الوداع كلمة ما أثقلها على اللسان لحظتها تخفق القلوب وتترقرق الدموع وتتفجر براكين العواطف والأحزان.. آه من هذه الحياة لقد أصبحنا فيها طعماً يقتات به ما أكثر مشكلاتها وما أسرع غدرها ،يعيش الإنسان بها هادئاً مطمئناً ومن ثم تجرفه بتياراتها ويتشبث بها ثم ترمي به على قارعة الطريق.
لقد سمعت قصة ليست من نسج الخيال عن شاب جرفته المدنية والحضارة المزيفة الى الهاوية فتحول من شخص يحمل كل معاني الأدب والاحترام والالتزام الى شخص آخر يحمل الأمراض الموبوءة بفعل المخدرات التي أردته قتيلاً.. لقد عادت قوارب الاوجاع تمر بخيالي فتخيلت حال والديه بعد سماع ذلك الخبر المفجع فانحدرت من عيني دمعة تجر اختها لقد احسست بعظم مصابهما فالمخدرات قد قتلت فلذة كبدهما.
انه جرح يسكن في النفس بل يأبى ان يندمل لقد استبدلا أحلامهما بالآلام التي احتضنتها الزفرات لتتدفق انهاراً من دموع اشبه ما تكون بسيل جارف.
ان امثال ذلك الشاب كثيرون فهم في البداية يمتلكون قلباً رقيقاً وطبعاً هادئاً وفجأة بعد ان يعطوا الحرية ويترك لهم الحبل على الغارب ويتعرفوا على ثلة من اصدقاء السوء يبدأون في الانحدار ابتداء من السجائر مروراً بالاسفار وانتهاء بالمخدرات والأمراض.
نعم ذلك حال بعض شبابنا وللأسف الكثير منا يتساءل ما السبب ؟
هل نحمل الحضارة والتقدم المسؤولية أم نحمل ذلك لهؤلاء الأصدقاء أم للحرية التي تعطى لمن لا يستحقها ؟ولكن بعد ماذا؟
بعد فوات الاوان وبعد ان تقع الفأس في الرأس ويحدث مالا تحمد عقباه
إن الكثير منا يحمل الزمن المسؤولية فيقول: هذا الزمن زمن التقدم والتطور زمن الفضائيات والإنترنت، زمن التكنولوجيا والاختراعات وهو المسؤول عن انحراف الشباب..! مسكين أيها الزمن إننا دائماً نلومك ونلقي احمالنا عليك مع أن العيب فينا وصدق من قال:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان بنا هجانا |
إننا نرمي بأحمالنا على الزمان بعد ان تخور قوانا ونعجز عن حملها والحقيقة غير ذلك.. إن قصة هذا الشاب الذي انخرط بسهولة في طريق المخدرات حتى اهلكته قد تكون عبرة وعظة لكل شاب فيتسلح بسلاح الإيمان فللإيمان حلاوة فهو الوحيد بإذن الله الذي يحمي من الانزلاق في المتاهات والأخطار.
إن تلك القصص المؤلمة تجعل النفس تنصهر في بوتقة الاحزان وتجعل القلب يعتصر الما وحسرة ولكن عزاءنا الوحيد ان تلك القصص المؤلمة لا يمكن ان نعممها على جميع شبابنا وأصحاب تلك القصص قلة بحول الله.. فما أروع شبابنا المسلم وهو يبتعد عن غياهب الدنس المتعفن ومآزق التربص والخوف والضياع والفساد متشبهاً بالصالحين قبله ليتحقق قول الشاعر:
فتشهبوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح |
حمى الله شباب أمتنا من طرق الهوى ومسالك الردى.. انه سميع قريب مجيب الدعاء.
|