يارا
كأس العالم
عبدالله بن بخيت

لم أفاجأ أن تخرج مصر من التصويت على استضافة كأس العالم بلا صوت واحد يؤيدها.. فهناك فرق بين العمل الموجود على الأرض وبين النيَّة للعمل مستقبلاً إن شاء الله.
لم أقرأ كثيراً تعليقات الصحف العربية على الحدث.. أنا على ثقة أن بعض التعليقات سوف ترد الأمر إلى مؤامرة على الأمة العربية والإسلامية.. لأني سمعت في أحد المجالس رجلاً يتحدث عن إخفاق مصر والمغرب، ويؤكد أن في الأمر مؤامرة غربية على الأمة العربية والإسلامية، علماً أن هذا الرجل يعتبر أن كرة القدم نفسها مؤامرة على الأمة العربية والإسلامية وجزء من الحملة الصهيونية لإلهاء شباب الأمة عن واجباتهم.. كنت أظن أنه سيفرح لأن هذا التصويت أبعد شبح المؤامرة عن دولتين عربيتين مسلمتين، وخصوصاً أن عملية تنظيم كأس العالم تتطلب شيئاً من التنازلات الشكلية للاندماج في العالم والتعامل معه.. ولكن الرجل أبى إلا أن يتماهى مع ثقافته، وأخذ يسرد الأدلة تلو الأدلة على روح المؤامرة على المغرب ومصر.. لا يريدون أن تعلو أصوات العرب والمسلمين في المحافل الدولية.. (رغم أن كرة القدم في رأيه هي من إنتاج المحافل الماسونية) (طراه كلمة محافل).بين العرب وبين كأس العالم ما لا يقل عن عشرين سنة قادمة، وأظن أن من بين الدول المرشحة (بالقدرة المستقبلية) على استضافة كأس العام من قارة آسيا هي المملكة.. فالمملكة تمتلك معظم المقومات (من الناحية النظرية) التي تؤهلها لأن تستضيف هذه الكأس.. فكل الإمكانات المطلوبة يمكن أن تتوفر في السنوات القليلة القادمة.ما هي إمكانيات المملكة الحالية لاستضافة كأس العالم؟.. إن الإجابة على هذا السؤال بدقة وأمانة سوف يجيب على كثير من أسئلة الإصلاح والتنمية.. إن عملية الاستضافة تجمع بين التطور المادي والتطور الثقافي.. فالمملكة وهي تخوض الآن معركة من أشد معاركها مع التخلف الذي تحول إلى إطلاق النار يمكن لها أن تبدأ في وضع الأهداف الكبرى الممتدة إلى عشرين وثلاثين سنة قادمة.. وأظن أن واحداً من الأهداف هو استضافة كأس العالم مستقبلاً.. وهو هدف ثقافي ومادي يمكن قياسه.
ما هي قدرة البنية التحتية والإدارية والأمنية وغيرها على التعامل مع حدث مثل هذا؟.
عندما تقرأ الفرق بين قدرات جنوب إفريقيا وبين قدرات مصر ستعرف أن كأس العالم ليست مجرد حدث رياضي عابر، إنه إمكانيات متوفرة ومستمرة في داخل المجتمع المضيف.. إنجازات شاخصة على الصعيد الثقافي والاجتماعي والتقني.. فهذه التظاهرة الرياضية تحولت إلى مرآة تعكس تقدم الأمم وحجم التنافس على هذا التقدم.أتذكر قبل سنوات بعيدة عندما استضافت الأرجنتين كأس العالم أنه تردد في الصحف أن كأس العالم أنقذت حكومة الأرجنتين العسكرية من الانهيار.. لم أستطع حينها الربط بين السياسة وبين الكورة، لم أكن أعرف أن المسألة متداخلة، فالعالم إذا كان مترابطاً على المستوى الجغرافي، فالحياة من ناحية أخرى مترابطة على مستوى الأنشطة، فكل نشاط مرتبط بالنشاط الآخر ويؤثر فيه.. السياسة والاقتصاد والترفيه والنواحي الفكرية والثقافية كلها الآن منظومة واحدة لا يمكن فصلها عن بعضها، فالتحرك في جانب يفترض التحرك في كل الجوانب الأخرى.. فالعلاقة بين نواحي الحياة الحديثة كالأواني المستطرقة، هذا يفيض على هذا.فإذا أردنا أن نعرف حجم التقدم الذي بلغناه علينا أن نضع مقاييس، من بينها إمكانياتنا لاستضافة كأس العالم.