* غزة - من - نضال المغربي - رويترز:
من أجل المال اقترف سامي أبشع جريمة بالنسبة للفلسطينيين. لقد وافق الشاب البالغ من العمر 22 عاماً على التعاون مع إسرائيل وتسلل إلى جماعة مقاومة فلسطينية وأخذ ينقل المعلومات لاسرائيل وأحبط عمليات تفجير خطط لها رفاقه لقتل جنود اسرائيليين في غارات عبر الحدود. وفي المقابل حصل سامي على جائزة اسرائيلية وهي تصريح انتقال كما عثر على عمل ثابت في الضفة الغربية. وعاش حياة مزدوجة طوال ثلاثة أعوام ونصف العام قبل ان يعتقل منذ أشهر قليلة. وهو الآن واحد من عشرات المتهمين بالتجسس في سجون السلطة الفلسطينية.
ويخشى هؤلاء على حياتهم مع تصاعد المطالب الشعبية لتصفية العملاء منذ ان اغتالت اسرائيل الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ثم زعيمها في غزة عبد العزيز الرنتيسي.
وتعود قدرة إسرائيل في رصد تحركات قادة النشطاء الفلسطينيين وإجهاض بعض محاولات بعض المهاجمين الفلسطينيين تفجير أنفسهم في أهداف اسرائيلية باعتقالهم قبل الشروع في ذلك في جزء منها إلى نشاط شبكة فعالة من الجواسيس الفلسطينيين.
لقد قتلت الجماعات الفلسطينية 30 عميلا على الأقل.
وفي أعقاب اغتيال ياسين والرنتيسي في مارس اذار وابريل نيسان هددت بحملة لاستئصال هؤلاء بلا هوادة. وقال أبو قصي قائد كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في غزة ان عدد المتعاونين مع الاحتلال الاسرائيلي يقدر بالعشرات وليس بالآلاف كما يقول بعض المسؤولين الفلسطينيين.
وتعارض السلطة الفلسطينية عمليات اعدام دون محاكمة حتى لا يقتل أبرياء كما حصل أثناء حملة في التسعينات.
وقال سامي في مقابلة داخل السجن حيث ينتظر محاكمته (لم أظن أبدا أنهم سيكتشفون أمرى). وهو يواجه عقوبة سجن طويلة الأمد.
وكان سامي يتحدث بصوت خافت ويتجنب عدسات الكاميرا شاعراً بالخجل وخائفاً من عواقب تهمة دفعت عائلات عملاء آخرين للتنصل منهم. وتابع في إشارة إلى حالة الفقر التي تعصف بقطاع غزة حيث معدل البطالة يتجاوز 50 في المئة (لم أكمل تعليمي بسبب صعوبة ظروفي المالية. رأيت انه لا بد من الحصول على تصريح اسرائيلي بالعمل في الضفة الغربية لمساعدة أسرتي). وقال ان ثمن الحصول على التصريح من نقطة إسرائيلية على الحدود كان التعاون مع الجيش الاسرائيلي.
وأضاف سامي وهذا ليس اسمه الحقيقي (طلب مني ضابط المخابرات الاسرائيلي هناك ان أبحث عن أي متفجرات في المناطق الحدودية (زرعها نشطاء) تحسبا لعمليات اقتحام تقوم بها القوات الاسرائيلية.
وتابع انه للقيام بذلك عمل على التسلل إلى صفوف أحد فصائل المقاومة واكتسب ما يكفي من ثقة القائمين عليه لينضم إلى جناحه المسلح. وكان سامي يقوم بإبطال مفعول متفجرات زرعها نشطاء بعضهم من جماعته. وقال (كانت المتفجرات بدائية للغاية وكنت أقوم فقط بقطع الأسلاك المتصلة بالمفجرات. وكنت أبلغ الاسرائيليين فقط بمواقع الجماعات المسلحة). واستولت اسرائيل على قطاع غزة والضفة الغربية في 1967. ومنحت الفلسطينيين الحكم الذاتي خلال الفترة بين 1993 و1994 إلا انها احتلت من جديد مناطق واسعة من الضفة الغربية وقطاع غزة بعد تفجر الانتفاضة الفلسطينية في عام 2000 ضد الاحتلال الاسرائيلي.
ويقول مسؤولو الأمن الفلسطيني ان ضباط المخابرات الاسرائيلية حاولوا دون توقف منذ ذلك الحين تجنيد عمال ومسافرين فلسطينيين عبر نقاط العبور التي تسيطر عليها اسرائيل وذلك باغرائهم بالمال وحرية التنقل والفاحشة ومختلف الرذائل المرغوبة لذوي الأنفس الضعيفة.
ودافع نشطون عن عمليات الاعدام للمتعاونين المزعومين في الضفة الغربية بالقول ان قوات الأمن الفلسطيني تبدو بلا أي سلطة تمكنها من التحرك لأنها عاجزة أما بسبب الحملات الاسرائيلية ضد الانتفاضة الفلسطينية أو نتيجة الصراعات الناشبة داخلها.
وعاقبت السلطة الفلسطينية الكثير من العملاء باحكام اعدام منذ 1994 إلا ان ثلاثة فقط هم الذين نفذت فيهم تلك الأحكام. وأطلق سراح بعض العملاء الأقل شأنا الذين سلموا أنفسهم وقدموا بعض الاعترافات. وحث مسؤولو الأمن النشطاء على تسليم المشتبه بهم للتحقيق والمحاكمة بدلا من الاضطلاع بالأمر تحت ضغط شائعات وبدون أدلة ملموسة أو رغبة في تسوية نزاعات. وغالبا ما يقول العملاء أنهم اضطروا للتعاون مع الاحتلال الاسرائيلي تحت ضغط الحاجة للمال.
وقال ضابط أمن فلسطيني بارز (هذا ليس مبرراً. 99 في المئة من الفلسطينيين يعانون مشكلات مالية. هل يعني ذلك أنهم عملاء. بالطبع لا. لا أحد يموت من الجوع هنا. إلا ان المئات يموتون بسبب المعلومات التي يسربها العملاء لاسرائيل). وتتلقى جميع العائلات المتضررة إعانات من السلطة الفلسطينية والجمعيات الخيرية الاسلامية. ورغم المخاطر لا يكسب العملاء الكثير. قال سامي إنه كان يكسب في العادة نحو ألف شيقل (220 دولاراً) من حين لآخر مقابل تحديد مواقع سرية باعتبارها مناطق خطرة.
|