرف في المنطقة يعود بشكل أساسي إلى انتهاج الحكومة الإسرائيلية منهجاً يتناقض تماماً مع أسس ومبادئ العملية السلمية المتعارف عليها بما في ذلك بنود (خريطة الطريق) ورؤية الإدارة الأمريكية بشأن إيجاد دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في أجواء آمنة ومستقرة تتوفر فيها سبل العيش الكريم للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية مساء أمس الأول في بروكسل حول عملية السلام في الشرق الأوسط أمام الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوزاري المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي.وفيما يلي نص الكلمة:
السيد الرئيس.. السيدات والسادة رؤساء وأعضاء الوفود الكرام.. يطيب لي في مستهل هذه الكلمة أن أعرب عن تقدير وفد المملكة العربية السعودية لرئاسة الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية وسكرتارية الاتحاد الأوروبي على ما بذلوه جميعاً من جهد مشكور للتحضير والإعداد لاجتماعات الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوزاري المشترك لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي.
ولا يفوتني في هذه المناسبة أن أرحب كل الترحيب بانضمام أعضاء جدد في الجانب الأوروبي والذين نعتبر مشاركتهم في الحوار مصدر إثراء لمسيرة التعاون الأوروبي - الخليجي.
سيدي الرئيس.. إن استقرار العالم وأمنه الذي يهمنا جميعاً ومصير المصالح المشتركة التي تجمع بين دولنا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرتنا على الإسهام في التوصل إلى حل عادل ودائم وشامل في منطقة الشرق الأوسط وتقع على عاتقنا جميعاً مسئولية مشتركة في هذا الخصوص تحتم علينا بذل أقصى جهد ممكن لتحريك عملية السلام والمضي بها إلى غايتها المنشودة خاصة بعد ما شهدته هذه العملية من تراجع ملموس وخطير خلال الفترة المنصرمة قُوبلت باللامبالاة وقلة الاكتراث حتى في العوامل الإنسانية التي كانت تحرك ضمير المجتمع الدولي مما يتنافى مع سعينا إلى إيجاد قيم عالمية متعارف عليها وخاصة أن العولمة أخذت تنحو مناحي مادية وتتجاهل الجوانب الإنسانية.
وفي رأينا فإن الانتكاسة التي تشهدها عملية السلام حالياً وصعود موجة العنف والتطرف في المنطقة يعود بشكل أساسي إلى انتهاج الحكومة الإسرائيلية منهجاً يتناقض تماماً مع أسس ومبادئ العملية السلمية المتعارف عليها بما في ذلك بنود (خريطة الطريق) ورؤية الإدارة الأمريكية بشأن إيجاد دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في أجواء آمنة ومستقرة تتوفر فيها سبل العيش الكريم للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.
إن السلام والأمن لا يمكن تحقيقهما عبر إجراءات إسرائيل الأحادية الهادفة لإيجاد حقائق جديدة على الأرض وفرض سياسات الأمر الواقع والحسم المسبق لمصير القضايا الحساسة التي تشملها مفاوضات التسوية النهائية. لكن الملاحظ أن هذا بالضبط ما تنتهجه حكومة إسرائيل في الوقت الراهن عبر الاستيطان وبناء جدار يقتطع مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية. ويؤسفني أن أقول ان هذا المسلك الإسرائيلي المناوئ لأسلوب التعامل العقلاني مع القضايا الشائكة قد لقي مؤخراً مؤازرة علنية من الإدارة الأمريكية التي يفترض فيها أن تستثمر علاقتها الخاصة بإسرائيل لحملها على التمسك بأسس عملية السلام بدلاً من تقويضها. وحتى الإعلان عن نية الانسحاب من غزة لم يكن من منطلق الالتزام بخريطة الطريق ولكن عبر تجاهلها وإهمالها والتعجيل بإفشالها ومحاولة إضفاء الشرعية على مستوطنات الضفة الغربية مما يزعزع الدعائم الأساسية التي يرتكز عليها النظام القانوني الدولي. فإذا كانت إسرائيل جادة في مسعاها السلمي فيجب أن يكون قرار الانسحاب من غزة جزءاً من متطلبات خريطة الطريق وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية وتحت إشراف اللجنة الرباعية الراعية للخريطة.
إن استمرار إسرائيل في تنفيذ سياسات الاغتيال والحصار وممارسات القمع وتدمير المساكن والممتلكات لا يخدم سوى مصالح المتطرفين في كلا الجانبين إذ يفاقم مشاعر اليأس والإحباط ويمهد لاستمرار العنف وسفك الدماء.
إن دول مجلس التعاون مستعدة اليوم كما كانت دائماً لمساندة أي جهود أو مساع تهدف إلى إرساء دعائم السلام العادل في المنطقة.
