* القاهرة - محمود الشناوي - أ.ش.أ:
يبدو أن أثر المبادرة السعودية لتهدئة أسعار النفط التي أصابها الانفلات والجنون باقتراحها زيادة سقف انتاج منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك لم يظهر له أثر حتى الآن رغم تعهداتها بامدادات أكبر لعملائها في الولايات المتحدة وأوروبا خلال يونيو القادم.
وتشير التقارير الى أن أسعار النفط ارتفعت الى أعلى مستوياتها على الاطلاق الأسبوع الماضي وسط مخاوف من تعطل امدادات النفط من الشرق الأوسط مما قد يحد من امدادات الوقود مع نمو الطلب في الصين والولايات المتحدة.
وتمثل نهاية مايو الحالى البداية الفعلية لموسم الذروة في استهلاك الوقود في الولايات المتحدة حيث ينطلق الأمريكيون بسياراتهم في رحلات طويلة لقضاء عطلات الصيف، كما أن النمو الاقتصادى العالمي القوى يدفع الطلب على النفط للنمو بمعدل أسرع من المتوقع.
وقد ارتفع الخام الأمريكي الخفيف عشرة سنتات الى مستوى قياسي بلغ 41.22 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى له منذ 21 عاما منذ بدء بورصة نايمكس الأمريكية التعامل مع عقود النفط الآجلة.
وقال دينيس كونجسيري نائب رئيس شركة ميتسوي أند كومباني أنرجي ريسك مانجمنت في سيدني: إن الشكل الذي ترتفع به أسعار سوق النفط يعد ارتفاعا تدريجيا على نطاق واسع يستمر مدعوما بسوق منتجات قوية وهوامش ربح كبيرة للمصافي.
وأضاف أنه في هذه المرحلة تشعرالسوق بالقلق من أن يكون أثر اجراءات التخفيف التي تتخذها أوبك محدودا للغاية، فنظرا لأن المنظمة لديها طاقة فائضة تقدر بنحو 2.5 مليون برميل يوميا.. فإن ذلك لا يترك مجالا كبيرا لأن تسوء الأوضاع بدرجة كبيرة على مستوى العالم.
وقد سبب ارتفاع أسعار النفط بنسبة 25% خلال العام الجاري قلقا للدول المستوردة له نظرا للتأثيرات السلبية الناجمة عن ذلك الارتفاع على اقتصاداتها والمتمثلة في زيادة تكلفة الانتاج والنقل، وارتفاع المستوى العام للأسعار والحد من نسبة النمو الاقتصادي وكلها أمور تحد من شعبية الحكومات.
أما الدول المصدرة للنفط، فتعاني انقساما في صفوفها، فالسعودية والكويت من جانب تفضلان رفع سقف الانتاج في محاولة لخفض الأسعار، وعلى الجانب الآخر تعارض دول كفنزويلا مثل هذا الاجراء حيث ترى انه لمصلحة الدول المستهلكة الكبيرة وعلى رأسها الولايات المتحدة.
ويرى سيمون فانشتوك رئيس شركة أنابيب النفط الروسية أن ازدياد الطلب على النفط منذ 16عاما بسبب النمو السريع في الاقتصاد الصيني أدى الى زيادة الطلب على النفط بنسبة 20 % خلال العام الماضي وذلك الاضافة الى ازدياد الطلب في الولايات المتحدة بعد تعافي اقتصادها.
أما الدكتور ليو درولاس الخبير بالمركز البريطاني لدراسات الطاقة الكونية فيرى أن ارتفاع أسعار النفط يأتي أيضا بسبب المخاوف مما يمكن أن يحدث بعد تسليم السلطة للعراقيين في 30 يونيو المقبل
ويشير جون كيلدوف المحلل المتخصص في شؤون الطاقة الى أن الهجمات التي شهدتها الرياض والتي استهدفت المكتب السعودي لشركة نفط أجنبية خلال الشهر الحالي مما أدى الى مقتل 6 أجانب بالاضافة الى الهجوم على مصفاة البصرة، أدت الى الاعتقاد بأن المنشآت النفطية أصبحت هدفا لعمليات التخريب.
وتتوقع جوليان لي الباحثة بمركز دراسات الطاقة العالمية استمرار ارتفاع أسعار النفط لعدة أشهر على الرغم من أن منظمة أوبك سمحت لأعضائها بانتاج ما يزيد على حصصها الطبيعية من أجل الحد من ارتفاع الأسعار.
وفي هذا الاطار حذر بورنومو يوجانتورو رئيس أوبك من أن المنظمة قد لا تتمكن من السيطرة على أسعار النفط المتزايدة، مشيرا الى أنه سوف يتم بحث خطط زيادة الانتاج خلال اجتماعات بيروت في 3 يونيو المقبل .
وكان تقرير صادر عن وزارة العمل الأمريكية قد أكد أن ارتفاعا كبيرا في الأسعار شهدته الولايات المتحدة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وخاصة البنزين.. مما يعزز المخاوف من عودة الكساد واصابة الاقتصاد الأمريكي وهو الاكبر عالميا بهزة عنيفة.
واستمراراً لتداعيات ارتفاع أسعار النفط، فقد أعلنت شركة الخطوط الجوية البريطانية انها ستزيد أسعار تذاكر الطيران حيث تقرر اضافة خمسة جنيهات استرلينية على تذاكر الطيران الذهاب والعودة و2.60 جنيه استرليني على تذاكر الذهاب أو العودة فقط.
وتأتي هذه الخطوة عقب اعلان مماثل لشركة الخطوط الاسترالية كانتاس بأنها ستزيد من أسعار تذاكر الطيران لمواجهة ارتفاع التكاليف، وخاصة أسعار الوقود بنسبة 57%.
وأعلنت الشركة البريطانية أنها ستراجع هذه الزيادة بشكل مستمر نظرا للزيادة المستمرة في أسعار النفط على انه سيتم النظر في تثبيت سعر التذكرة عندما يكون الوقت مناسبا.
في الوقت نفسه، قالت شركة الخطوط الاسترالية انها ستضيف ستة دولارات استرالية على أسعار تذاكر الرحلات الداخلية و15 دولارا استراليا على أسعار تذاكر الرحلات الدولية، وقال جيف ديسكون المدير التنفيذي للشركة: ان التوتر المستمر في منطقة الشرق الأوسط وزيادة الطلب الأمريكي والصيني على النفط هي أسباب الارتفاع الأخير لأسعار النفط، مشيرا الى أن أية شركة لا تستطيع أن تتحمل وحدها هذه النفقات.
وعلى الرغم من المخاوف بتأثر الاقتصاد العالمي بهذه الهزة الكبرى في أسعار الطاقة، تتعالى أصوات تدعو الى الاطمئنان وخاصة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، حيث أكد جريجوري مانكيو رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض أن الاقتصاد الأمريكي مازال على الطريق لتحقيق الانتعاش.
واشار الى أن أسعار النفط الراهنة لا تشكل تهديدا يذكر على تعافي الاقتصاد الأمريكي وذلك على الرغم من أن البنزين بلغ أعلى مستويات ارتفاع بالنسبة لسعره بعد أن أظهرت البيانات الحكومية أن المخزون ينخفض في وقت تسعى فيه المصافي لزيادة المخزون قبل ارتفاع الطلب على النفط خلال أشهر الصيف.
ويرى المراقبون أن اجتماعات أوبك المقبلة في بيروت والتي من المقرر أن تضع استراتيجية لزيادة الانتاج قد تسهم في استقرار أسواق النفط حيث تمتلك أوبك فائض انتاج يقدر ب2.5 مليون برميل يوميا مما يعزز الاعتقاد بأن المنظمة لن تترك مجالا كبيرا لأن تسوء الأوضاع بدرجة أكبر على مستوى العالم.
ويتوقع محللون أكثر تشاؤما استمرار ارتفاع الأسعار مما ينبئء بحلول حالة من الكساد قد تعطل الطفرة التي يشهدها الاقتصاد العالمي مدفوعا بالنمو الأمريكي.
|