في شدة الزحام وعراك الصحف والأوراق ودسامة المواضيع المطروحة في الساحة.. قد لا يكون الوقت كافيا ووافيا لقراءة قصيدة اصطبغت بهموم كاتبها ومبدعها.. لكن أجبرتني قصيدة النثر (ورحلتِ) التي نشرت يوم الاثنين على صفحات مجلتكم الثقافية للقاص محمد صالح القرعاوي - على قراءتها أكثر من مرة، لأنها في الحقيقة قصيدة رائعة جميلة الكلمات أنيقة مشحونة بالعاطفة ومعاناة الفقد والرحيل، وألم الشاعر وتوجعه واستعادته لشريط الذكريات، كل هذا ألبس القصيدة ثوبا جميلا..
أيضا تحرر الشاعر من بعض القيود العروضية والنحوية، وإن كانت مآخذ على القصيدة إلا أنها في تصوري أعطت مساحة للشاعر بأن يقرب الصورة، ويجعل المتلقي يمسك باللوحة وبيده الريشة ليرسما معا الألم والوجع وفصولا طويلة من المعاناة والذكريات التي ضاعت وغابت ولا تكاد ترى.. في (غبش الشائعات).
نداء أخير..
لكل مبدع.. أحبائي الكرام..
لغتنا لغة لينة مرنة تتفاعل، وتمتد فيها ديناميكية وقدرة على احتواء العواطف وكتابة المشاعر بحروف متناغمة منسابة جذابة.. لكن ما نلاحظه في الأخير هو الإغراب في اللفظ ومحاولة الاختفاء خلف كلمات النص، هذا شيء من القدرة والإبداع، لكن الإبداع الذي يشهر النص ويرقى به ويجعل المتلقي يتفاعل ويستمتع هو التبسيط في اللفظ والتبسيط في الفكرة وطريقة طرحها ونزار قباني لم يصل إلى قمة مجده الشعري وهذه الشعبية إلا عندما أصبحت جماهيره تشرب شعره مع الماء، وتتنفسه مع الهواء.. كما يقول، بل يجلس معهم على طاولات أكلهم، ويتسلل إلى غرف نومهم.. وعندما تقام أمسية شعرية يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية. وكل هذا تأتي له بسبب تبسيط العبارة وحرصه على جمالها وانسيابها وبحثه عن إعجاب المتلقي وقراءة مشاعره.
أحبائي.. النخبوية والكتابة المتعالية الغامضة والفلسفات وإقحام النص ما لا يحتمل من قضايا الجدل والمنطق، ومشاكل معقدة يعيشها الكاتب هذه ليست في الشعر والنثر، ولا يطيقها ويتحملها النص بل يمقتها وينبذها المتلقي.
أحبائي.. غرض النص أسلوبي جمالي يخاطب مشاعر ووجدان المتلقي لا يخاطب عقله ويرهق فكره وتتحول القصيدة إلى معادلة رياضية والنص الإبداعي في تصوري هو الذي يشد المتلقي، ويبعثه على التفاعل معه، وذلك بالبعد عن التعقيد ومحاولة الانتقاء والتيسير والتبسيط.
خالد عبدالعزيز الحمادا/
متوسطة الشيخ صالح البليهي- تحفيظ - بريدة |