في مقالتها الرائعة.. كتبت لنا حروفها (بلا تردد) منها.. وسطرت موضوعا أخشى أن يستفحل أمره ليكون ظاهرة كيف لا وقت كتبت عن (العنف الأسري).. تلك هي أستاذة الحرف هدى بنت فهد المعجل وفي تاريخ 16-3- 1425هـ من يوم الاربعاء.
أي عنف يدب في نفوس أرباب الأسر، وقواد ممتلكاتهم الخاصة.. فوالله إن الأمر في ازدياد، وهو بحق يبعث في النفوس الحزن والأسى.. أب يتلصص على ابنته عبر سماعة الهاتف.. وأخ يفتش حقيبة أخته في غيابها.. وشعور ملؤه الشك وديدنه ظن السوء.. ما ذنب تلك المسكينة حينما يسلط عليها زوجها أو أخوها أو أبوها سياط عذابه المر فيستعر في وجدانها لظى لا تطفئه مياه الانقاذ ولا ضحكات الذل والهوان.. تلك المرأة عاطفية بالفطرة فلماذا تهان كرامتها ولماذا تجعل ذليلة صاغرة.. ألم يأت الإسلام بتكريمها.. ألم ترد سورة كاملة باسمها.. ألم يعطف رسولنا على بناته.. ويلاطف زوجاته.. ألم يطرق عمر بن الخطاب رأسه حينما وبخته زوجته وحينما سئل عن ذلك قال: احتملتها لحقوق لها علي.. فأين هؤلاء من هؤلاء.. وأين من يزعمون بأن لهم قدوة يحتذون بحذوهم وينهجون نهجهم.. لكنها العنجهية.. وحمية الجاهلية، ان هؤلاء المتغطرسة يظنون كل الظن أن ما يفعلون من القمع المريع هو عين (الفحولة) وغاية الرجولة، فلا يكمل للرجل حُسْنٌ حتى تطول يده على من هو أضعف منه، وايم الله إن هؤلاء وأمثالهم سينالون حظهم في الدنيا قبل الآخرة.. فرحماك يا ربنا بالعباد.. كم كنت أسمع من القصص التي يولدها العنف الأسري.. والذي يكون نتيجته السلب.. ونهايته العاقبة السيئة.
هناك آباء - مجتهدون - لكنهم مخطئون شددوا في التربية.. وطأطأوا رؤوس غيرهم ممن تحت أيديهم.. فكتموا أنفاسهم.. وامتنعوا عن تلبية رغباتهم.. وجففوا كل منبع أمامهم وزيادة على ذلك اتخذوا من التلصص والاستماع والتصنت منهجا لهم.. فيا ترى ماذا ستكون العاقبة! هذه فتاة غاية في الالتزام وتقوى الله - نحسبها كذلك - تبكي وتشتكي من أبيها.. وتقول انها رأته مرارا وتكرارا يفتش في أغراضها.. مما يشوها بالنقص والضعف، وهنا امرأة أخرى متزوجة، وبعد القبض عليها بصحبة أحدهم، وعندما أجري التحقيق معها قالت: والله ما كان لي بذلك قصد غير إغاظة زوجي، الذي يعاملني بالريبة والشك.
أيها الفضلاء: أنا لا أدعو إلى أن تتركوا الأمر سبهللا دون وعي أو حرص، واعملوا أن الفتاة - بطبعها - تفخر بمن يغار عليها.. لكن إذا كانت الغيرة محمودة، وذلك بأن يزرع في الفتاة تقوى الله ومراقبته اينما حلت وارتحلت .. وان تفكر في عاقبة الشيء قبل ان تفعله .. وان تكون المراقبة بضوابطها - دون أن تحس الفتاة بأن عيونا مسلطة نحوها - فإذا علمت بذلك فقدت الثقة.
وصدقت نفسها بأنها على زيغ وضلال.. وقد تكون عن ذلك بمنأى وبعد.. إن القسوة في المعاملة لا تجلب إلا قسوة في العاقبة ويكفينا مثلا على ذلك قول الفتاة لأبيها: ( كفى لوما أبي أنت الملام!!).
والله جل في علاه أرسل لنبيه المصطفى رسالة يقول فيها: {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} فكيف بالفظاظة والقسوة على الأبناء والبنات!؟ إن هناك شيئا يدعى (الانتقام) وباستطاعة الفتاة حينما يتم الضغط عليها أن تقوم به بكل يسر وسهولة.. وأنا لا أؤيدها على فعلها وأنها حينما يضغط عليها تمارس الأشياء المنكرة.. لكني أهمس إلى الآباء بأن يحسنوا التعامل مع فلذات أكبادهم.. ولن يجدوا إلا العاقبة الحسنة التي تسرهم في دينهم ودنياهم.. وان مما آسف له أن بيوتات عدة تتحدث بناتها عن القسوة المادية والمعنوية التي تعامل بها وكأنها نقص على العائلة أو عضو زائد لا بد وأن يزال.. أيها الآباء: عليكم بالنظر إلى أحوالكم.. عليكم بإعادة المياه إلى مجاريها الرقراقة.. عليكم باستبدال السيئ بالذي هو خير.. طالما أنكم في أول المشوار.. قبل فوات الاوان.. وقبل حلول الندم.. ولات ساعة مندم ... قد يتساءل أحدهم ويقول: كيف أعدل من سلوكيات من هم في داخل مملكتي؟ لأجيبه بأنني أقل ممن يضع النقاط على الحروف، لكن هناك فذّين رائعين هما القمة في معالجة أمثال هذه الأمور وهما الشيخ خالد الصقعبي فقلما يخلو شريط من معالجة من قضية من القضايا، وشريط الأستاذ الدكتور الشيخ ناصر العمر المعنون ب(بيوت مطمئنة) والذي أنصح الجميع - بلا استثناء - صغارا وكبارا بأن يقتنوه ويطبقوا نظرياته على أرض الواقع، ليروا حالهم بعد ذلك قد شابه التغير إلى الأحسن.. وهل أردت إلا الإصلاح ما استطعت.. حمى الله أفكارنا.. وذرارينا.. من كيد الكائدين.. ومكر الشيطان الرجيم..
سليمان بن فهد المطلق
بريدة ص.ب: 5802 |