* بغداد - (رويترز):
يضرب سائق الشاحنة العراقي رأسه بيده غير مصدق ما حدث وهو يستعيد صرخات فتاة يقول إن الجنود الأمريكيين اغتصبوها أمام والدها، وعندما يتذكَّر أن جندياً أمريكياً تبوَّل عليه خلال فترة اعتقاله في سجن أبو غريب.
احتجز صدام صالح لأربعة أشهر في المعتقل الواقع خارج بغداد. وكان الحراس الأمريكيون يجبرونه على البقاء عارياً لمدة 23 ساعة يومياً طوال 18 يوماً، كانوا يقيدون خلالها يديه وساقيه إلى قضبان زنزانته فيما كانوا يديرون موسيقى صاخبة في أذنيه على الدوام. وظهر صالح البالغ من العمر 29 عاماً مرة واحدة على الأقل في صور التعذيب والامتهان التي سجَّلت جانباً مما كان يجري في أبو غريب. وبدا صالح في إحدى هذه الصور واقفاً في صف من سجناء عراة وضعت أكياس داكنة على رؤوسهم فيما كانت الجندية ليندي انجلاند تشير بيديها إلى أعضائهم التناسلية والسيجارة في فمها.
وأمضى صالح معظم الوقت في وحدة اعتقال بساحة السجن مسيجة بالأسلاك الشائكة إلا أنه طوال شهر تقريباً احتجزه الأمريكيون في زنزانة رقم 42 بالقطاع 1 إيه وهو الجناح الأسوأ سمعةً، حيث جرت معظم الانتهاكات.
إن أبشع ما يتذكره صالح هو اغتصاب فتاة يبدو أن عمرها لم يكن يزيد عن 16 عاماً، ووفقاً لصالح قام جندي أمريكي بنزع ملابسها واغتصابها أمام والدها الذي كان مقيداً إلى القضبان في ردهة خارج القطاع 1 إيه.
وقال (عندما بدأت تصرخ لا يمكن أن تتخيَّل كيف كان وقع صوتها، ما زال صدى صرخاتها يدوي في رأسي، أي حيوان وضيع يمكنه فعل ذلك).
وأرسل صالح إلى أبو غريب أول ديسمبر - كانون الأول في العام الماضي بعد أسوأ انتهاكات قيل إنها ارتكبت هناك وأطلق سراحه يوم 28 مارس - آذار حسبما تقول وثائق الإفراج عنه التي يتضح منها أنه السجين رقم 200144
ولا ينسى صالح أبداً كيف (قام جندي أمريكي بالتبول علي وضربني بقضيب من الحديد وجرني على الأرض وأنا مقيد بسلسلة). وعندما تعصف وقائع ما جرى بدماغه ينقلب لسان صالح فجأة إلى إنجليزية بدائية جداً مكرراً كلمات كان يسمعها غالباً من سجانيه الأمريكيين مثل (ابن العاهرة) و(ابن الزانية). ويقول صالح وهو سائق شاحنة من غرب بغداد إنه اعتقل في العاصمة العراقية بعدما توجَّه إلى مركز الشرطة ليلفت نظرهم إلى سيارة مريبة.
وبعد العثور على مبلغ كبير من المال معه اشتبه فيه رجال الشرطة وسلَّموه للقوات الأمريكية. ويقول صالح إنه كان ينوي شراء أثاث منزل الزوجية بما كان في حوزته من مال. ويضيف أنه لم يعرف أي تهم موجهة إليه إلا قبل الإفراج عنه بثلاثة أيام، لقد أبلغه الأمريكيون بأنه اعتقل للاشتباه في انتمائه إلى خلية إرهابية.
ويعرف صالح أن الجندي جيريمي سيفيتس الذي التقط كثيراً من الصور التي نشرت ستبدأ محاكمته عسكرياً في بغداد اليوم الأربعاء وهو يريد حضور المحاكمة. ولو حاولوا منعه فإنه سيدخل بالقوة كما يقول.
وتابع (أريد أن أقدِّم الدليل، أريد أن أحكي لهم عما عانيت). ويعتقد صالح أن جزاء الجناة لا بد أن يكون من جنس العمل. وقال (وليكن ذلك لمدة نصف ساعة فقط. سيكون في ذلك ما يكفي). ويشعر صالح بالضيق لأن العراقيين لن يشاركوا في المحاكمة. وقال (لو أن القوات العراقية غزت أمريكا وعاملت الأمريكيين بمثل تلك الطريقة التي عاملونا بها هل كانوا سيتركون العراقيين يحاكمون الجناة بأنفسهم. إنه أمر غير معقول بالنسبة لي أن يصبح العدو هو القاضي).
ومع قرب انتهاء المقابلة طلب صالح من المترجم أن يفسِّر له المكتوب في وثيقة الإفراج التي حصل عليها من السجن والتي كان يحتفظ بها في محفظته. وبعد أن نقل له المترجم ما في الوثيقة سأل صالح: (ولكن هل قالوا فيها نحن آسفون).وبعد ستة أسابيع من إطلاق سراحه يقول صالح إنه فقد الرغبة في الحياة. وأنه يشعر بخجل شديد يجعله غير قادر على رؤية أصدقائه أو أسرته أو التحدث إلى خطيبته أو مقابلتها، لقد ألغي الزفاف. وقال (كنت رجلاً من قبل لكن رجولتي نُزعت مني. منذ ما جرى لي أعتبر نفسي ميتاً. حياتي انتهت.
|