ومن هذا المنطلق فقد أيدت حكوماتنا جهود اللجنة الرباعية الدولية الهادفة إلى وضع خريطة الطريق موضع التنفيذ ونحن ندعو اليوم إلى تفعيل دور اللجنة الرباعية مع أهمية مراعاة التوازن في تنفيذ الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لالتزاماتهما.
وقد كنا نتمنى لو أن الاجتماع الأخير للجنة الرباعية قد أسفر عن موقف أكثر وضوحاً وحزماً في تكريس هذا الاتجاه.
ولعل أفضل السبل لتفعيل هذا الدور يتمثل في قيام تعاون مؤسسي بين اللجنة الرباعية ولجنة مبادرة السلام العربية بما يؤدى إلى توحيد الجهود وتبادل الأفكار بين الأطراف المعنية من أجل خدمة هدفنا المشترك وهو إحلال السلام العادل والدائم في المنطقة.
ذلك أن المبادرة العربية للسلام تتضمن تصوراً أكثر شمولية ووضوحاً فيما يتعلق بالهدف النهائي لجهود التسوية ليس بين الفلسطينيين والإسرائيليين فحسب، بل بين إسرائيل والعرب عموماً بما في ذلك سوريا ولبنان.
ان جميع الدول العربية قد أعلنت عن التزامها بهذه المبادرة.
وحري بي أن أشير هنا إلى أهمية توظيف ما نشهده من مبادرات مهمة يقوم بها ممثلون عن المجتمع المدني على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإقناع رأيهم العام بجدوى السلام مما يمثل فرصة لا ينبغي تضييعها.
وإننا إذ نؤكد على قناعتنا الراسخة بأن منطقتنا في أمس الحاجة إلى الإصلاح الذي ينشد تحقيق الحكم الرشيد واحترام حقوق المواطنين فإننا نستغرب كثيراً عندما نسمع أصواتاً تفاضل أو تقايض بين الحاجة للسلام والحاجة للإصلاح. ورغم أن الأمرين مرتبطان فإن كلاً منهما مرغوب بحد ذاته، فهذا لا يعنى بحال من الأحوال أن نوظف الحاجة الملحة لتحقيق الإصلاح بشكل يؤجل أو يغيب الحاجة التي لا تقل إلحاحاً لتحقيق السلام أو أن نعمد للهروب إلى الأمام بدلاً من مواجهة المشاكل ومحاولة علاجها.
وبالمقابل فإن مسيرة الإصلاح يجب ألا تكون مرهونة بما تؤول إليه عملية السلام، لأن ذلك قد يفضي إلى وضع تتعثر فيه جهود الإصلاح مع عدم توفر الضمانات اللازمة لتحقيق هدف السلام.
إن مسيرة الإصلاح في دولنا مستمرة وتشهد تراكماً نوعياً إيجابياً بالرغم من جمود مسيرة السلام وذلك لأن قيادتنا السياسية واعية لضرورة استمرارية المسيرة الإصلاحية ولأهمية أن تتضافر الجهود للعمل على بناء مستقبل أفضل لمواطنينا وتلبية حاجاتهم المتنامية في ظل حكم رشيد ومساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين. وستستمر هذه المسيرة الإصلاحية في التقدم المطرد بخطوات محسوبة بغض النظر عن أي تحفظات داخلية أو ضغوط خارجية من أي جهة كانت.
فالإصلاح ليس شعارات براقة أو نماذج جاهزة مفروضة من الخارج ومجتمعاتنا ليست حقولاً للتجارب أو ميداناً للمغامرات الطائشة.
إن تدفق الاستثمارات ونقل التقنية وتوقيع اتفاقيات التجارة الحرة وتأييد مساعي دولنا للانضمام لمنظمة التجارة الدولية كل ذلك يساعد في خلق الأجواء المشجعة الداعمة لجهودنا في سبيل التحديث وتسهل سرعة إنجازها.
وإذا كنا نؤمن بوجود قيم عالمية فإن أفضل سبيل أمام الغرب المتقدم للترويج لها وضمان انتشارها يتمثل في تقديم نموذج يحتذى في مجال حماية الحريات وحقوق الإنسان وعدم التمييز وليس عبر الاملاءات الفوقية والتدخلات الخارجية والمعايير المزدوجة التي تضعف من مصداقية مثل هذا النموذج لدى شعوبنا.
إننا مدركون أن السياسات الأوروبية أكثر توازناً تجاه متطلبات استمرار العمل على إيجاد حل سلمي للصراع العربي الإسرائيلي وضرورة إزالة العقبات التي تتعرض لها عملية السلام.
سيدي الرئيس.. آمل أن نلتقي في المرة القادمة في ظل أجواء تنبئ عن تقدم فعلي للعملية السلمية وتوجه جاد نحو تحقيق الأمن والعدل والسلام الشامل والدائم.
إن الوقت مناسب لتحقيق السلام إذا ما صممنا جميعا على مواجهة من تكمن مصلحته في استمرار الصراع.
شكرا لحسن استماعكم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved