الجلطة الرئوية من أخطر حالات الطوارئ الطبية ، نظراً لصعوبة تشخيصها, وهو الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث الوفاة بسبب عدم دقة التشخيص, وبالتالي خطأ في أسلوب العلاج. . لكن كيف تحدث الإصابة بالجلطة الرئوية ، وماهي العوامل المسببة لها, وأفضل وسائل التشخيص والعلاج، وهل ثمة وسائل للوقاية منها؟
د. محمد موسى عريقات استشاري الأمراض الصدرية في مستشفى الحمادي بالرياض, يجيب عن كل هذه التساؤلات فيقول: الجلطة الرئوية مرض خطير ينتج عن انسداد في الشريان الرئوي, وسبب هذا الانسداد غالباً ما يكون خثرة دموية وأحياناً خثرة دهنية أو هوائية, وهذه الخثرة الدموية غالباً ما تنتج عن انشطار في خثرة دموية أكبر مصدرها الأوردة العميقة في الأطراف السفلية وأحياناً في أوردة الحوض ونادراً ما يكون مصدرها تجويف القلب الأيمن.
*****
وينتج عن تمركز هذه الخثرة الدموية في الشريان الرئوي أو في فرع منه انسداد ذلك الجزء من مسار الدورة الدموية، مما يسبب ارتفاعاً في ضغط الشريان ينتج عنه قصور حاد في البطين الأيمن, وهذا الانسداد يمنع وصول الدم إلى النسيج الرئوي الذي يتبع الشريان الرئوي أو فرعه المسدود, وترجع خطورة الجلطة الرئوية لصعوبة تشخيصها، حيث لا تؤخذ بعض الأعراض البسيطة بعين الاعتبار لعدم خصوصيتها , كما أنها تحتاج لفحوصات شعاعية خاصة لتأكيد التشخيص لا تتوفَّر إلا في المراكز الطبية المتقدمة, وكثيراً ما يكون سبب الوفاة جلطة رئوية لم تشخَّص، وتكتشف في تشريح ما بعد الوفاة.
لذا من الأهمية بمكان عند حالة الشك في الجلطة الرئوية عمل اللازم لتأكيد التشخيص لأن العلاج بمميعات الدم له آثاره السلبية, كما أن عدم العلاج في حالة الجلطة الرئوية له عواقب وخيمة، وربما يؤدي إلى الوفاة في ما يقرب من 30% من الحالات, وحول العوامل المسببة للجلطة الرئوية, يضيف د. عريقات أن السبب الرئيس في حدوث الجلطة الرئوية هو التهاب الأوردة في الأطراف السفلية وتكوين جلطات بها, وكثيراًَ ما يحدث ذلك بعد الولادة والعمليات الجراحية في البطن والحوض وجراحة العظام أو البقاء في السرير لمدة طويلة وتناول حبوب منع الحمل, كما أن حوالي 15% من الحالات لا يوجد عوامل مسببة ظاهرة لها, كما يلاحظ أن الكثير من حالات الوفاة بالجلطة الرئوية مرتبطة بتكرار حدوث الجلطات الرئوية أو بجلطة رئوية ضخمة.
وهناك عدة وسائل لتشخيص المرض كالآتي:
1- العلامات السريرية وتخطيط القلب وأشعة الصدر وغازات الدم وهي علامات مهمة ولكنها لا تؤكِّد أو تنفي وجود الجلطة الرئوية فهي ليست علامات خاصة بهذا المرض , ويمكن للأعراض السريرية أن تكون واحداً أو أكثر من الأعراض التالية : ضيق في التنفس - تسارع في التنفس - ألم في الصدر - سعال حاد أو مصحوب ببلغم مدمم - تسارع في ضربات القلب - ارتفاع في درجة الحرارة - أو حالة صدمة.
2- الأشعة النووية الرئوية (Scintisraphy) : إذا كانت سليمة فهي تنفي وجود جلطة رئوية، ولكن عندما تكون غير طبيعية، فذلك لا يعني دائماً وجود جلطة رئوية.
3- أشعة الأوعية الدموية الرئوية بالصبغة (Angisgiophy) : وإجراء هذه الأشعة ليس سهلاً ويشكِّل نوعاً من الخطورة، ولكنه يساعد أكثر في تشخيص حالات الجلطة الرئوية.
4- فحص القلب بالموجات فوق الصوتية : ECHO Cardiography : وتكمن أهميتها في حالات الجلطة الرئوية كبيرة الحجم.
5- الأشعة المقطعية المحورية: وهي مفيدة في تشخيص حالات الجلطة الرئوية المتمركزة قريباً من القلب الأيمن، ولكنها لا تنفي وجود جلطة رئوية بعيدة عن القلب الأيمن في حال كونها سليمة.
6- فحص أوردة الأطراف السفلية بالموجات فوق الصوتية : ويساعد هذا الفحص في تشخيص التهاب الأوردة العميقة للأطراف السفلية مما يؤكِّد أو ينفي وجود عامل مسبب للجلطة الرئوية.
وحول الوسائل المتبعة في علاج الجلطة الرئوية, يقول استشاري الأمراض الصدرية: في حالة الاشتباه بالجلطة الرئوية يجب نقل المريض إلى قسم العناية الفائقة، حيث يتم تشخيص الحالة والبدء في العلاج, والعلاج يتطلب إعطاء المريض أدوية مميعة للدم عن طريق الحقن الوريدية وأحياناً عن طريق الحقن المباشر في الشريان الرئوي, يتبع ذلك وبعد استقرار الحالة العلاج بالأقراص لعدة أشهر مع مراقبة تميع الدم باستمرار, وقد يتطلب علاج الجلطة الرئوية التدخل جراحياً لإزالة الخثرة الانسدادية في الشريان الرئوي؛ وذلك في حالات الخطورة القصوى ووجود موانع لاستعمال مميعات الدم, وفي مثل هذه الحالات فإن نسبة الوفاة تكون عالية, ومن هناك تكمن أهمية وسائل الوقاية من الإصابة بالجلطة الرئوية, وتعتمد الوقاية على تجنب التهاب أوردة الأطراف السفلية, باتخاذ الاحتياطات اللازمة: في حالات العمليات الجراحية أو ما بعد الولادة, ومن هذه الاحتياطات قيام المريض من الفراش بأسرع وقت ممكن, وتحريك المريض خاصة الأطراف السفلية أثناء وجوده بالسرير, ووضع الجوارب الخاصة بالأطراف السفلية في بعض الأحيان، مع إعطاء المريض حُقناً مميعة للدم في بعض حالات العمليات الجراحية قبل إجرائها؛ وذلك يتوقف على عمر المريض وطبيعة العملية الجراحية، كذلك في بعض حالات قصور عضلة القلب يُعطى مميع الدم بانتظام. من المفيد لتجنب الجلطة معالجة مرض الدوالي, وفي حالة السفر لمدة طويلة على المسافر أن يتجنب الجلوس المستمر, وفي حالة السفر بالطائرة لعدة ساعات يجب اتباع التعليمات الخاصة بتحريك الساقين والقدمين.
|