قدرنا الذي قدّر الله علينا في هذه البلاد أن نواجه هذا العقوق البغيض وهذا النكران العظيم وهذا الجحود المؤلم وهذا التكفير الذي لم يحدث فجأة ، بل أفرزته جلسات الخلوات ومنتديات الإنترنت ودهاليزه وجحوره المظلمة التي في التواءاتها أشد من التواءات جحر الضب وما أدراك ما جحر الضب؟؟!!.
وهذا الخروج المشين لم يولد بهذه الفظاعة وتلك الشناعة ، بل تدرج فولد سفاحاً ورضع ضياعا وعاش نتنا حتى بلغ من الحدة مبلغها ومن القباحة منبعها ومن الصلافة أفظعها ومن العقوق ذروته ، وهو بدايات الانحراف الفكري ومراحله الأولى وهو خروج قاتل محصلته الخروج بالسلاح، فسبق اهتزاز المباني من اثر التفجيرت أن هز خروج اللسان الثقة لدى أولئك الشباب في ولاة الأمر والعلماء ووجهاء المجتمع وعموم أبنائه ، الذين لا يؤمنون بذلك الفكر، كما سبق تطاير الأشلاء ودمار الممتلكات تطاير الثوابت وتدميرها لدى أولئك الشباب بسبب خروج اللسان!!.
مشكلتنا التي لابد لنا أن نعترف بوجودها هي أننا لا نعمل إلا وفق ردود الأفعال ، ففي المرحلة السابقة لهذا التيار المدمر وهي مرحلة الخروج باللسان ، من المؤسف أنه إذا حذر محذر فأبان الخطر وكشف الضرر المترتب على ذلك الخروج على الوطن والفرد والمجتمع والأمة بأسرها لجوبه على أقل الأحوال وأحسنها لا أقول بالانشغال بل بالتشاغل وكأنه يتحدث عن توافه الأمور!!.
خروج اللسان ليس بالأمر السهل بل هو الطامة الكبرى والمصيبة العظمى ، فذلكم العضو الذي كم استهنا به رغم أنه ترجمان القلب ومرآته وهو القائد للمرء والمحرك له ، إلا أن خروجه عن الطريق القويم كما ذكرت مدمر .. فقد قال الله جل وعلا عن ذلك اللسان { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ، كما قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه) كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفِّر اللسان تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا) والخارجون بألسنتهم في الواقع هم المفلسون ، ففي الحديث التالي يبين لنا ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول عليه الصلاة والسلام (أتدرون مَنْ المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار).
إن الحديث عما كان يجب أن نواجه به خروج اللسان يأتي من باب الاستفادة من التجارب التي مررنا بها ؛ لذا فالعلاج الناجع هو أن نعي جميعاً آباء وأمهات ومعلمين ومعلمات وخطباء وكتابا وإعلاميين وأفراد مجتمع قولاً وعملاً ليس الآن فقط بل في كل آن وزمان ، ماذا يعني الخروج باللسان وما هي آثاره وما هو مآل من سقط في مستنقعه ومن تهاون به؟؟!!، حتى يظهر الله أمننا ويكبت عدونا ويزيدنا طاعة له جل وعلا والتفافا حول ولاة أمرنا وثقة ومرجعية لعلمائنا وانتماء لهذا الوطن الذي له علينا حقوق عظيمة فهو قبلة الإسلام ومأرز الإيمان وواحة الأمان.
|