(توماس فريدمان) هو (كاتب) الشؤون الخارجية في صحيفة (نيويورك تايمز) ويبدو أنه اكتسب شهرة في العالم العربي، تجعله كما يقولون غنياً عن التعريف، وفي الواقع، ليس هناك شخص غني عن التعريف، فكثير من الذين نعرفهم، أو نقرأ لهم يحتاجون الى (هوامش) تعريفية تفيد معارفهم وقراءهم وتضيء بعض ما يكتبون إذا كانوا كتابا وتضعهم في اطار أكثر اكتمالاً.
* عمل (توماس فريدمان) رئيساً لمكتب ال(نيويورك تايمز) في بيروت، وقضى هناك أوقاتاً مثيرة، خلال جزء من الحرب الأهلية اللبنانية، ثم انتقل ليشغل رئاسة مكتب الصحيفة المذكورة في القدس، وألف كتابا بعنوان (من بيروت إلى القدس)، يحكي قصة المدينتين ويتحدث عن أحداث المنطقة، وتعقيدات أوضاعها، ويعتبر الكثيرون هذا الكتاب قراءة ضرورية لمن يريد فهم الشرق الأوسط، والمشكلة العربية الاسرائيلية.
* قبل ذلك، كان (توماس فريدمان) مهتماً بالأمور الاقتصادية والمالية، ويقوم بتغطيتها لعدد من المنشورات، أهمها بالطبع صحيفة ال(نيويورك تايمز) ولكن مشواره الصحفي بعد ذلك وكتاباته المقروءة جداً، وأسلوبه المباشر والمثير، أعطاه الفرصة، ليكون الكاتب الرئيسي في الشؤون الخارجية لاحدى أهم الصحف الأمريكية والدولية، وعندما كتب كتابه الشهير (الليكزوس وشجرة الزيتون) عن العولمة وكيف تعمل على أرض الواقع، اكتسب شهرة كبيرة، كمتحدث في شؤون النظام الكوني الجديد، الذي ظهر الى الوجود، نتيجة للزواج الناجح، بين تقنية الاتصال وتقنية المعلومات، وتقنية الاعلام، والليبرالية الاقتصادية الدولية.
* فاز (فريدمان) بجائزة (بولينزر) ثلاث مرات، وهي أشهر جائزة ينالها كاتب في الولايات المتحدة الأمريكية، وفاز بالجائزة الوطنية للكتاب عن كتابه (من بيروت إلى القدس) ويعتبر الآن، أكثر الكتاب الأمريكيين انتشارا على المستوى الدولي.
* (توماس فريدمان) كاتب أمريكي ليبرالي، وهو لا يستحي من هذه التسمية، التي تعتبر في بعض الأحيان، شتيمة سياسية مؤذية، خاصة في الأجواء الحالية، التي يسيطر فيها الاعلام الأمريكي المحافظ الموجه، وقد استطاع هذا الاعلام اختطاف هذا المصطلح، وتشويهه على المستوى السياسي والفكري وهو كاتب أمريكي يقف إلى يسار الوسط، في الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني، ولا شك ان بعض مقالاته تعتبر مقالات ثورية نسبيا في ظل الأوضاع الحالية للقضية، حيث يحكم (الشارونيون) في اسرائيل والمحافظون الجدد في (واشنطن)، و(الواقعيون) الجدد، في بعض وسائل الاعلام العربية.
* قد نتفق مع (توماس فريدمان) وقد نختلف معه، ولكننا لا نستطيع أن نتجاهله، أو نقلل من أهميته وتأثيره، وعلى كل حال فإن (توماس فريدمان) يتميز في كتاباته، بأنك تستطيع ان تختلف أو تتفق مع آرائه بسهولة، وهي ميزة يفتقدها كثير من الكتاب أمثالنا ويمكن استخدامها حقا كمِسطَرة، للتمييز بين (الهاوي) و(المحترف) وبين (الحرية) في الصحافة و(أشباه) الحرية في الكتابة وإبداء الرأي.
* العقبة الرئيسية في كتابات (توماس فريدمان)، تكمن في أنها كتابات ستثير وتغضب ب(المباشرة)، والإقدام، واعطاءك الشعور بأن هذا الكاتب لم ينم على مقاله ليلة واحدة، قبل ارساله للنشر، وقد يكون البريد الالكتروني سبباً، ولكنني أرجح (المزاج) الفريدماني كسبب أكثر، وجاهة ومنطقية.
* لا يعتذر (فريدمان) عن مسببات الاستثارة والغضب في مقالاته، يقول: إنني أريد أن اتحدى وأن أستثير، وفي بعض الأحيان، أن أجعل بعض قرائي غاضبين، وبالطبع أنا لا أهدف الى الاستثارة، لغرض الاستثارة في حد ذاتها. ولكنني أسعى اليها عن طريق الوضوح، في التعبير عما أشعر به.
وإذا كنت خائفاً من فعل ذلك، فلا أعتقد أنني سأكون قد قمت بعمل كما يجب.
* استثارتنا وتستثيرنا بعض مقالات (توماس فريدمان)، وجعلتنا قوماً غاضبين، بعض هذه المقالات كان ضحية (البريد الإلكتروني)، ومزاج هذا الكاتب وفلسفته الكتابية، ولكن الكثير من مقالاته، بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، وقع ضحية أكيدة لفلسفة (الفُسطَاطين) أو (المعَسكرين) التي أعلنها (بن لادن) والرئيس الأمريكي (بوش) عندما أطلقا صرخات الحرب البائسة.
|