Saturday 15th May,200411552العددالسبت 26 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
فضيحة جريمة الزرقاوي
جاسر عبدالعزيز الجاسر

في الوقت الذي كان الجميع منشغلاً بمتابعة وشجب واستنكار الجرائم السادية للجنود الأمريكيين التي ارتكبت بحق المعتقلين العراقيين، إذ أربكت تلك الجرائم حكومات وقادة قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية والإيطالية، بعد أن انكشفت الأبعاد والممارسات اللاأخلاقية لعناصر القوات التي زعم قادتها أنهم قدموا للعراق للتحرير، فإذا هم يظهرون على حقيقتهم جلادين ساديين يرتكبون أبشع صور الإذلال بالإنسان.
في هذا الوقت الذي كان العالم أجمع متعاطفاً مع العراقيين، بما فيهم الأمريكيون والبريطانيون والإيطاليون وكل المجتمعات التي لها جنود في قوات الاحتلال، في هذا الوقت الذي كان الجميع يطالب بمعاقبة الجلادين الذين تخلَّوا عن إنسانيتهم ظهر علينا المدعو أبو مصعب الزرقاوي بجريمة بشعة، أراد لها أن تنشر على محطات التلفاز العربية والعالمية، فالزرقاوي الذي ظهر محاطاً بجماعته الذين يدَّعون أنهم يؤدون الجهاد، وبأسلوب وحشي ومتخلف قام بذبح الرهينة الأمريكي نيكولاس بيرغ، وتمت عملية الذبح وسط صيحات التكبير.. في مشهد يعطي انطباعاً للمشاهد، خاصة الغربي وغير المسلم، بأن (حفلة الذبح) تلك وكأنها عمل إسلامي مشروع..!!
هذا الانطباع الذي قد نجد بعض السفهاء يؤديه ويصفق له، في حين يرفضه كل إنسان مسلم يخاف الله ويحترم إنسانية الإنسان مهما كانت ديانته، ومهما كان موقعه، سواء في ساحة المعركة في الحرب، إو إنسان يُختطف ويصبح رهينة في الأسر.. والإسلام علَّمنا المحافظة على الأسير، والاهتمام بأكله ومنامه وملبسه وأمنه..
أخلاقيات وسلوكيات المسلمين اتجاه الأسرى أين منها ما فعله الزرقاوي؟! وهل يقتنع كل مَن شاهد المنظر الوحشي البشع لجريمة الزرقاوي من غير المسلمين بأن هذا العمل مرفوض من المسلمين؟ أم على العكس من ذلك تماماً؛ حيث سيظن كل المشاهدين من غير المسلمين أن الإسلام وأتباعه يحث على ارتكاب مثل هذه الجرائم، وأن المسلمين قوم وحوش قساة القلوب يذبحون أعداءهم مثل ذبح الخراف كما فعل الزرقاوي؟!
وهكذا، فإن ما فعله الزرقاوي وفي التوقيت السيئ والمريب في تنفيذ فعلته الشنعاء، قد قدم خدمة لا تقدَّر بثمن للجلادين الذين ارتكبوا جرائم الاغتصاب والتعذيب في السجون العراقية، ويخفف الإدانات الدولية، ويبعد المحاكمات بحق هؤلاء الجلادين التي يسعى إليها الكثير من الشرفاء. وبهذا يكون الزرقاوي وعصابته قد قدَّم خدمات مكشوفة ومريبة لقوات الاحتلال ما يفرض على كل إنسان عاقل، خاصة من العرب والمسلمين، أن يراجع كل ما فعله الزرقاوي وعصابته في العراق أو في الأردن من أعمال إجرامية هدفها خدمة أعداء الإسلام، وتحمل الإساءة والضرر كل الضرر للمسلمين والإسلام.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved