بدأت هيئة الطيران المدني بالتنسيق مع الهيئة العليا للسياحة مؤخراً بمعاقبة وكالات السياحة التي مازالت تتهرب من سعودة العمالة فيها، حيث عملت الهيئة على إيقاف نظام التشغيل بالكمبيوتر في تلك المكاتب المخالفة مما يعني عدم تمكنها من الارتباط آلياً بالخطوط السعودية والأجنبية لغرض الحجوزات أو إصدار التذاكر إضافة لعدم تجديد تراخيص عمل تلك المكاتب وإيقاف طلباتها من العمالة الأجنبية. الجدير بالذكر أن تلك الوكالات السياحية المخالفة والمتهربة من سعودة العمالة فيها لم تتعاون مع هيئة الطيران المدني ولم تقدم لها المعلومات التفصيلية عن وظائف العاملين فيها. لقد بدأت هيئة الطيران المدني بسلك هذا التوجه الإيجابي بمعاقبة تلك الوكالات السياحية التي تنصلت من واجبها الوطني والتي لم تبال بالتوجيهات العليا المتكررة بالعمل على سعودة العمالة فيها حيث نجد أن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز قد أصدر خلال أعوام سابقة عددا من القرارات القاضية بقصر التوظيف في تلك الوكالات على السعوديين، إلا أن عددا كبيرا من تلك الوكالات لم تكترث بتلك التوجيهات مما جعلها تخضع لتلك العقوبات، وازاء هذا التوجه الإيجابي لهيئة الطيران المدني، نجد بأن رئيس اللجنة السياحية في غرفة الرياض قد صرح (الاقتصادية 16 مارس 2004م) بجملة من الآراء الاعتراضية على معاقبة وكالات السياحة التي لم تلتزم بسعودة العمالة فيها. وإزاء تلك الآراء غير المنطقية لرئيس اللجنة السياحية تجاه أحد أهم القضايا التنموية في بلادنا حالياً ألا وهي قضية السعودة وإحلال شباب الوطن محل تلك العمالة الأجنبية في مختلف القطاعات ومنها قطاع الوكالات السياحية والتي يعمل بها أكثر من خمسة وعشرين ألف عامل، فإنني أود أن أعلق بما يلي:
لو أن من صرح بتلك التصريحات هو أحد ملاك وكالات السياحة الذين لم يترأسوا اللجنة السياحية بالغرفة التجارية أو انضم لعضويتها لكان الوضع أرحم ولكن أن تأتي مثل تلك التصريحات غير الوطنية من قبل رئيس اللجنة السياحية نفسه فهذا ما لا يمكن قبوله مطلقاً. نعم أن تأتي مثل تلك التصريحات غير المبالية بمصلحة الوطن وأهله لا لشيء سوى أنها ترمي إلى تحقيق مزيد من الأرباح الطائلة التي تحققها وكالات السياحة حتى لو أدى ذلك للإضرار بالوطن من جوانب اجتماعية واقتصادية وأمنية متعددة. ومن خلال ذلك الرأي المتصلب ضد توظيف أبناء الوطن في وكالات السياحة في الوقت الذي نجد أن غالبية العمالة الأجنبية في وكالات السياحة هم من العمالة السيرلانكية والبنغلاديشية والتي تعلمت وتدربت على أبجديات أعمال الوكالات لدينا في المملكة.
ويضيف رئيس اللجنة السياحية في تصريحه بأن تطبيق السعودة يجب أن لا يكون من خلال الضغط والإلزام غير المدروس. ونحن نشاركه الرأي ولكننا نذكر سعادته وهو رئيس اللجنة بأن الدولة قد طرقت باب السعودة في وكالات السياحة منذ عدة سنوات وخاصة من خلال اللجان السياحية والتي يترأس سعادته إحداها، علماً بأن تلك اللجان كان لها موقف سلبي غير مبرر تجاه تلك القضية الوطنية.
كما يشير سعادة رئيس اللجنة السياحية بغرفة الرياض بأن ليس لدينا سعوديون مؤهلون للعمل في وكالات السياحة حيث يشير إلى أن العمل في تلك الوكالات يتطلب قدراً عاليا من التأهيل، وفي ظني أن مثل هذا التصريح يؤكد على أن صاحبه وهو رئيس اللجنة السياحية قد تجاوز المعقول. فما هي التقنية العالية التي يحتاجها الشباب السعودي حتى تستمر اللجان السياحية سنوات من المماطلة عاجزة عن سعودة العمل في تلك الوكالات، فالأمر لا يتجاوز عقد دورات تدريبية من شهرين أو ثلاثة أشهر يتعلم المتدرب السعودي من خلالها كيفية التعامل مع الحجوزات والتعامل مع أجهزة الحاسب الآلي، وكان من الأولى على رئيس وأعضاء اللجنة السياحية أن يبادروا منذ سنوات إلى التنسيق مع المؤسسات التدريبية لطرح مثل تلك الدورات التي تهيىء الشباب السعودي للعمل في الوكالات السياحية بدلاً من قصر اللجنة أعمالها على الجهود الرامية لتفعيل ربحية تلك الوكالات مع تجاهل تام للمصلحة الوطنية للوطن وأهله بشكل غير مقبول.
وإذا كان سعادة رئيس وأعضاء اللجنة السياحية يعتقدون بأن الدولة قد طبقت السعودة على وكالات السياحة بشكل مفاجىء فإنهم مخطئون، فالدولة ومنذ سنوات وهي تؤكد على أصحاب الوكالات السياحية بالعمل على سعودة العمالة لديها. وبالتالي فإذا كان رئيس اللجنة السياحية لا يعلم عن تلك الجهود فتلك مصيبة، وإن كان يعلم بذلك (وهو الأكيد بحكم رئاسته للجنة) ولا يزال يطلق التصريحات المضادة لسعودة هذا القطاع، فتلك هي الطامة بعينها. وإذا كان رئيس اللجنة وأعضاؤها يرون بأن تطبيق السعودة سوف يؤدي لإغلاق الكثير من وكالات السياحة مما يضر باقتصاد البلد فإننا نؤكد بأن الوطن ليس بحاجة لأمثال هؤلاء التجار والباب مفتوح أمامهم لإخراج أموالهم ولن يفعلوا لأنهم هم بحاجة هذا الوطن وأهله وليس الوطن بحاجتهم.
|