Wednesday 19th May,200411556العددالاربعاء 30 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

وارتحل فهد العريفي ابن حائل الوفي وارتحل فهد العريفي ابن حائل الوفي

اقتضت قدرة الباري والباقي عز وجل أن كتب على كل نفس منتهاها، وأن الديمومة صفة تفرد بها الخالق عن الخلق.. وأن الاستسلام والإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان يتطلب الإيمان به.. أحبك هذه الكلمات، وفي الحلق غصة، وأكتب هذه العبارات وفي القلب آهة، في فقد شخص ليس ككل الأشخاص نفتقد شخصية طالما كان علما من أعلام الصحافة، ورائدا من رواد الحرف والكلمة الأوائل الذين كانت لهم بصمات واضحة ومعروفة، ولم يكن من هواة استغلال القلم لتحقيق غاية، أو الحصول على مصلحة، أو نيل هدف معين وبسببه فقد الوظيفة، ولم يستزد من المال ليصنف من الأثرياء، لأن الحقيقة ديدنه، وقول الحق والصدع به خلق تربى عليه، وبهذا نال من المتاعب والمعاناة ما الله به عليم.. إن هذه الشخصية الوطنية المخلصة، وهذه الشخصية الإعلامية الفذة والمتمثلة في الأستاذ القدير والكاتب والأديب الكبير فهد علي العريفي نسأل الله أن يعلي قدره في جنة عرضها السماوات والأرض وأن يتغمده بواسع رحمته الذي فجعنا لخبر وفاته، وما كان منا إلا الاستسلام بالقضاء والقدر.. الأستاذ فهد العريفي الذي يعد من رواد الكلمة على مستوى الوطن العربي بما يحمله من هموم أمته وآمالها.. الأستاذ العريفي ذلكم الإنسان العظيم الكريم الذي أحب الناس وأحبوه في إنسانيته وأخلاقه وسخائه وتواضعه.. هذا الإنسان الذي ارتبط اسمه بالإعلام عقودا من الزمن.. هذا الإنسان الذي استغله الإعلام، ولم يستغل هو الإعلام.. هذا الإنسان الذي أتعبه الإعلام وأقض مضجعه القلم.. هذا الإنسان الذي أجهد قلبه في البوح عما ينبض به.. هذا الإنسان الذي أرهق نفسه في سبيل قول الحق والصدع به.. هذا الإنسان الذي أشغل فكره وعقله ليعبر عن هموم الناس ومعاناتهم.. هذا الإنسان الذي لم يتوان عن قضاء حوائج الناس وطلب الشفاعة لهم.. هذا الإنسان الذي حمل حب حائل وعايش همومها ومعاناتها بالأفعال لا بالأقوال.. هذا الإنسان كان مثالا رائعا للابن البار لمسقط رأسه، سخر قلمها لدعم مطالبها وبث شجونها، ولم يتوقف يوما من الأيام هذا الحب الذي تغلغل في سويداء قلبه وجرى في عروقه مجرى الدم، إنه الوفاء ثم الوفاء ثم الوفاء وآخر ما قاله عن حائل كان في حوار جريء مطول مع جريدة عكاظ في 2- 1- 1425هـ ومما قاله بالنص (الاتهام بالاقليمية سمعته ورددت عليه.. وقلت لهم: حين سأل سائل إحدى الأعرابيات: من أحب أبنائك إليك؟ قالت: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يشفى، والغائب حتى يعود.. وحائل المنطقة مريضة اسمه (الطرق).. وحائل المنطقة مريضة بالتعليم الجامعي، ومريضة بالمجال الصحي و..و.. إلخ وعندما تشفى من هذه العلل القديمة فسوف أتوقف عن الكتابة).. ولعل من المواقف الشخصية التي حدثت بيني وبينه عندما زرته في الصيف المنصرف في استراحته بالودي بحائل، وكان يتكئ على عصا أتحفني بعبارات الشكر والثناء، وأشاد بكتاباتي وأوصاني بعدم التوقف، وهذا يدل على تواضعه وكريم خلقه.. حقيقة فجعت حائل بحاضرتها وباديتها بخبر وفاته، بل الوطن كله فجع أيضا بفقد علم من أعلامه الأفاضل.. فمهما كتبت وعبرت عن هذه الشخصية النادرة لن أستطيع أن أوفيه حقه، ولكن هي مشاعر فياضة أبى قلمي إلا أن يسطرها في حق أبي عبدالعزيز- رحمه الله- منتهجا هدي المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام بقوله (اذكروا محاسن موتاكم) أو كما قال..
قبل الختام أقدم خالص التعزية لأبنائه وبناته وزوجته، وأن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يسكنه فسيح جناته {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }،،

* مشرف تربوي بتعليم حائل
بدر بن عبدالله العردان


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved