سأطرح في زاوية (جداول) هذا اليوم فكرة ربما لا يتفق معي فيها بادي الرأي الكثيرون، ولكن أثق أننا عندما ننظر إليها نظرة منطقية فإني أتوقع أن يتفق معي فيها كثير من المخالفين لها والمنادين بضدها..!
إنها فكرة تتعلق بتحديد ساعات العمل في القطاع التجاري وتحديداً بالأسواق بحجة أنها عقبة ضد (السعودة)..!!وما أظن ذلك صحيحاً - وليس كل الظن خاطئاً حقاً - ..!!إن حجة عدم تحديد ساعات للقطاع الخاص وعلى وجه الخصوص قفل الأسواق التجارية في ساعات مبكرة من العمل كالساعة الثامنة مثلاً أحسب أنها حجة واهية عند وضعها عقبة في تشغيل الأيدي السعودية وذلك لعدة أسباب:
** أولها: أن زيادة عدد ساعات عمل القطاع الخاص هو في صالح توظيف السعوديين وليس ضدهم، كما أنه في صالح التجار والمستثمرين معاً ذلك أن صاحب العمل بدلاً من أن يشغل مواطناً واحداً خلال وقت العمل في (الأربع والعشرين ساعة) سيشغل اثنين بمعدل ثماني ساعات، بحيث يعمل واحد في الفترة الصباحية والآخر في الفترة المسائية، وهو سوف يستفيد إذ لو لم يجد المردود المادي والرواد لما عمل ذلك.
** ثانيها: أن زيادة ساعات العمل فيها زيادة تحريك للدورة الاقتصادية في مثل هذه الظروف الاقتصادية التي تمر بها بلادنا.. وفيها - من جانب آخر - استغلال رشيد للوقت ولرأس المال.
** ثالثها: أن بلادنا حارة جداً في أغلب فصول السنة والناس نساءً ورجالاً لا يخرجون لقضاء حاجاتهم إلا في الفترة المسائية لمناسبة واعتدال الجو، حيث إن الخروج ضحى أو حتى في العصر أمر شاق جداً بسبب حرارة الجو الشديدة، ولكل بلد ظروفه، وليس بالضرورة أن نقيس ما يتم في بلدان الآخرين علينا.
** رابعها: أن رجال الأعمال لم يطلبوا أو ينادوا بذلك إذ لم أقرأ أو أسمع من أحد منهم ذلك، وأما العاملون السعوديون فإن التزامهم سوف يكون بثماني ساعات صباحاً أو مساءً والساعات الأخرى سوف يؤدي العمل فيها إخوة لهم آخرون.
** خامسها: أنني أظن أن حركة الأسواق وتنقل الناس والسيارات في طرق المدن يصبان في مصلحة الأمن وربما افتقار الأسواق من الناس وانعدام الحركة قد يكونان سبباً في الجرائم والإخلال بالأمن.
** سادسها: أن تحديد ساعات الدوام ليس في صالح (السياحة الوطنية) التي نؤمل أن تكون أحد مواردنا الاقتصادية الكبيرة (والأسواق) أحد منشطات السياحة من جانب، وأحد عوامل الاستفادة الاقتصادية من مواردها.
وبعد:
إن هذه رؤية قابلة للحوار والدراسة من قبل المسؤولين بوزارة الداخلية والتجارة، والعمل وهيئة السياحة، فما رأيكم دام فضلكم؟.
اللهمَّ أعط منفقاً خلفاً
**** كل يوم أزداد قناعة أن (عمل الخير) بقدر ما يُسعد من تهادى إليه فإنه يسعد الباذل له تماماً كما يسعد متلقيه.وقد أقر هذه الحقيقية المضيئة الشاعر زهير بن أبي سلمى قبل ألف وخمسمائة عام عندما قال يمتدح النبيل باذل الخير هرم بن سنان:
تراه إذا ما جئته متهللاً
كأنك تعطيه الذي أنت سائلُهْ
وما أسعد الذين يهنَؤون بلذة العطاء كما يسعدون بمتعة الأخذ!
إن (ثمار بذل الخير) ليست معنوية فقط بل هي في كثير من الأحيان مادية، ولقد قرأت وسمعت عن قصص (نبلاء) بذلوا خيراً، فكان أن منحهم الله خيراً أكبر جزاء وفاقاً!.
وآخر قصة سمعتها من صديق نبيل محب للخير، يقول هذا الصديق في حديث حميم كان يدور بيني وبينه حول عمل الخير .. يقول: ذات مرة علمت أن امرأتين قريبتين لي بحاجة إلى بعض المادة لظروف قاهرة، وكان المبلغ المطلوب (200) ألف ريال، وبحمد الله وفقني الله لذلك، وقدمت هذا المبلغ عن طيب نفس.. يقول الصديق! وبعد ساعات محدودة عوضني الله عن هذا المبلغ حوالي (300) ألف ريال في صفقة تجارية ميسرة بفضل الله!
لقد أسعدني هذا الصديق برواية هذه القصة، وأنا أرويها هنا للحفز على المزيد من العطاء، وتأكيد أن الخير يسوقه الخير، ويسوق إليه، وكم هو سعيد من يستطيع أن يبذل ويعطي وينفق، فالبعض لا يستطيع وهذا (حرمان) استعاذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم وقد روى لي رجل أعمال أن رجل أعمال صديقاً له سأله باستغراب: كيف تطاوعك يدك على توقيع شيكات التبرع.. إنني أحاول ذلك ولا أستطيع!!فليحمد الله كل إنسان يوقى شح نفسه، فهذه هي الجدوى والسعادة من المال.. لأن ما زاد عنه إنما هو أرقام بالبنك سيرحل الإنسان دون أن يستمتع به، ويسعد ببذل ما فضل منه واللهم أعط منفقاً خلفاً.
آخر الجداول
**** لشاعر الدهر .. لأبي الطيب المتنبي:
وأحسنُ وجهٍ في الوَرى وجهُ محسنٍ
وأَيْمنُ كفّ في الوَرى كفُّ منعمِ |
ف014766464 |