كم كانت سعادتنا غامرة بنجاح تلك العملية، التي وقف عندها الصغير والكبير ليرفع أكف الضراعة إلى الرحمن الرحيم ليناجيه ويسأله بأن يشفي أميرنا ووزيرنا المحبوب الأمير سلطان بن عبدالعزيز. وبقلوب مؤمنة ودعوات صادقة ومحبة ووفاء.. نحمد الله على ذلك ونسأله -جل في علاه- أن يشفي أميرنا وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية. وما أروع المعاني العظيمة والكلمات الدافقة والإحساس اللطيف عندما يتحدث الإنسان عن رمز وعلم وقائد تمثل بمعاني الخير والعطاء.
إن الحديث عن هذا الرجل يأخذ طابعاً خاصاً بعيد المدى، وآفاقاً رحبة، وآمادا حضارية ضاربة في البعد؛ ذلك أن شخصيته تمثل الشيء الكثير والكثير لما تحمله من صفات عديدة وخصال فريدة وصور رائعة مجيدة ومبادرات للعمل الإنساني الشامل في شتى المجالات؛ فهو صاحب المهمات ورجل المناسبات. نعم إن عظمة الرجال هي التي تعطي المواقف قيمتها التاريخية.. وما سلطان الخير إلا ذلك الرجل المليء بالتاريخ والعطايا والمزايا.. ولا أحد ينكر أو ينسى أو يتجاهل تلك المواقف التي قام بها سموّه في جل الاحداث القريبة أو البعيدة.
إن سلطان المكارم -الذي تحيط به الحاضرة والبادية- قد تحلَّى بأحسن الصفات في الجود والكرم، فقد أولى اهتمامه وسخر وقته وماله للمساكين وجعلها نصيراً للمحرومين ومقصداً لذوي الحاجات.. وهذا العمل بلا شك يحتاجه رجال أقوياء أذكياء لا ينبتون ويخرجون إلى المجتمع صدفة أو ارتجالاً، بل يولدون وفي دمهم وعروقهم بوادر للقوة وجينات للتميز.. فما ان كبروا وتولوا أمر المجتمع ظهرت تطبيقاتهم جلية واضحة.. وما رجل الإنسانية وسلطان الخيرات سموّ الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلا مثال يُقْتَدى به في مثل هذه المواقف.. فلنذكر شيئاً من أعماله وصفاته ودوره الفعال في تنظيم الجيش السعودي، ودعمه اللا محدود ومساعدته للآخرين والفقراء والمحتاجين، وبذل الخير للمؤسسات الخيرية والمشاريع التنموية.. فهو دائماً صاحب الابتسامة المشرقة في وجوه الآخرين وصاحب العاطفة الحانية لكل قريب وبعيد وكل محتاج في وقت الضيق.. وكم كان سبباً -بعد الله- في إسعاد عائلة كانت تلتف حول مريضها، فيأمر بنقله إلى أقرب مستشفى ليتمكن من العلاج بيسر وسهولة، وكم من عاجز عن السفر وجد في أريحية سموّه الشيء الكثير والوفير ليعينه على العلاج، وكم كانت خدماته لذوي الحاجات وأصحاب الملمَّات في غاية الاهتمام والتشريف.. ولا يتذوق طعم الراحة والعيد حتى يتنقل بين إخوانه وأبنائه من الجنود في شرق المملكة وغربها وجنوبها وشمالها ليعيش معهم أفراحهم ويُمَكِّنَهم من الحياة بعيش وهَنَا.
لقد أولى سموّه جل الاهتمام والعناية الفائقة بدينه ووطنه تحت ظل تلك القيادة العريقة والتي تخدم هذا الدين وتنمي أساسه وعقيدته من قدرات تقف خلف تلك الإنجازات التي تتطور شيئا فشيئا..وما هذا إلا دليل على حب هذا الدين والعمل على حمايته بتدريب وتأهيل تلك الجيوش المخلصة، وما قواتنا المسلحة إلا نمط يسير على منهج قويم ونظام سليم وقوة من القوى العاملة لما تشهده من مكونات عسكرية لها عدة مجالات. وقد تطورت تلك القوات المسلحة في زمن قياسي وأصبحت من القوات الاساسية التي تواجه التيارات والعواصف العدوانية لما تملكه من طائرات ودبابات وأسلحة حديثة مطورة.. وقد أرست تلك القواعد بقيادة ذلك الرجل الذي سَخَّر إمكانياته ووقته دفاعاً عن عقيدتنا السمحة وديننا الحنيف ووطنا الغالي منذ أن عُيِّن وزيراً للدفاع والطيران إلى وقتنا الحالي، وذلك بإعادة بناء أكبر قوة بشرية للقوات المسلحة وتوسيع الكليات والمعاهد والمدارس ومراكز التدريب العسكرية وإرسال البعثات العسكرية والكليات والمعاهد المتقدمة في كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وبناء المستشفيات العسكرية الكبيرة في المدن الرئيسية وتجهيزها بالمعدات الطبية المتقدمة، وإنشاء أسطول جوي للإخلاء الطبي الجوي وفتح المراكز الصحية في المعسكرات والمجمعات السكنية وتوسيع القاعدة الصناعية للمصانع الحربية وبناء نظم جديدة للدفاع مثل نظام القيادة والسيطرة ومركز الدفاع الوطني، وإنشاء هيئة عامة للمساحة العسكرية لرسم الخرائط العسكرية الجوية والبحرية، والعمل على إيجاد طائرات حربية مقاتلة قوية بعيدة المدى بمواصفات عالمية، وتدريب القدرات على هذه الطائرات والاستفادة منها وتطوير، وتوسيع الأسطول الجوي للخطوط السعودية ومنشآت القوات المسلحة في شتى البلاد.
وإنشاء تلك المؤسسة العظيمة الخيرية التي قال عنها سموّه: (لقد جاءت فكرة إنشاء المؤسسة بعد دراسة مستفيضة حتى ظهر هذا الصرح الذي يختص بأولئك الذين لا تساعدهم ظروفهم المادية والاجتماعية للعلاج خارج المملكة، وأولئك الذين يحتاجون إلى خدمات متميزة.. وأعمال المؤسسة لا تقتصر فقط على تقديم خدماتها الإنسانية التي تتمثل في التأهيل والرعاية الصحية للمرضى والمسنين والمعاقين، بل انها تقوم بأكثر من ذلك، حيث تساهم في كل ما هو مفيد يخدم المجتمع في حدود أهدافها).
وهناك الكثير من المبادرات الإنسانية التي يقف خلفها سموّه الكريم قلباً وحباً واهتماماً، مروراً بتمويله لمشروع بحث مرض الخرف في المملكة وظاهرة انتشاره ودعم برامج الدراسات الخاصة والبرامج التربوية الخاصة بالمعاقين وانعقاد الدورات العلمية السنوية للمهنيين وتمويل الحصول على المعدات والأجهزة اللازمة لدعم وتطوير برامج التربية الخاصة القائمة في الجامعة.
ولعل من أبرز ما يوليه سموّه الكريم من دعم وتوجيه هو تلك الموسوعة الجبارة.. موسوعة سلطان العالمية (الموسوعة العربية العالمية)، ذلك المشروع -الذي تم بفضل الله ثم تلك الجهود التي يوليها سموّه- في زمن وجيز في 30 مجلداً فاخراً.
وهذا قليل من كثير مما تم إنجازه وتطويره من قبل صاحب الأيادي البيضاء -حفظه الله ورعاه- ولا يزال سموّه الكريم يولى اهتمامه بمساعدة الآخرين وبذل الخير للمحتاجين ومساعدة أهل القرآن والمساكين في كل زمان ومكان ودعم الجمعيات الخيرية وبناء المساجد داخل المملكة وخارجها، ويسعى جاهداً لمصلحة الأمة والدفاع عن هذا الدين وهذا الوطن الحبيب.. فهو رجل في أمة، ورجل الخير والإنسانية. نسأل الله أن يشفيه ويعافيه.
|