Saturday 15th May,200411552العددالسبت 26 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الثبات والصبر الثبات والصبر
د. حمد بن محمد الفريان

من صفات المؤمنين الثبات على المبدأ الحق والصبر على الأذى والبصيرة في الأمر والحكمة في التصرفات قولاً وعملاً: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} ويتأكد الالتزام بهذ المبدأ في أوقات معينة وذلك حينما تواجه أمة الإسلام تحيزاً وعناداً ضدها وتحاملاً واقتراءً عليها من قبل أعدائها ظلماً وزوراً، ويزداد التمسك بمبدأ الثبات والصبر والأناة حينما ينحرف انحرافاً مخزياُ بعض أفراد الأمة ويتنكب عن جادة الصواب ويصبح هذا الفرد معول هدم ورسول أذى وأداة تدمير في يد الأعداء ويتعاظم ضلاله وزيفه حينما يكون الداعم له والممول لانحرافه قوىً أجنبية هي اشد الناس عداوة للذين آمنوا ،هذا الفرد الباغي ظالم لنفسه ظالم لأمته ظالم لوطنه، في هذا الوقت بالذات يكون من أوجب الواجبات وأولى الأولويات اجتماع كلمة الأمة والتعاون على البر والتقوى ، تعاون تتضافر فيه الجهود وتتكاتف فيه قوى الأمة وتتضامن وتتلاحم مع ولاة أمرها طاعة وانقياداً ونصحاً ومشورة وبياناً شافياً من قبل علمائها تقوم به الحجة وتتضح به المحجة. يقول علماء الإسلام: (الأمة حصن حارسه ولاة الأمر وأساسه العلم والإيمان وما لا حارس له فمعدوم وما لا أساس له فمهدوم).
ويقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه في حق من زاغ وشق العصا: (ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة جاهلية). ومن المعلوم أن من أفظع الجرائم وأشدها حرمة سفك دماء السلمين والمعاهدين والمستأمنين وترويع الآمنين والإخلال بأمن الأمة فتنة لهم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ذلك عين الفساد والإفساد، ألا فليعلم هؤلاء أنه على الرغم من فظاعة الجرم والإغراق في الغي والضلال فإن الثبات في أمة الإسلام راسخة قواعده والصبر ثابتة أركانه، والحكمة منتهجة، والعدل أقوى ما يكون بنيانه، وثقة الأمة في نهجها وولاة أمرها المبني على تحكيم شريعة الله وسنة رسوله تزداد رسوخاً وقوة وصلابة. إن الجميع يعلمون علم اليقين أن أمن الأمة أغلى ما يملكون وعليه بعون الله وتوفيقه تبنى حضارة الأمة وفي ظله يحصل تقدمها جيلاً بعد جيل. فلقد شهد التاريخ بأن العصور التي يختل فيها الأمن لأي أمة هي الأكثر انحطاطاً وتقهقراً ويأساً وانكفاء على الذات في الدين وفي الدنيا، وان الأزمنة الأكثر أمناً هي الأوفر نهضة في العلم وفي الصناعة وفي الزراعة وفي العمران بوجه عام وهي الأكثر انتشاراً في الدعوة والانفتاح على العالم لصالح البشرية جمعاء، من هذا المنطلق فإن كل مسلم مكلف عاقل سوي لا يمكن بحال من الأحوال أن يفرط قيد أنملة في أمنه وأمن أمته وأمن وطنه، إن وعي الأمة المتكامل بالأهمية البالغة لأمنها من حيث الشكل ومن حيث المضمون يقتضي التمسك بترسيخه والعض عليه بالنواجذ من هذا المنطلق أجمعت الأمة قاطبة على إنكار وتجريم الأفراد الذين اقدموا على فعل التفجيرات لأن فعلتهم هذه من أكبر الكبائر حيث ترتب عليها إزهاق الأرواح وتدمير الممتلكات وترويع الآمنين في بلدٍ هُم من أبنائه أقلتهم أرضه وأظلتهم سماؤه وكان من المفترض أن يكونوا من حماته وحراسه، بلد آمن بأمان الله يطبق شرع الله ويخدم حرم الله ومشاعره المقدسة ومسجد رسوله صلوات الله وسلامه عليه أقام علم التوحيد ، وطن يؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يحتضن أمانة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي يستضيف كل عام حجاج بيت الله وزوار مسجد رسول الله أمَّن لكل مسلم يطأ ترابه طرقهم ومسالكهم وأطعمهم وسقاهم وداواهم دون من ولا أذى قام بعمارة وتوسعة الحرمين الشريفين ومد يد العون والمساعدة للدول الإسلامية والعربية والصديقة وعمر المساجد والمراكز الإسلامية في الداخل وفي بقاع الدنيا في مشارق الأرض ومغاربها شمالها وجنوبها. وأقام أعظم مجمع على وجه الأرض لطباعة المصحف الشريف وأقام المسابقات ورصد الجوائز الثمينة لحفظ كتاب الله وحسن تلاوته، عالمية ومحلية، بلد ناصر الحق والعدل ووقف بشجاعة في مواجهة الصهاينة الظالمين والغزاة المستكبرين بلد حافظ على ثوابته وتطلع الى كل جيد مفيد لا يتعارض مع شريعة الإسلام بلد ينتهج الوسطية لا ينغلق ولا ينزلق، نقول هذا ليس عاطفة أو مجاملة ولكنها الحقيقة البارزة للعيان، إن من يريد أن يحيل غزل الأمة إلى أنكاث ويتعمد بسبق الإصرار أن يخرق سفينة الأمة ليغرقها تحت أي مسمى أو أي ذريعة أو دعوى فالكل ضده والكل خصمه جنود الأمة ومواطنوها في خندق واحد وكلهم ركاب سفينة واحدة من قضى نحبه أو ناله ضرر من أفراد الأمة في ماله أو في بدنه أو في عزيز عليه فهو على نصيبه من الأجر والمثوبة بإذن الله ومن جاهد في حماية أمن بلده بأي وسيلة فإنما يجاهد في أمر مشروع يجاهد في حماية البيضة والذب عن الحوزة حماية للأرواح وصيانة للأموال والأعراض. إن من يستشهد في سبيل حماية أمن أمته، الأمة بأجمعها تترحم عليه وتدعو له وتعتز به إذ هو شهيد واجب شرعي يحزننا فقده وله على أمته حق إعالة أسرته وكفالة عقبه وإحياء ذكره ويرجى أن يكون له مقعد صدق عند ربه.
هذا شأن ثابت في ضمير الأمة ومشهود عملها ومسموع قولها جبلة وسنة تجري بوعي وإدراك وبرهان تحميها شريعة ويحرسها نظام، رجل الأمن يقف بدافع ديني ودافع وطني في وجه كل من يريد بالأمة شراً يقف والأمة جميعاً معه يداً واحدة الكل متضامنون ومتعاونون ومتواصون بالحق وبالصبر وهم منصورون بإذن الله: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved