Saturday 15th May,200411552العددالسبت 26 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أين التخصص والخبرة السعودية في صناعة النفط؟ أين التخصص والخبرة السعودية في صناعة النفط؟

*محمد بن ناصر الأسمري :
عندما تقرر إنشاء جامعة الملك فهد للبترول والمعادن منذ أربعة عقود، كان ارتباطها فيما أظن بوزارة البترول، وكان الهدف هو تخريج كوادر وطنية تدير صناعة النفط والمعادن فنياً ومالياً وإدارياً. لقد كان القرار الوطني السيادي غير مرضي عنه من شركة الزيت العربية الأمريكية أرامكو، التي رانت مهيمنة على الصناعة النفطية قرابة ثلث قرن من تاريخ نشوء الجامعة تنقيباً واستخراجاً وتصديراً وبيعاً تسويقاً وتسعيراً، حتى قاد الملك فيصل -رحمه الله- تصحيحاً إدارياً سيادياً لم يخل بقانونية تعاقد الامتياز، لكنه أسس لقانونية التعديل والتبديل، إثر موقفه القومي أثناء العدوان الإسرائيلي على العرب وما صاحب ذلك من تحالف أمريكي ظالم معها في العام 1967م، وكذا عام الحسم والانتصار 1973م الذي سماه الرئيس السادات -رحمه الله- أنه -أي الملك فيصل- هو قائد الانتصار.
وقد خرَّجت الجامعة مئات من الكوادر عالية التأهيل معرفياً ومهنياً، سواء أكان ذلك في مهارة الأداء أو احترافية النماء والولاء. لكن الجامعة لم تستمر في حقل التخصص في مجالات البترول والمعادن، بل لقد انتهى الحال بها أن بعضاً من خريجيها في تخصص هندسة النفط لم يجدوا مجالاً للتوظيف لا في وزارة البترول ولا في أرامكو، وهي مشاركة بالاتفاق بين الحكومة السعودية والشركات الأمريكية التي تكونت في اتحاد أمريكي سمي أرامكو. لقد كان المؤمل والمرتقب والمتطلع إليه أن تخرج الجامعة متخصصين في كافة مجالات النفط ومشتقاته هندسةً وصناعةً وإدارةً وتقنية تصدير وتنقيب وغيرها، ليس فقط على مستوى السعودية، بل لتكوين خبرة سعودية عالمية في حقل الصناعة النفطية على المستوى العالمي، استناداً إلى أنها بلد يحتكم على امتلاك أكبر مخزون نفطي في العالم، وثاني احتياطي أيضاً. كان هذا هو المرجو، وربما ما كان في ذهنية المخططين له. لكن واقع الحال لم يشهد أي تطور نوعي أو كمي في هذا الاتجاه (يمكن قياسه)، بل لم يكن لنا كسعوديين أي وجود في مراكز إنتاج النفط في روسيا أو البلدان التي خرجت من مظلة الهيمنة السوفيتية، ولا في الدول العربية المنتجة للنفط، بل لم يكن التواجد في وظائف الأوبك ولا الأوابك إلا مجرد ذر للرماد في العيون، ولم يتكرر وجود سعوديين في هاتين المنظمتين بعد السبعينيات والثمانينيات كما أظن.
وهنا تبرز مشروعية التساؤلات لم حل ذلك بالجامعة في الوقت الذي ينظر العالم كله إلينا أننا نسير على رمال متحركة من النفط؟ وهنا فكيف لا يكون لنا خبرة عالمية تتسق وما حبانا الله به من هكذا ثروة نفطية؟ أليس فينا همة وعزم إرادة وحسن إدارة لاسيما وقد أوجدنا جامعة أسميناها جامعة البترول والمعادن في وسط حقول النفط ومركز إدارته؟ بل ماذا صنع الله بالخريجين الذي ساقهم التخصص إلى شركة أرامكو، سواء عندما كانت تحت كامل الإدارة الأمريكية أو عندما جاء القرار الوطني بتملكها وعدم تجديد عقد الامتياز؟ لا أنكر أن قد صار منهم قياديون في مرافق الشركة، سواء في جهازها المركزي، أو في مواقع حقول التنقيب والإنتاج والتصدير والتسويق، لكن لم أجد -حسب علمي واطلاعي- أنه قد تم تطوير وتكوين خبرة سعودية تعكس ما قامت عليه الجامعة التي تخرجوا منها والتي بات لها سمعة دولية ولها قصب السبق في استقطاب خريجيها محلياً بشكل ليس له كمال الكمال، وعالمياً بدرجة من الرضى والقبول، وإن لم يكن للسعوديين نصيب في الاستقطاب.
رغم مضي قرابة نصف قرن على وجود الجامعة في منطقة منابع وصناعة وإنتاج وإدارة النفط -وربما تسويقه- ما برح الخاطر مشغولاً بما قد ينقذ حال ومآل سمعة الوطن، ففي الوقت الذي تمازجت الخبرة الإدارية من واقع الاختلاط مع الأمريكان على مدى زاد على نصف قرن من الزمان، لم نجد كثير تبدل في حال التطوير الإداري والتقني بما يعكس حجم وكم التلاقح الحضاري الثقافي بين الثقافتين السعودية والأمريكية في مجال بحوث الطاقة والنفط ومشتقاته، لاسيما في مجال صناعة البتروكيماويات والأسمدة وغيرها من الصناعات التحويلية والعملاقة، سواء على المستوى الوطني أو العالمي، لا أعتقد أن مكتب أرامكو في هيوستن أو غيرها قد أخرج بما فيه الكفاية من حيث العدد للعالم عقليات سعودية درست وتدربت ومارست العمل في الأرض السعودية منذ نشأة الجامعة. لو كنت غير سعودي لتطلعت إلى أن السعوديين لا بد أن يكونوا أكثر خبرة ودراية ومعرفة بصناعات النفط ومشتقاتها على مستوى العالم، فليس من المعقول أن تكون لدينا وزارة مختصة بالنفط وشركة عملاقة كذلك وجامعة كذلك لها من اسمها نصيب، ألا يكون لدينا معاهد أبحاث ومراكز دراسات للنفط وشؤونه وشجونه، سواء في المجال الاحترافي المهني أو البحثي التطويري. أما الغاز وما يدور اليوم من مفاوضات من أجل استثماره فذلك ربما يستغرق زمناً للإفادة منه.
لا يمكن إنكار الصدى المحلي لما تم في شركة أرامكو من أعمال متميزة، لعل من أهمها تغيير نسق الثقافة الإدارية، ولا إخال الجامعة إلا قد نالت من هذا الأثر ما جعله سمة للمتخرجين منها، وأنا أثمن ما قال به الزميل غازي المغلوث في صحيفة الوطن 22-7-2003 م عن الفلسفة الإدارية وغيرها مما جاء في مقاله الجميل، وأنا هنا معه لكن على المستوى العالمي الذي كان من المفترض أن يكون لبلادنا سبق وحق يتفقان مع وجود جامعة اسمها وتخصصها البترول والمعادن، ووزارة ليست في كل الدول، وشركة غلب فيها التطبيع ما كان طبعاً أجنبياً. هذا ما كتبته قبل حوالي ستة أشهر، وقد تلقيت رسالة من مدير العلاقات العامة في شركة أرامكو السعودية كان فيها بعض الإيضاحات، وقد حاولت الاتصال بالرجل على الهواتف والعنوان البريدي والهاتف الجوال، لكن لم يسعف الحال، وقد سعدت بالمشاركة في مؤتمر العلوم الإدارية الثاني في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وحاولت الاتصال على الشركة، لكن تبين لي أن مَن وقع الخطاب هو في بعثة دراسية أو مهمة خارج الوطن، ولم أجد بداً من معاودة الكتابة عن صناعة النفط والدور مناط الحكم عليها -الصناعة- وفق ما وصلني من ردود من خبرات سعودية أكن لها التقدير والاحترام. فهذا تعقيب من أحد مهندسي أرامكو السعودية رغب إلي عدم ذكر اسمه وهو محمد ومحمود، تقول رسالته :
قرأت ما كتبت: أين التخصص والخبرة السعودية، أشكركم جزيل الشكر على هذا الطرح الرائع والصريح والذي تعودناه منكم، والذي أحرص على متابعته لما فيه من تميز ووضوح وشفافية، وتفاعلاً مع ما طرحتموه وبصفتي مهندساً في أرامكو السعودية ولدي خبرة تفوق العشر سنوات في مجال هندسة مصافي البترول، فإنني أود أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع.
1- أشارككم وأويد تساؤلكم المشروع في البحث عن الخبراء السعوديين في مجال هندسة البترول.
2- كمهندس متخصص في هندسة مصافي البترول وعايشت شركتين؛ هما سمارك وأرامكو السعودية، أرى أن لهذا الغياب أسباباً؛ منها:
- عدم وجود الحافز القوي في أرامكو السعودية والذي يشجع على البحث والدراسة ذات المدى البعيد والطويل.
