لم تكن هي المرة الأولى التي يخرج فيها النصر خالي الوفاض من مسابقات كرة القدم المحلية وربما لن تكون هي الأخيرة أيضاً، إذ إن كل شيء وارد في عالم الكرة المستديرة التي لا تخضع بالطبع للتصريحات الرنانة والوعود البراقة كما هي لا تعترف بالأماني والأحلام الوردية التي تنثر قبل انطلاقة الموسم وخلاله لمجرد دغدغة مشاعر الجماهير (الصفراء) التي طال انتظارها وترقبها منذ زمن بعيد الفوز ببطولة وحتى مجرد الاقتراب من اللعب طرفاً في مباراة ختامية.
هذا الجمهور المتميز لا شك أنه بدأ يردد من الأعماق.. للصبر حدود.. لكنه يقف أيضاً مكتوف الأيدي.. وصوته غير مسموع إن أراد التعبير وإعلان رأيه وتبيان موقفه تجاه أزمة ناديه.
.. بدون مكابرة.. النصر الحالي كفريق مجتهد نعم.. يحاول جاهداً وفقاً لإمكانات وقدرات لاعبيه الحالية.. لكنها ليست مواصفات يجب توافرها في فريق البطولات وعهد الجمهور النصراوي بالتربع على القمة في زمن مضى مع فريق يضم كوكبة النجوم أمثال ماجد، يوسف خميس، عبد ربه، الهريفي، توفيق... كان الأصفر فريق الأسرة الواحدة.. مصدر قوته الروح العالية علاوة على الترابط والترتيب والتنظيم داخل الملعب.. كان بالأمس فريقاً متكاملاً حتى وإن برز فيه أكثر من نجم يعد من مصادر القوة والثقل.. لكن تلك الصورة اختفت وزالت من الوجود وحلت مكانها محاولات وصفت بأنها متواضعة وغير مؤهلة للسير وفقاً للطريقة المعتمدة من قبل.
والإدارة النصراوية منذ عدة مواسم في محاولة من جانبها لذر الرماد في العيون القلقة على مصير فريقها لم تكن قادرة على بناء فريق يشكل هوية المستقبل وراهنت على سرعة النجاح والعودة لتلك البطولات وحيث لم تتحقق تلك الأهداف المشروعة عمدت لتبرير موقفها إلى اللعب على وتر التحكيم واتخذت منه شماعة ثابتة بهدف الخروج من دائرة الشعور بالإحباط وخيبة الأمل وكذلك من أجل تخفيف حدة التوتر النفسي ولكن يبقى الأهم من ذلك توجيه رسالة غير مباشرة للجمهور الأصفر مضمونها لقد عملنا كل شيء بوسعنا... لكن هناك عوامل خارجية أو ظروف خارجة عن إرادتنا.. هي التي حالت دون الفوز بالبطولات!!
لكن هذا الجمهور.. وهذه حقيقته لم يعد قادراً على استيعاب تلك الصدمات الواحدة تلو الأخرى.. وتمر السنوات العجاف وفريقها يزداد ابتعاداً عن ساحة البطولات.. ويخشى عليها وسط هذا الغياب تأثرها هي الأخرى فتقرر الابتعاد كي (تريح وتستريح).
.. إنها رسالة محبة أوجهها مع التقدير لكافة أفراد البيت النصراوي بعد هذا الخروج المر والذي لا يعتبر نهاية العالم أولاً!! أقول من القلب.. لأن النصر يجب أن يبقى طرفاً حاضراً ومؤثِّراً وفاعلاً في كل المسباقات عليكم الإيمان والاعتراف بنظرة موضوعية لواقع فريقكم تلمسوا نقاط الضعف قبل التفكير في معرفة المزايا.. عليكم المبادرة في الدعوة لعقد اجتماع يستهدف إصلاح البيت النصراوي الكبير بحضور عام في مقدمته أولئك الذين يختلفون معكم في الرأي أسموه اجتماع المصارحة والمكاشفة.. ليكن التفكير القادم مغايراً للنهج السائد.. أؤكد أن النصر حينئذ سيعود قوياً كما عهدناه فريقاً له نصيبه من البطولات وسامحونا!
رئيس بدون بيت!!
هؤلاء الرجال من قدامى بناة ومؤسسي الحركة الرياضية في مختلف مدن المملكة.. من يتذكرهم بعد رحيلهم إلى الدار الآخرة؟
من يبادر إلى إجراء عملية مسح ودراسة اجتماعية تكشف أحوالهم وأوضاعهم الأسرية والمعيشية؟
قد يعيشون بين ظهرانينا حياة كفاف لا يعلم بها سوى الله سبحانه ويؤثرون الصمت المطبق.. فلا يشكون الحال لكائن من كان.. وبعد رحيلهم تتكشف أمور مأساوية.. فهذا أثقلته الديون وذاك يقطن وعائلته في بيت مستأجر، حيث (أشغلته) الرياضة عن التفكير في مستقبل أولاده.
خبر تسرَّب لي بعد رحيل الرياضي المخضرم عثمان الدخيل من مصادر مقرَّبة تؤكد عدم امتلاكه سكناً لعائلته الكبيرة.. كان مفاجأة مذهلة بالنسبة لي وأنا الذي كنت أعتقد أن حالته المادية جيدة إن لم تكن ممتازة.. وهنا لا أذيع سراً.
فهذه الحقيقة التي حان وقت الاعتراف بها أولاً.
.. لكن يبقى السؤال.. هل نكون أوفياء مع رجالات الوفاء ونسارع في رد الجميل لأبناء الفقيد؟
وسامحونا!
|