* الرياض - ياسر المعارك:
عمليات إرهابية وإنجازات أمنية كشفت العديد من أساليب وتقنيات الفكر الإرهابي دلت في ثناياها على فكر شيطاني وتنفيذ خبيث، وبهذا الخصوص التقت (الجزيرة) عدداً من المختصين في دراسة وتحليل الجريمة بجامعة نايف للعلوم الأمنية وهم اللواء الدكتور سعد الشهراني وكيل كلية الدراسات العليا والدكتور علي بن فايز الجهني عميد مركز الدراسات والبحوث والدكتور معجب الحويقل مدير عام الشؤون العلمية المساعد عضو الهيئة العلمية ليلقوا الضوء على هذا الموضوع:
* حيث سألنا في البداية عن ماذا يهدف الإرهابيون من توثيق أعمالهم الشيطانية في شرائط وتسجيلات ونشره عبر وسائل الإعلام؟
- فأجاب د. علي بن فايز الجهني: تسعى أفراد الفئة الضالة إلى استخدام وسائل الإعلام لخدمة نواياهم الشريرة والترويج لأفكارهم الهدامة وللأسف وقعت بعض الفضائيات في المصيدة من حيث يدرون أولاً يدرون في وقت توجب على الفضائيات أن تكون على مستوى المسؤولية الإعلامية لمؤازرة الحق والعدالة والأجهزة الأمنية من أجل التصدي لكل ما يعكر صفو الأمن ولذلك ظهرت الآثار السلبية من خلال ما تقوم به من تحريض ودس ولمز وغمز بطريقة تثير الاشمئزاز والاستهجان لها.
أما اللواء الدكتور سعد الشهراني فقال: الإعلام سلاح ذو حدين وقد استخدمه الإرهابيون محاولين التشكيك وزعزعة قناعات الجمهور، بل لإقناعهم وتبرير ما لا يمكن إطلاقاً تبريره.
أما معجب الحويقل فقال: توثيق الأعمال الإرهابية ينظر إليه الإرهابيون بأنه عمل بطولي ويجب أن يطلع عليه الأتباع كما أن نشره عبر وسائل الإعلام يهدف إلى إثبات الوجود وأنهم قوة ذات شأن، يسخرون الإعلام الذي للأسف يتسابق على نشر الأحداث الغربية محاولين أن يكون لهم السبق فيها، يعتقد الإرهابيون أن نشر أعمالهم الإرهابية عبر وسائل الإعلام تجلب لهم مزيداً من المؤيدين والاتباع وتكسبهم التعاطف الاجتماعي بالإضافة إلى زعزعة الأجهزة الأمنية والتأثير عليها والحمد لله هذا الاعتقاد خاطئ فالأجهزة الأمنية تدرس أساليبهم الهزيلة وتسعى لإحباط أعمالهم الخبيثة.
لماذا هذه السيارة؟
* لماذا يستخدم الإرهابيون سيارة الجمس في التفجير دون باقي الأنواع؟ وهل لذلك علاقة بكمية المتفجرات؟
أجاب اللواء الدكتور سعد الشهراني:
اعتقد لأنها السيارة الأقوى والأكثر رواجاً في المملكة وهي تحمل كمية أكبر من غيرها من السيارات العائلية علماً بأن المتفجرات وآثارها لا تتأثر بالكمية فقط بل بنوع المتفجرات فهناك متفجرات قليلة الكمية لها تأثير عالٍ.
د. علي الجهني قال: سيارة الجمس هي أحد أنواع أدوات الجريمة والوسائل حسب الظروف والأوضاع.
د. معجب الحويقل:
هناك أسباب عديدة لاستخدام الجمس المفخخ منها: ان هذا النوع يمكن أن يستغل لغرض التمويه لأن هذا النوع من السيارات معروف بأنها سيارة عائلية.
ويمكن لسيارة الجمس أن تحمل أشخاصاً ومتفجرات بما لا يقل عن طن وهذا يخدم مصلحتهم باعتبار أنهم يتنقلون بعدد من الأشخاص وكمية من المتفجرات في سيارة واحدة لغرض الاقتحام.
كذلك سيارة الجمس سهلة الاستخدام فتستطيع أن تخرج عن الطريق إلى الطريق الآخر بقفز الرصيف دون أن تتأثر بالإضافة إلى قدرتها على الارتطام مع عدد من السيارات دون ضرر يؤدي إلى تعطلها.
غسلت أدمغتهم
* حادثة تفجير مجمع المحيا كانت علمية مخططة.. ما تحليلكم لهذا التخطيط؟ وهل يشير إلى ذكاء شيطاني؟
- اللواء الدكتور سعد الشهراني:
إن أي عمل إنساني هو نتيجة رؤية أو تخطيط وبالنسبة للأعمال الإرهابية من المعلوم أن من ينهج هذا المنهج يبدأ للتخطيط منذ مدة طويلة نسبياً ويدرس هدفه ويختار توقيته ويخطط لكيفية تجاوز العقبات والاحتياطات الأمنية ليصل إلى الهدف، وربما أن المفكرين والمخططين يتمتعون بهذا الذكاء الشيطاني كما أسميته، أما المنفذون فهم أدوات غسلت أدمغتهم.
د. علي الجهني:
المجرم حين ينوي ارتكاب جريمته فإنه يختار الهدف أو الضحية ويخطط لذلك وحادثة تفجير (مجمع المحيا) عمل إجرامي بشع ضد أبرياء لا ذنب لهم.
- معجب الحويقل: من المعلوم أن المجرم يحرص ألا ينكشف أمره أو تنال منه يد العدالة وما حدث في مجمع الميحا كان عملية مدروسة ويكشف لنا خطورة الإرهابيين الإجرامية وأنهم يتبعون بقدر ما أوتوا من قوة الأساليب التي تمكنهم من بلوغ أهدافهم.
انتحار
خلال عمليات مداهمة الجهات الأمنية للمطلوبين أمنياً نلاحظ أن الإرهابي إما أن يفجر نفسه أو يقاوم حتى يقتل؟ كيف وصل لدرجة تفضيل الموت على الحياة؟
- د. معجب الحويقل: عندما يفضح عنهم وينكشف أمرهم يحاولون أن يفجروا أنفسهم أو يقاتلوا حتى الموت ولا يستسلموا لأنهم قتلة وحكم القاتل في الإسلام هو القتل ولذلك يحرصون على ألا يستسلموا لشعورهم بعظم الذنب وقسوة العقوبة التي تنتظرهم جزاء ما فعلوا.
- اللواء الدكتور سعد الشهراني: هذه نتيجة لعمليات غسيل الدماغ أولاً وربما لم يعد أمامهم مخرج إلا الهروب إلى الأمام.
فتاوى الضلال
* يتخذ الإرهابيون مرجعية منحرفة الفكر في فتاويهم ورغم أنها واضحة الضلال، فما هي المراحل التي يمر بها الإرهابي ليصل حد القناعة بهذه الفتوى؟
- اللواء الدكتور سعد الشهراني:
إنه الفكر الانعزالي أحادي النظرة المعادية للمجتمع والبعيد عن وسطية الإسلام، تبدأ عملية غسيل الدماغ منذ فترة المراهقة، حيث يقوم دعاة هذا الفكر باستقطاب هؤلاء الشباب وعزلهم عن محيطهم الاجتماعي بطرق ذكية، وغرس الأفكار تدريجياً وصولاً إلى القناعات التي نسمع عنها وفي مقدمتها التفكير واستحلال الدماء والخروج على ولي الأمر.
- د. معجب الحويقل:
يتخذ الإرهابيون مرجعية منحرفة بالرغم من أن علماء الأمة حاولوا جاهدين عبر وسائل الإعلام المختلفة توضيح أخطائهم وحاورا كبار علماء التفكير حتى اقتنعوا وصححت أفكارهم واعترفوا بذلك عبر وسائل الإعلام إلا أن بعض اتباع هذا الفكر لا يزالون على قناعاتهم وفكرهم القديم ولم يتغير لديهم شيء وهي الفئة الأخطر وعلى علماء الأمة توجيه رسائل مستمرة عبر وسائل الإعلام وتوضيح الحقيقة ما لا يجوز فعله.
- الدكتور علي بن فايز:
لا شك أن الفئة الضالة تحمل فكراً ضاراً وتنطلق من فتاوى خارجة عن اجتماع العلماء ولذلك لا بد من تصحيح تلك الأفكار والفتاوى ودحضها بالعلم الشرعي ومن قبل العلماء في هذه البلاد المباركة.
غسيل المخ
* كثر الحديث عن غسيل المخ؟ هل نتحدث عن ماهية غسيل المخ؟
- الدكتور معجب الحويقل: يقصد بغسيل المخ إحلال معتقدات والإيمان بها بدل المعتقدات السابقة الذي تم تكوينه في مراحل العمر الأول من الأسرة والمدرسة والمجتمع الذي عاش فيه ويتبنى أفكاراً جديدة تغرسها فيه هيئة أو فرد معين بهدف استغلال ذلك الإنسان أو المجموعة من الناس في أغراض معينة.
- الدكتور علي الجهني: لا شك أن الفئة الضالة من المغرر بهم من قبل رفقاء السوء تعرضوا لمواقف شيطانية في حياتهم وربما سافروا هنا وهناك وكان للدعاية والشائعات وغسيل الأدمغة أثرها فيهم إضافة إلى ضعف التأهيل الشرعي والنضج الفكري والتربوي وما واكب ذلك من إحباطات وأمراض جسيمة ومن هنا لا بد من التركيز على العلماء ورجال الإعلام والتربية والتعليم لإعداد أجيال تكونوا قدوة صالحة وبناءة لخدمة المجتمع.
سلاح الإعلام
* إذاً كيف نستطيع بسلاح الإعلام مواجهة الفكر التكفيري والانحراف السلوكي؟
- الدكتور علي الجهني:
الإعلام أمانة ومسؤولية ولا بد كما يقول بعض المهتمين من دعم (صناعة الإعلام مادياً ومعنوياً) وإيجاد البدائل المناسبة من أجل إعلام متزن ومواكب للمستجدات في إطار الثوابت ولذلك لا بد من استراتيجية إعلامية لمواجهة الفكر التكفيري والانحراف الفكري والسلوكي بصوره شتى.
التخفي
* يستخدم الإرهابيون طرقاً مختلفة للتخفي، الاندساس داخل الأحياء السكنية ولبس العباءات النسائية، ما تحليكم لهذا الأسلوب؟
- الدكتور معجب الحويقل: يتنقل الإرهابيون في المجتمع السعودي بأسلوب التخفي وارتداء ملابس النساء وحملهم البطاقات المزورة يدل دلالة قاطعة على أن الأجهزة الأمنية تحاصرهم وتضيق الخناق عليهم فلا يجدون إلا اللجوء إلى ارتداء ملابس النساء بالإضافة لعلمهم أن المرأة في المجتمع السعودي لها كرامة ومكانة خاصة.
- الدكتور سعد الشهراني: اعتقد أن أي شخص أو مجموعة تريد أن تصل إلى أهداف معينة تلجأ إلى استخدام الوسائل الممكنة والمتاحة المشروعة أو غير المشروعة.
مكة المكرمة لم تسلم منهم
* ضبطت قوات الأمن بمكة المكرمة إحدى الخلايا الإرهابية بحوزتها 72 قنبلة أنبوبية وعدد من المصاحف المشركة وأسلحة، باعتقادكم لماذا اختيرت مكة بالذات؟
- الدكتور معجب الحويقل: أعتقد أن من أساليبهم اللجوء إلى الاستقرار في أكثر الأماكن أمناً على وجه الأرض - مكة المكرمة - لأن ساكينها يهتمون برعاية قاصدي مكة ويقدمون لهم ما يسهل مهامهم الدينية ومن يقصد ذلك المكان لا يحمل الشر معه فلذلك وجد الإرهابيون مدينة مكة ملاذاً آمناً لهم، ولكن قوات الأمن بالمرصاد لهم أينما حلوا.
التصدي لهم
* استغلت الفئات الضالة وسائل الاتصال الإنترنت والمنشورات لبث سمومهم؟ كيف نتصدى لهذه الموجة؟
- الدكتور اللواء سعد الشهراني: الحماية من هذا الفكر المنحرف مسؤولية الجميع ابتداء من الأسرة ودور الآباء مهم هنا، ثم المسجد والمدرسة والمؤسسات الأخرى، لا بد من تشخيص هذا الكفر وجذوره ومدى ضلالته وانجرافه عن وسطية الإسلام ويسر وبساطة حقيقة ثم وضع البرامج والخطط والسياسات بهدف القضاء على ما ينتج هذا الفكر المنحرف.
- الدكتور معجب الحويقل:
يجب أن نتصدى لهم بالإعلام لتحصين أبنائنا بدءاً من المنزل والمدرسة ووسائل الإعلام كافة وهذه رسالة يجب أن يؤديها الجميع لتحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع وحتى لا يؤثر الإرهابيون على أفكار النشء ويحدثون لهم غسيل مخ أو تلوثاً فكرياً في غفلة من الأب والمربي والإعلامي.
|