- انشغال كثير من القادة الإداريين في أرامكو السعودية بطموحاتهم الإدارية في تسلق الهرم والصعود لأعلى دون الاهتمام بتطوير وتدريب الكوادر السعودية ليكونوا خبراء.
- عدم إيمان الكثير من قادة أرامكو الإداريين، وخصوصاً في المستوى الإداري المتوسط (رؤساء الوحدات المشرفين، رؤساء الأقسام، مدراء الإدارات أو المصافي)، بالبحث العلمي والدراسات، بل يهتمون كثيراً بالحلول السريعة والإنجازات قصيرة المدى؛ لكي يشبعوا طموحاتهم في الوصول إلى المناصب العليا في الشركة.
- عدم فتح المجال للتعاون العلمي مع مراكز البحث السعودية، وخصوصاً مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وقد أخبرني أحد قادة هذه المدينة بأنه ولمدة خمس سنوات ظل يركض ويحارب مع أرامكو من أجل إيجاد تعاون وتنسيق في مجال البحوث والدراسات الفنية والعلمية، بل إن أحد رؤسائي في أرامكو أعطاني تقريراً لدراسة علمية صادراً من جامعة الملك فهد وقال لي بالحرف الواحد: (ما رأيك في هذه الخرابيط؟).
- الانغلاق وأسلوب الإدارة السائد في أرامكو، والذي يحد من انطلاق الفكر والحوار والبحث العلمي، ويعتمد على سياسة الأشخاص وفكرهم وتوجههم، وكل دائرة تسير خلف فكر واتجاه رئيسها؛ مما يحد من طموح وإبداع الكثير من الموظفين الذين لديهم توجهات البحث والدراسات العلمية.
وإذا ما أردنا أن ترى الخبرة السعودية النور وتشع في سماء البحث العلمي والإبداع فإنني أرى ذلك ممكناً إذا ما وفرنا الأمور التالية:
1- إيجاد الحوافز القوية التي تشجع على البحث العلمي والدراسة، سواء مادية أو معنوية.
2- وضع خطط واستراتيجيات هدفها إيجاد الباحث السعودي في مجالات هندسة البترول.
3- إيجاد المزيد من القادة الإداريين الذين يؤمنون بالبحث العلمي ودعمهم بالصلاحيات المطلوبة.
4- التعاون المثمر والبناء مع دور البحث السعودية والجامعات.
5- ربط تقييم الخبراء الأجانب، وخصوصاً الأمريكيين في الشركة، بمدى إفادتهم للسعوديين، فكثير من هؤلاء يعمل سنوات طويلة في الشركة وحده ثم يغادر دون أن يستفاد منهم لتطوير البحث العلمي واحتكاك الكوادر السعودية بهم.
هذه بعض الخواطر التي أردتُ أن أسهم بها في الموضوع؛ لنكون إيجابيين في طرح المشكلة ووضع الحلول لها؛ حتى نسهم في خلق الخبرة السعودية في البحث العلمي في مجال صناعة النفط التي تستحق عليها الشكر والثناء من كل الخيرين والناصحين للوطن.
أما رسالة مدير العلاقات العامة في أرامكو السعودية فهذا نصها، وما يعقبها من تعقيب واستداركات مني: أود أن أنوه بالدور التوعوي الذي تقومون به من خلال طرح القضايا المختلفة التي تهم المملكة والمجتمع السعودي، والحرص على المعالجة الموضوعية المستندة إلى المعلومات الدقيقة. ويسرني أن أوجه لكم الدعوة لزيارة شركتكم الوطنية أرامكو السعودية للاطلاع عن كثب على آخر المستجدات في صناعة البترول في المملكة، والالتقاء بإخوانكم القياديين والعاملين في هذه الصناعة الحيوية.
