مسيرة حياتنا (استفهام) معطل ترك على قارعة الطريق (إجابة) مهملة إلى أن اعتراها الخمول فاندثرت مع من اندثر، وفقدنا ثنائي الفهم.
(أنت تسأل ونحن نجيب) عبارة لا تشفي الغليل، أو تعبئ فكر الجائع، بل تجبره على سد جوعه بوجبة سريعة يعاني بعدها عسر الهضم أو تكسر المعلومة بجانب أنيميا الجهل، فيغدو ألعوبة كدمية ربطت أعضاؤها بين أنامل مهرج يوجهها كيفما يشاء لافتقارها لأعضاء تغنيها عن عبثه.
في حياتنا نعاني من شبه تعطيل للاستفهام مما يترتب على ذلك غياب الإجابة، وتقييد التعطيل ضد مجهول، فأفرز لنا المجتمع عدة جهلاء اتهموا بصب خرسانة جاهزة في دماغ كل فرد تقدم بخطاب تضمن استفهاماً.
****
الطالبة: أستاذة قلت إن من موجبات الغسل (الاحتلام) فما معنى (الاحتلام)؟
الأستاذة: اسألي أمك.....!
ولأن علاقتها بوالدتها مشوبة بشيء من التوجس والخوف وعدم الأخذ والعطاء غلفت الاستفهام وبحثت عن الجواب بطرق أخرى ومن منافذ مشبوهة، وعلى المعلمة أن تحتمل تبعات غلق دائرة الاستفهام بمساحة ضيقة لكي لا تتسع.
عادات وتقاليد أسرية...
أنظمة وقوانين إدارية...
سنن، أوامر، نواهٍ، فرضيات..
جميعها تحرض على الاستفهام، ولأن الإجابة مهملة عُطِّل الاستفهام فأنتج لنا أفراداً خارجين عن العادات والتقاليد والسنن والأوامر والنواهي والأنظمة والقوانين والفرضيات..
فهل بعد تعطيل الاستفهام وحدوث ما حدث نقع عليهم باللائمة..؟
استفهام أدرك أنكم ستعطلونه بيد أنه سيأخذ مجراه، ويصب في مصبه، وينافح في سبيل إثبات بنوته الشرعية لنا.. ليس بما يمتلكه من (حمض نووي) أو صفات وراثية!! بل بما نمتلكه من نوافذ مشرعة تجدد هواء غرفنا منذ الصباح الباكر فتعبأ رئتنا بأكسجين نقي يرفض تزاوجه مع ثاني أكسيد الكربون فيطرده على عجل.
الاستفهام المعطل سابقاً استرد عافيته ونشاطه وعاد أكثر قوة وإصراراً على ترقب الإجابة.
لا مكان لرؤوس تطأطىء خجلاً..
ولا أكف ترتجف حياء..
ولا للسن يتلعثم خوفاً..
سيطلق الصغير قبل الكبير أعنّة الاستفهام.. وسيرضخ الطرف المقابل لإجابته.. لابد أن يرضخ.
أمام الإصرار على الاستفهام سيرضخ حينما يلمس جدية طرحه ومخاطر مترتبة على إهماله إن أهمل.
يحتك الأبناء بمحيط خارجي متسع الألفاظ والسلوكيات والنوايا طيبها وخبيثها.. يلتقطون من هنا عبارة، ومن ذاك لمسة يجهلون الهدف من العبارة واللمسة؟ وحينما لا يوجههم بإجابة متكاملة إلى من سيلجأون طلباً للفهم.. وكيف هي إجابته لهم.. كيف!؟
فاكس: (8435344) 03 |