بذلت الأسرة الدولية جهوداً كبيرة من أجل تعريف عالمي وموحد لظاهرة الإرهاب وإلى اليوم لم يُتفق على تعريف موحد لظاهرة الإرهاب ومن خلال اتفاقيات عدة موقعة تمت تعريفات عدة للإرهاب وهي كالتالي:
1- التعريف الوارد في اتفاقية جنيف لعام 1937 الذي ينص على أن الأعمال الإرهابية هي (الأعمال الإجرامية الموجهة ضد دولة ما وتستهدف خلق حالة رعب في أذهان أشخاص معينين أو مجموعة من الأشخاص أو عامة الجمهور).
2- التعريف الوارد في الاتفاقية الأوربية لعام 1977 وعرفت الإرهاب بأنه (كل الأفعال الخطرة التي تهدد حياة الأشخاص وأموالهم إذا كانت تخلق خطراً جماعياً) رغم أن الموقف الأوروبي بدا غير منسجم من خلال الدول الموقعة عليه منعاً لمبدأ عدم التسليم الذي تنص عليه اتفاقية تسليم المجرمين لعام 1957).
3- التعريف الوارد في الاتفاقية العربية لعام 1988 وعرفت الإرهاب بأنه (كل فعل من أفعال العنف أو التهديد أياً كانت بواعثه أو أغراضه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم أو تعريض حياتهم وأمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو أحد المرافق العامة والخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر).
أشكاله
إرهاب دولي: وهو ما تقوم به دولة من خلال أجهزتها الأمنية ضد دولة أو منظمات صورية تنشئها وتغذيها لهذه الغاية مثال على ذلك (جهاز الموساد الإسرائيلي) قام بعمليات تصفية لقيادات فلسطينية في الخارج مثل اغتيال خليل الوزير 1990 في تونس وتدمير المفاعل النووي العراقي 1981 كما تعد إسرائيل أول دولة قامت بعملية خطف طائرة سورية مدنية بهدف مبادلة ركابها مع جواسيس إسرائيليين في سوريا بالإضافة لخرقها المتكرر لسيادة لبنان نفذ الكيان الصهيوني مجزرة قانا من خلال عملية عناقيد الغضب 1996م. إرهاب داخلي: لا يكاد يكون هناك دولة واحدة نجت من الإرهاب الداخلي من الشرق الأوسط إلى أوروبا واليابان وانتهاء بالولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط تعرضت مصر مؤخراً إلى إرهاب جماعات متطرفة كان لها أسوأ العواقب على الاقتصاد المصري حيث تم استهداف قطاع السياحة ودامت أزمته ثلاث سنوات 1997 إلى 1999 إضافة إلى ما تعانيه الجزائر من إرهاب بكل صوره وأشكاله وأسبابه منذ بداية التسعينيات. كذلك فرنسا عانت من السبعينيات من إرهاب جماعات أقصى اليسار وعلى رأسها جماعة العمل المباشر كذلك ألمانيا عانت من إرهاب جماعة بادر مينهوف مع ازدياد العداء للأجانب كذلك إيطاليا عانت من الإرهاب من خلال منظمة الجريمة (المافيا) وجماعة الألوية الحمراء بدأ نشاطها عام 1972 وحتى الثمانينيات.
أيضاً أسبانيا عانت من حركة الانفصال لبلاد إلباسك وكذلك بريطانيا لها نصيب من خلال الجيش الأحمر الأيرلندي (تنحصر مطالبه من تقسيم ايرلندا وحقوق الأقلية الكاثولكية) أيضاً الولايات المتحدة الأمريكية عانت منذ التسعينيات من خلال حادثة أوكلاهوما سيتي وكذلك اليابان عن طريق الجيش الأحمر وتعاني الهند من تطرف السيخ يصاحبه أحداث دموية تشهدها البلاد. هذه الأمثلة وغيرها تعزز أن أي مجتمع من المجتمعات قد يتعرض للإرهاب إذا علمنا أن العالم أصبح قرية صغيرة وتوفر وسائل الاتصال والمصالح المشتركة!!!!! كذلك يندرج تحت أشكال الإرهاب الأفعال الواقعة ضد سلامة الملاحة الجوية (خطف الطائرات) حيث زودت الأسرة الدولية نفسها بمجموعة من النصوص الدولية للوقاية ولقمع الأعمال التي تمس سلامة هذه الملاحة ابتداء من اتفاقية طوكيو 1963 إلى اتفاقية لاهاي 1970 واتفاقية مونتريال 1971 وكذلك الاتفاقية العربية 1988 كلها قد جرمت هذه الأفعال وهو مادعا الدول منذ فترة طويلة لزيادة الإجراءات الأمنية في مطاراتها وعلى متن الطائرات وتزويدها بعناصر أمنية لتأمين الحماية للركاب أيضاً الأفعال الموجهة ضد أشخاص يوفر لهم القانون الدولي حماية خاصة ومنهم الدبلوماسيون وأعضاء البعثات الدبلوماسية وأعضاء البعثات الخاصة وموظفو المنظمات الدولية أيضاً أخذ الرهائن واحتجازهم من أشكال الإرهاب وذلك بهدف الضغط على جهة ما لترضخ لمطالب الخاطفين وكل هذه الأعمال محرمة دولياً حسب الاتفاقيات الموقعة.
تأثيراته
إن جرائم الإرهاب تحدث ضرراً بالغاً من أمن واستقرار أفراد المجتمع وهذا الضرر يمتد إلى نفوس العاملين في مختلف قطاعات الإنتاج المتصلة بالحياة البشرية إلى الدرجة التي تتأثر بها سلباً مسيرة الازدهار وتقدم الدول بشكل عام وذلك من خلال تعطل أو هروب الاستثمارات المحلية والأجنبية في داخل الدولة فضلاً عن توقف حركة السياحة التي تعتبر في كثير من دول العالم مصدراً من مصادر الدخل القومي ناهيك عن تأثير الإرهاب على المسيرة التعليمية وتوقف الجامعات والمدارس من شأنه أن يؤدي للتجهيل العام كما يؤثر الإرهاب على خطط التنمية فبعض الجماعات الإرهابية تتعمد ضرب المصالح الحيوية في دولة ما من أجل التخريب وهذا هدف أساسي للإرهاب لثني أو للتأثير على القوة السياسية فما تبنيه الأمم في سنين يدمره الإرهاب في لحظات وما تنفقه الحكومات من أموال تهدمه المتفجرات في لمحة طرف فمشروع اقتصادي أو صناعي أو زراعي تسد به الشعوب حاجاتها الاستهلاكية يصيبه التخريب فيكون كأنه لم يكن وقد لا تستطيع الدولة إقامة مثله في سنين فليس من السهل توفير الأموال وتمويل المشاريع بالقروض والمعونات.
موقف الدين من الإرهاب
شدد الإسلام على رعاية حقوق جماعة المسلمين وحقوق الأفراد وحرص كل الحرص على تماسك المجتمع الإسلامي وطالبهم باتباع ما أمروا به ونهوا عنه من أجل أن تسير حياتهم بأمن وأمان وشرع لهم من أسباب العيش ما يتمكنون به من بناء مجتمع فاعل يحقق أسباب النجاح في الحياة. فالعملية الإرهابية من أكثر الظواهر الإجرامية على سطح مستجدات الحياة وقد تنبه الإسلام لذلك في وقت مبكر وأورد أن المجرم ذا الخطورة على جماعة المسلمين يجب أن تتصدى له الشريعة الإسلامية بأقصى العقوبات جزاء ما اقترفت يداه ولينعكس هذا بدوره على الآخرين عن الإقبال على ارتكاب مثل تلك الجرائم.قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} صدق الله العظيم. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (أيما رجل خرج يفرق أمتي فاضربوا عنقه) وقال عليه الصلاة والسلام (من حمل علينا السلاح فليس منا). في هذا التوجيه النبوي الكريم تأكيد لقوله تعالى بصدد أفعال المفسدين في الأرض والمخربين على جماعة المسلمين لتفريق جمعهم وشق عصاهم والخروج على طاعة الإمام المسلم والسعي بالفساد في الأرض وترويع الآمنين مما ينبغي التصدي له وقطع دابره.
فإن خرجوا على الجماعة وأصبحوا يزعزعون استقرار الناس ويهددون أمنهم دعاهم ولي الأمر ونصحهم فإن فاءوا وإلا أعادهم بالقوة ولو أدى ذلك إلى قتالهم...
خاتمة: إننا على ثقة بأن ما حدث مؤخراً لن يزيد مجتمعنا إلا تلاحماً وتماسكاً وتعاوناً على البر والتقوى وعلى فضح هؤلاء العابثين والوصول إليهم في أوكارهم وكشف مخططاتهم الإجرامية فأمن البلاد والعباد مسؤولية الجميع وأمانة في أعناقهم ولن يسمح لأي ضال أو منحرف أن يشوه إسلامنا ويعبث بأمننا ويقتل إخواننا ويهدر مقدراتنا فاللهم اكفنا أذاهم ورد كيدهم في نحورهم واحفظ اللهم هذا البلد وأهله وولاة أمره من شرورهم وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
|