وفي هذا الصدد أود أن أقدم معلومات توضيحية حول ما نُشِر في مقالكم: أين الخبرات السعودية في صناعة النفط، حول دور جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وأرامكو السعودية في بناء خبرات وطنية في صناعة البترول، حيث إن طريقة الطرح قد توحي للقارئ بأن الجامعة وأرامكو السعودية لم تقوما بتطوير وتنمية خبرات سعودية ذات مستوى عالمي في مجال البترول. وأشير هنا إلى العلاقة الوطيدة التي تربط أرامكو السعودية بقطاعات التعليم في المملكة بشكل عام وبجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بشكل خاص. فبالنسبة لجامعة الملك فهد فما تزال هذه العلاقات تتطور مستندة إلى ما تتميز به الجامعة من كفاءات أكاديمية ومناهج تعليمية في التخصصات التي يتطلبها العمل في صناعة البترول.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أرامكو السعودية توجه نسبة كبيرة تبلغ نحو 40% من مبتعثيها للدراسة في جامعة الملك فهد، حيث بلغ عدد مبتعثي الشركة الجدد الذين دخلوا هذه الجامعة العريقة خلال العام الحالي نحو 90 طالباً. وبذلك يكون العدد الإجمالي لمبتعثي الشركة الذين يدرسون في الجامعة حالياً نحو 230 طالباً، فيما بلغ مجموع عدد الخريجين الذين ابتعثتهم الشركة إلى الجامعة حتى الآن نحو 1300 من حملة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، فضلاً عن المئات من خريجي الجامعة ممن التحقوا بالشركة من خارج برنامج الابتعاث.
كما أود التنويه بأنه في الوقت الذي تزخر فيه أرامكو السعودية بكفاءات سعودية في مختلف الوظائف الهندسية والإدارية والقيادية، بلغت نسبة السعوديين من شاغلي مرتبة مدير عام فما فوق، بما في ذلك أعضاء الإدارة العليا والتنفيذية، قرابة 100%. ويشكل خريجو جامعة الملك فهد منهم نحو 50% المناط بهم العديد من الوظائف المهمة والاستراتيجية في مختلف قطاعات الصناعة البترولية من تخطيط وإدارة وإنتاج وتصنيع وتسويق على الصعيدين المحلي والعالمي.
وبالإضافة إلى التعاون مع الجامعة، بادرت أرامكو السعودية قبل نحو 20 سنة إلى تطوير وتنفيذ برامج تثري وتنمي خبرات المهندسين والعلماء السعوديين بما يجعلهم متخصصين وخبراء بمستويات عالمية في مجالات هندسية مختلفة، مثل هندسة البترول ومنع التآكل والهندسة الكهربائية والكيميائية والميكانيكية والمدنية. وتعتز الشركة بالعشرات من مهندسيها وعلمائها السعوديين الذين تخرجوا عبر هذه البرامج وقد درس الكثير منهم قبل ذلك في جامعة الملك فهد.
وقد وصلتني شخصياً اتصالات من العديد من الكوادر السعودية المتخصصة في الصناعة البترولية ممَّن قرأ ما كتبتموه ورغب في تقديم معلومات توضيحية حول ما ورد عن غياب الكوادر السعودية في التخصصات البترولية على المستوى العالمي. فحري بنا ألا نغفل الدور الذي تقوم به النخبة المتميزة من الكفاءات الوطنية ممن حصلوا على أفضل مستويات التعليم والتأهيل؛ إذ إن واقع الأمر يؤكد على أن أرامكو السعودية تعيش بمعايير التقنية المتقدمة في مستوى رائد على النطاق العالمي، وذلك بفضل الله ثم بما تبذله سواعد وعقول أبناء الوطن. والأمثلة كثيرة على ما قدموه لتطوير وتنمية صناعة البترول السعودية حتى أصبحت تتبوأ مكانة مرموقة في صناعة حيوية وديناميكية ومعقدة يتواتر فيها التغير، وتشتد فيها المنافسة العالمية. وأورد فيما يلي بعض تلك الإسهامات على سبيل المثال لا الحصر:
1- تطوير أحدث النظم لتحديد مكامن البترول وأماكن حفر الآبار الاستكشافية بصورة دقيقة، مما أثمر عن العديد من الاكتشافات الجديدة التي زادت من حقول واحتياطي الزيت والغاز غير المرافق.
2- ابتكار تقنيات متقدمة جداً بما فيها وسائل تفتيت الصخور والسيطرة على الرمال التي تصاحب الغاز أثناء الإنتاج.
3- هناك العشرات من السعوديين ممن يعتبرون مراجع دولية في تخصصاتهم من أمثال الدكتور محمد السقاف، والمهندس عبيدالله الغامدي الذي تسترشد شركة بوينغ برأيه في وضع وتطوير مواصفات الوقود لطائراتها.
4- تبوُّؤ كفاءات سعودية قيادة شركات بترول عالمية في شرق آسيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، ومراكز تسويق دولية ذات حضور مرموق في شرق العالم وغربه.
ولا فخر إذا قلنا بأن للكفاءات السعودية في المجالات البترولية حضوراً متميزاً في المؤتمرات والمنتديات الدولية المتخصصة، وبصورة تحظى باحترام الأوساط العلمية، وذلك تقديراً للمكانة العلمية والقدرة المهنية التي وصلت إليها، وجعلتها تسهم بكل اقتدار في تسيير دفة صناعة البترول السعودية بما تحتله من مكانة بارزة وموثوقية لا تضاهى في صناعة البترول العالمية. وهذه الكفاءات السعودية المتميزة تنافس في تخصصاتها ومواقع عملها على أفضل الكفاءات العالمية وتتفوق عليها.
وعوداً إلى العلاقات المتميزة بين أرامكو السعودية والجامعة فهي تتواصل في التطور والرسوخ، يدعمها السعي المشترك بين الجانبين لتحقيق ابتكارات ومنجزات علمية من أجل المحافظة على سمة التفوق في صناعة البترول السعودي. فمنذ عام 1982م، تم التوقيع على عقود لإنجاز 135 مشروع بحث علمي مشترك مع الجامعة. وهناك في الوقت الراهن 22 مشروع بحث لأرامكو السعودية مع الجامعة، تغطي مجالات متنوعة مثل التنقيب وهندسة البترول، هندسة المكامن، الوقود الخلوي، تآكل الأنابيب والمواد، سلامة الخرسانة والأبحاث البيئية. وبدءاً من عام 2000م، عززت أرامكو السعودية عملها المشترك مع الجامعة من خلال تشجيعها ودعمها لمجموعة من كراسي الأستاذية، شملت مجالات اقتصاديات الطاقة وهندسة البترول والتكرير والبتروكيماويات. وهذه الكراسي لها دور مهم في نقل الخبرات العالمية وتوطينها.
والشركة إذ تقدم هذه المعلومات حول برنامج تعاونها مع الجامعة، الذي يعد نموذجاً لبناء خبرات وطنية بترولية، لتؤكد على أنها تسعى للتطور المستمر، وأن قنواتها مفتوحة لتلقي النقد البناء من قادة الفكر، ونحن على استعداد بتزويدكم بما تحتاجونه من معلومات؛ إسهاماً في تعزيز مصداقيتها عند النشر.
وختاماً نأمل شاكرين إطلاع القراء الكرام على هذه المعلومات التوضيحية، كما نأمل زيارتكم الشركة، وسنبادر بالاتصال بكم لتنسيق موعد للزيارة خلال شهر شوال القادم، آملين أن نلتقي بكم قريباً.
وهنا فإنني أعتقد أن التساؤل الأصعب لاحقاً لما سبق أن طرحته هو: هل يعقل أو يقبل أن يكون إجمالي ما ابتعثته أرامكو على مدى عمر الجامعة الذي شارف على نصف قرن لم يتجاوز 1300 طالب؟ ثم وبمرارة أكثر: ما هو المنطق أو المبرر الذي منع الشركة الوطنية العملاقة على المستوى المحلي والعالمي ألا تبعث إلى بقية الجامعات المنتشرة في الوطن، بل وخارجه؟ ما هو السند النظامي أو الفكري أو التخطيطي خلف هكذا وضع؟ هل أرامكو السعودية ستكون فخورة أنها لم تجد أكثر من 135 مشروع بحث علمي على مدار عقدين من الزمان؟ هل عجزت الشركة عن إفساح المجال لخبرات عالمية سعودية داخل الوطن أو خارجه غير الشخصيتين اللتين ورد ذكرهما في الرد مع بالغ الاعتزاز بهما؟ أعتقد أن الأمر في حاجة إلى مراجعة عاجلة من قبل المجلس الأعلى للبترول /وزارة التعليم العالي/ وزارة التجارة والصناعة /وزارة البترول والثروة المعدنية لوقفة حساب شامل للنظر في حال صناعة النفط والبحث في سر تغيب الكوادر الوطنية عالية التأهيل المهني والمعرفي والوقوف عند هذه الأعداد المتواضعة على مدى أكثر من نصف قرن. إن كان الأمر بسبب نمطية التفكير وبيروقراطية الأداء فهذا أمر لا يطاق بقاؤه ولا احتماله في وطن أرضه تختزن أكبر حقول النفط في العالم، وفي بلدنا جمع من الجامعات تخرج متخصصين في هندسة النفط وغيره من التخصصات في الهندسة الكيميائية/ المدنية/ المعمارية/ الكهربية/ النظم والمعلومات الحاسوبية والجغرافية/ والأحياء/ وعلوم الأرض/ والفضاء والعلوم الإدارية والاجتماعية والطبية، وهي كلها ذات علاقة بالصناعة والتصنيع.

* باحث ومستشار إعلامي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved