السلام عليكم ورحمة الله
ركزت عدد من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة في الأيام الماضية على قضية الضرب المبرح الذي تعرضت له الإعلامية السعودية المذيعة: رانيا الباز التي جعلت منها مادة دسمة لعرض الكثير من القضايا التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بما يسمى بالعنف الأسري، والموجه للمرأة على وجه الخصوص، فقد التقى معد ومقدم برنامج: مباشر محمود سعد في قناة الإم بي سي مع المذيعة الباز في المستشفى الذي تتلقى فيه العلاج من إصاباتها المتعددة التي تلقتها نتيجة علقة ساخنة بيد الزوج المستشيط غضباً، كما بث برنامج آخر بعنوان (حوار من الداخل) في قناة عين الأوائل من إعداد وتقديم الزميل كمال عبدالقادر عن نفس هذا الموضوع، فيما كان آخر برنامج عرض في هذا الخصوص كان في قناة الإخبارية، وقد أشارت الصفحة الفنية في جريدة الجزيرة يوم الخميس الموافق 10-3 إلى أحد هذه اللقاءات التي كانت ستعرض في قناة عين الأوائل، وأنا هنا لست بصدد الإشارة إلى مقاطع مما ورد في حديث المذيعة لهذه الفضائيات أو إلى الصحف المحلية، وإنما استغربت التركيز التام على هذه القضية بالذات لمجرد أن بطلتها مذيعة سعودية، وكأن ذلك من باب التعاطف معها والوقوف بجانبها كزميلة في بلاط الإعلام، أو أنه أخذ على محمل الجد، وكأنه كان موضوعا جديدا بالنسبة لمجتمعنا بحيث إنه لم يكن موجودا أبداً، ولم يظهر إلا بتعرض هذه المذيعة للضرب، والحقيقة التي يجب ألا ننكرها أبداً أن العنف الموجه للمرأة موجود، وللأسف الشديد في مجتمعاتنا وإن كان لم يصل بعد إلى حكم الظاهرة، فقد يأخذ هذا العنف الكثير من الصور والأشكال التي تعاني منها النساء دون أن يتم إيجاد الحلول المناسبة له، أو المعالجة الصحيحة لهذا الوضع الأليم، حيث تلاقي فيه الزوجة في بعض الأحيان من الزوج أو أسرته أو الحماة والأقارب الكثير من التدخلات والمضايقات التي قد تصل إلى حد التفريق بينها وبين زوجها وأبنائها، وقد يصيب تكرارمثل هذه الأفعال بالاكتئاب والقلق والخوف من هذا المستقبل، وقد تعاني البعض منهن من الاضطهاد غير المبرر من قبل الرجل الذي يعتبرها البعض منهم كقطعة أثاث تزين فقط ديكور المنزل، فلا يهتم بها، ولا يحرص على مناقشتها في أموره، ولا فيما يعتري حياتهما الزوجية من مشاكل، وهذا الاضطهاد للأسف يأخذ صوراً عديدة ومنوعة نذكر منها:
1- العنف الجسدي: الذي يتمثل فيما تتعرض له المرأة في بعض الأحيان من ضرب متكرر قد يتحول مع الأيام الى ضرب مبرح وأليم، حيث يكون الفيصل دائما في كل شجار بسيطا يحدث بينهما استخدام اللغة التي لا يفهمها سواه وهي لغة الضرب المرفوض جملة وتفصيلا، فالمرأة إنسان له حقوقه الكاملة التي حفظتها لها الشريعة الاسلامية وكفله لها النظام، ومتى تعذرت معها المعيشة بينهما بالمعروف كان الفراق أولى وأفضل امتثالاً لقوله تعالى{ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} سورة البقرة (231) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (أوصيكم بالنساء خيراً).
2- العنف النفسي: ذلك كحرمانها من حقوقها وواجباتها الشرعية بسبب انشغال الزوج في عمله وسهراته الخاصة وسفره المتواصل عنها، أو حتى تجاهله لها في داخل المنزل والتعدي عليها بالألفاظ القبيحة، وعدم احترامها أمام غيرها وتعريضها للضغوط النفسية التي قد تولد فيها كره الزوج ولربما تصيبها بالقلق والاكتئاب الذي قد يصبح مع الأيام بمثابة المرض النفسي الذي يحتاج معه الى البحث عن علاج.
3- العنف المادي: وهو مضايقة الزوجة العاملة في راتبها الذي هو حق مشروع لها نظير أتعابها في العمل، حيث يقوم البعض من الآباء برفض تزويج بناتهم الموظفات بغرض الاستفادة من رواتبهن مما يحرمها من تكوين الأسرة بسبب هذا المال، أو قد تحدث بينها وبين زوجها الكثير من المشاكل المفتعلة بسبب هذا الراتب الذي تحول عليها من نعمة إلى نقمة، كما قد يحرمها البعض من الأزواج من إعطائها المصرف الشخصي رغم استطاعته ماديا، وقد يرفض حتى الإنفاق عليها، وعلى الأبناء في حالة الانفصال والطلاق فيتركها عالة على أسرتها لتتحمل نفقاتها.
محمد راكد العنزي
|