Monday 17th May,200411554العددالأثنين 28 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
الأمر لك يا الله !!
خيريّة إبراهيم السقّاف

كنت قد استغرقت في بعضٍ من هُمومِ العمل ومتطلباته، وأنكرت البارحة على نفسي، تأخُّر سؤالي عن صديقة حميمة، فاستعجلت أزرَّة الهاتف صوتها، رغبتٌ في الاطمئان، وتقديم الاعتذار، وقد عوّدتني السُّؤال في حضوري وغيابي، ومثلها من الصَّديقات يندر وجودهنّ في زمن المشاغل، والانشغال، والتسابق، بل التزحلق!...
جاءني صوتها هادئاً تشوبه الحسرة، ويلوِّنه الألم، وتختفي خلف نبراته الدُّموع، ما الخبر؟!!، وجال ظنِّي بعيداً عن ثقل ما يدكّ صدورنا من فجائع يوميّة تنتهك معنى الحياة، وكلَّ تفاصيل موجبات العيش السِّلمي فيها...
قالت: خرجا من بيتهما ولم يعودا، خمسة أيَّامٍ صديقتي ولم يعد الشابان لبيتهما فيما أمّهما تنتظر سقوط الدَّار بجرَّافات صهيون!!
آه... وأهلها هناك، في غزّة المرابطة عند يمِّ الحلم...، والنَّار تنهش سيقانها العتيقة وقد ضربت جذورها في عمق التَّاريخ!
أيُّ تاريخٍ تثمَّنُ قيمته في حضور هذا (المارد) الطاعون الذي يفتك بفرح البشريّة، ويحرق ذؤابات بوصلات السَّلام، والحب، والسكينة، والطمأنينة، بل الإحساس بقيمة أن يحيا الإنسان ليحيا في سلام وليؤدِّي طقوس السَّلام...
صديقتي، تشاطرها كلّ ذرة حس في كيان نابض بالثِّقة في أنّ الله تعالى يمهل ولا يهمل...
صديقتي، تتوجَّس في توجيه السُّؤال: لمن يكون السُّؤال...؟
أين، وأين، وأين، لماذا، لماذا، لماذا؟! كيف، كيف، كيف؟!
من يبرِّر فتك من؟
ومن يفسِّر إرهاباً وإرهاباً؟
ومن يطلق عناناً ويلجم آخر؟
من له حق القوَّة المطلقة والمفرطة؟
ومن ليس له حقُّ الحياة تحت سقف وإن هو متصدِّع؟
من يساوي الأرض بالدُّور؟ والدُّور بالأرض؟ والإنسان بالتُّراب؟ والتُّراب بالإنسان؟!
من يتخيّل نخوة الإيمان، ودافعية الحق وقد تكفَّنتا قبل الأجساد في مقابر (كان)، ماضٍ مضى ومعه اندثرت العزيمة، والنخوة، والإحساس، و...اختلط في صوت صديقتي صوتي
واندمج دمعها بدمعي (فما حيلة المشتاق غير الدَّمع) والشَّوق هنا ليس الشَّوق للقيا الحبيب، وإنّما لجزِّ أعناقِ من يُقيم طقوس النَّحيب.......وغزَّة بين عيني ربّها، بأناسها وأرضها وسمائها عسى أن يكلأها بعينه التي لا تغفل، وأن يحرسها بقوَّته التّي لا تهن ولا تعجز...، وأن يكون في نحور أعداء دينه درءاً عن عذاب المؤمنين به، والمتوكِّلين عليه...
واللَّهم فإنَّ خوف صديقتي، أماناً أسألك أن تحيله و ترد الشَّابين، وتحيي كلَّ فرد مسلم يعاني فجائع الإنسان وظلمه. وأنت القادر على كلِّ شيء والأمر بيدك من قبل ومن بعد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved