في زمن الماديات.. وتعقيدات ما أسموه بالحضارة والتحضر.. كان هناك تحولات اجتماعية.. مهما حاولنا إخفاءها أو إنكارها.. إلا أنها واقعة.. رضينا أم لم نرض بها..
** في المدن.. بل ربما في مدن صغيرة.. أو حتى قرى.. لا يرى الشقيق شقيقه أو شقيقته إلا في المناسبات فقط.. وقد يمرض شقيقه لأسبوع.. وقد ينام في المستشفى يومين أو ثلاثة أو عشرة.. دون أن يدري.. لأنهم بحثوا عن أخيه أو أخته فلم يجدوه حتى غادر المستشفى بسلامة الله.
** بل ان بعض الاشقاء.. يعاني من العوز والحاجة والفقر.. وأخوه (شقيقه) -من أمه وأبيه- يتلاعب و(يْخابِط ويْلابِط) بالملايين في الداخل والخارج.. سياحة.. وتمشية.. وسعة صدر و(فَلَّةْ حْجاج) وأبناؤه يركبون سيارات بنصف مليون.. وسيارة شقيقه (أبوغمارتين) بالتقسيط.. وفاتورة الكهرباء لم تسدد.. والجوال مقطوع.. والبقال يلاحقه.. وإيجار المنزل (مدبول) ثلاث سنوات مضت.
** في زمننا هذا.. غابت أشياء جميلة.. حتى لو حاولنا تبسيط المسألة.
** غابت صلة الرحم.. وصلة الأقارب..
** وغابت علاقات الجيران وتواصل المعارف.. بل لو حاولت التمسك بشيء من ذلك.. وحاولت جمع و(عزيمة) جيرانك - كمثال - لانتقدوك وقالوا.. هذا (أجودي.. صْحَيِّحْ) أو (خْفَيِّف) وربما يقولون (مَهَفْ).
** بل الأسوأ في هذا التحول المشين.. هو أن ينسحب ذلك على الوالدين.
** فمثلاً.. شخص يقيم مع والديه في نفس المدينة ولا يشاهدهم إلا في الشهر أو نصف الشهر أو في الأسبوع مرة واحدة.. ولمدة دقيقة أو خمس دقائق.
** بل إن بعضهم.. يمرض أحد والديه ويلازم السرير في المستشفى أو البيت.. ولا يعوده إلا خمس دقائق كل ثلاثة أيام أو ربما خمسة أيام.
** في هذا الزمن.. بعض الآباء لا يعرف أي شيء عن أبنائه.
** فلا يعرف متى ولدوا.. ولا.. هل أتمّوا التطعيمات.. ولا ما هي التطعيمات.. ولا متى دخلوا المدرسة.. ولا في أي سنة يدرسون.. بل إن بعضهم تسأله بعد إعلان النتائج بأسبوع ولا يدري من الذي نجح من أبنائه.. ومن الذي رسب.. عوضاً عن أن يعرف مستوى كل واحد.. بل ربما يشتكي ابنه أو ابنته من مرض.. ويصيح أمامه وهو خارج.. ومع ذلك يتركه ويذهب ل(الشلة) حتى يستفحل المرض مع ابنه.. وعندها.. يتجه إلى أمه.. لوماً وتقريعاً.. لأنها.. هي السبب (؟!!) في نظره.
** في جلسات الملاحق والاستراحات والمخيمات.. كل واحد يقول.. (ليتني ما تزوجت) وهناك من يقول (الزواج.. دَبْلَة كَبْد؟؟!!).
** ولكن جلسات الاستراحات والمخيمات والملاحق.. التي تستمر يومياً ست ساعات وتزيد.. ليست مشاكل.. وليست قضايا.. وليست التزاماً..
** أما جلوسه مع أبنائه ربع ساعة.. ليفهم مشاكلهم واحتياجاتهم.. فهو المشكلة والقضية و(دَبْلَة كَبْد؟؟!!).
** والحمد لله.. الذي هيَّأ للأمهات سيارات (الليموزين) ليقضين حاجاتهن ولوازمهن.. وتعالج الأم ابناءها و(تطعِّمهم) وقد توصلهم للمدارس يومياً.. وتذهب للمدرسة في ليموزين و(الأسد) في سابع نومة بعد سهرة طويلة مع الشباب.. ولا ننسى ان سيارته قد اشتراها من راتب أم العيال (الله يسلّمها) ومع ذلك.. لم تركبها في حياتها ولو مرة واحدة.
** بعضهم - راتبه (3000) ريال وراتب ام العيال (12.000) ومع ذلك.. هو كل شيء.. ولا يسمح لأم العيال حتى بكلمة واحدة.. ولا يعرفها.. إلا حين يتسلم الراتب.. أو يسأل.. هل نزل في البنك (علماً بأن بطاقة البنك العائدة للزوجة في جيبه) وهي لا تعرف أي شيء عن رصيدها ولا عن العلاوة ولا عن راتبها.. ولا تعرف أي شيء أبداً.. والويل لها.. لو سألت أو قالت كلمة واحدة غير (سَمْ.. وحاضر.. وأبشر) فقط، فهذه هي الكلمات المسموحة لأن الأسد في المنزل وأمام العيال (أقشر.. ونار شابَّه) أما في الاستراحة.. فهو (دجاجةٍ صَقْعاء.. يصب الشاي.. وينظِّف الطَّفايات.. ويقطِّع البصل.. ويمدْ الصْماط) وما أكثر هذا الصنف من البشر.
|