جاء في الحديث الذي اخرجه ابن ماجه في السنن ان النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج على أصحابه يوماً وعلى رأسه أثر قطرات من ماء، قالوا: نراك اليوم طيب النفس، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إيه والحمد لله، وكانوا يتحدثون بالغنى فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا بأس بالغنى لمن اتقى والصحة لمن اتقى خير من الغنى وطيب النفس من النعيم.
إذاً هي منحة عظيمة من الله تلك الصفة الحميدة التي يفتقدها الكثير من الناس اليوم إما جبلة فقد حرمه الله تلك النعمة فقد جبل على أن تكون (نفسه شينة) وإما أن يكون صاحب مزاج معكر لضغوط الحياة وكدرها، وما أكثر هذا وذاك اليوم، لكنها مشكلة لا يجب اليأس معها والقنوط من حلها؛ فقد قيل (الحلم بالتحلُّم والعلم بالتعلُّم) أما الذين (انفسهم شينة) لضغوط الحياة وأكدارها فينقصهم جانب عقدي مهم وهو الرضا بما قسم الله لهم من الأرزاق والصبر على ما أصابهم به من المصائب وعدم السخط.
ومن المعلوم أن ديننا الإسلامي الحنيف (فيه فسحة) كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك حينما رأى الاحباش يمرحون، والإنسان بحاجة إلى عدم الاستسلام إلى ما يعتريه من ضيق صدر وانقباض مزاج؛ فإن ذلك من الشيطان ليحزن الذين آمنوا. وهنا يجب أن يبادر الإنسان إلى الترويح عن نفسه بما يرى انه يفك عنها ضيقها مما ليس فيه مخالفة للدين الحنيف ومن أكثرها إيجابية وتأثيراً ذكر الله؛ إذ بذكر الله تطمئن القلوب. ومن الأشياء المؤثرة ايجاباً في هذا الجانب ممارسة الهوايات المحببة للنفس كالانشطة الرياضية المختلفة وخصوصاً السباحة. المهم عدم الاستسلام للأوهام والشيطان والدخول في عالم الوسوسة التي لا يُرضي الشيطان منها كحد أدنى الا الجنون.
بعض الناس اعتاد أهله منه على (قفلات) تعتريه كل اسبوع او كل عشرة أيام. وهذا عنده مشكلة تحتاج إلى تأمل ومعالجة وقد قيل:
النفس إن أتبعتها هواها
فاغرة نحو هواها فاها |
وطيب النفس كحالة نحن بصدد الحديث عنها هو ما يعبر عنه أحياناً (بحسن الخلق) وهو عمل جليل وصفة حميدة يبلغ بها الرجل درجة الصائم القائم كما صح بذلك الحديث عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم - بل ان النبي - صلى الله عليه وسلم - عبر عن أن البشاشة في وجه أخيك المسلم صدقة.
إذاً لماذا هذا الجفاء و(التكشيرة) الملازمة لكثير من الناس اليوم؟ إن مما يؤسف له أن تجد الابتسامة (الصفراء) عند الكفار إذ اعتادوا عليها في وجه من يعرفون ومن لا يعرفون.
وديننا الحنيف يحثنا على الابتسامة الصادقة؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق).
ان من حرم طيب النفس وحسن الخلق والابتسامة الصادقة فقد حرم خيراً كثيراً فليسترجع؛ فهو في مصاب جلل يحتاج إلى استشفاء ودواء وتضرع بالدعاء.
|