لا شيء يجعلنا نقف صغاراً في مواقع الدهشة والخضوع، قدْر معرفتنا بحجمنا في هذا الكون السرمدي من حولنا، ولا شيء يذكّرنا بمحدودية قدرتنا البشرية، سوى لحظات نتأمل فيها الفضاء من حولنا، استخدم البشر أكبر سرعة معروفة إلى الآن (300 ألف كيلو بالثانية) لقياس الكون ومن هنا استخدم مصطلح السنة الضوئية، أي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة من الزمان.
وبعض النجوم التي نراها في السماء ما هي إلا طاقتها التي قد انبعثت منها بينما هي قد اندثرت قبل ملايين السنين والضوء ما برح في رحلته المهيبة للكون حتى وصل إلينا.
بل إن أقرب نجم إلينا لا يصلنا ضوؤه إلا بعد أربع سنوات من انطلاقه من النجم!!
على الرغم من أن الانسان هو ذرة ضئيلة من الهباء في هذا الكون العارم محكوم بمصيره البشري ووقته المحدود فوق الأرض فهو...
- يسفك الدماء ويفسد في الأرض بدعوى امتلاكه الحقيقة الكاملة دون العالمين.
- يكفر ويفسق ويرمي بتهم الفجور والبغي وفق خزعبلات يتورم بها دماغه البشري المحكوم بمحدودية معرفته البشرية.
- يفرض الوصاية على الآخرين ويبني فوق الرؤوس السقف تلو السقف بدعوى أنه وحده الذي له الأحقية في المعرفة، بينما بقية البشر ما برحوا في مرحلة الطفولة الفكرية.
- يسيء الظن ويستريب بالآخرين على افتراض بأن الآخر هو شر مطلق بحاجة إلى وعظ وترميم وتوبيخ وملاحقة، وأن المجتمعات البشرية هي بؤر للفساد وللمجون يجب اقتلاعها من جذورها كالطوفان وإبدالها بحلم غريب في الأدمغة.
- يعجز عن تحديد موقعه الحقيقي من الكون من ناحية، ومن العالم من ناحية أخرى، فيبقى أسيراً لماضيه ولغة تسوغ وتبرر له هذا الأسْر وأحلام العظمة والطوباوية بماضٍ مجيدٍ، ولا يلتفت أو يصحو لواقع حقيقي يصرخ في وجهه كل يوم بأنه ليس سوى فرد في أمم متخلفة عن الركب العالمي، وذرة هباء في الكون الخارجي الفسيح.
|