Friday 14th May,200411551العددالجمعة 25 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

العريفي.. رحلة الألم ..المستشفى الجامعي ذات صباح العريفي.. رحلة الألم ..المستشفى الجامعي ذات صباح
عبدالحفيظ الشمري

الألم هو ذلك المنغص المؤذي الذي جعل (الفهد) يأتي إلى هنا.. نعم هنا في قسم الطوارئ بالمستشفى الجامعي بالرياض.. الوقت فجر خميس من أيام ذي القعدة 1424هـ حينما لمحت طيف رجل عصامي يجالد الحياة فهد العلي العريفي على كرسي متحرك؛ يدفعه ابنه خالد؛ وخلف ستارة بسيطة استلقى ولاذ بما يشبه الصمت.. حتى الأنة لم تصدر من حنايا هذا الرجل الرائع..
تركت والدي شفاه الله وكنت مرافقاً لعلي أحيي هذا الرجل الذي طالما حيانا ورحب بنا..
وأسكننا فوق جبينه دائماً، وقدم لنا من وقته وجهده الشيء الكثير.
لا أدري اين ذهب (خالد) وهو الذي لا يفارقه دائماً.. تماماً كأحمد الرائع الذي يضوع إنسانية ووفاء.. خالد.. أين أنت وما أخبار شيخنا؟
لكنني لم أنتظر.. أزحت الستارة بقدر ما تسمح الرؤية.. ها هو أبو عبدالعزيز مستلقٍ..
كان بما يشبه الوسن الحفيف..
أبا عبدالعزيز
أبا عبدالعزيز.. ولم يرد..
لم أشأ أن أكرر المحاولة.. انتظرت لحظات ليقابلني (خالد): الوالد بخير.. ضيق في التنفس وسنخرج بعد قليل..
الفجر يفاجئ الخلائق والأمكنة.. أعود إلى سرير أبي عبدالعزيز في الطوارئ؛ أجده فارغاً وتنتابني حالتان متناقضتان واحدة تخز القلب بعنف أليم والأخرى تهادن وتذكرني بوعد (خالد) بالخروج إلى دارتهم العامرة دائماً بالمودة ولقاء الأحبة.. أمزج الحالتين ببعضهما لتكونا على هيئة سؤال عنه؛ أوجهه للفريق الطبي المناوب.. تأتي الإجابة مهادنة:
(العريفي خرج)
أحمد الله وأتمنى شفاء والدي لعلنا نسعد بزيارته، أو نقوم بواجب السؤال عن صحته وأحواله..
رأيت أبا عبدالعزيز مرة واحدة بعد زيارة قسم الطوارئ بالمستشفى الجامعي؛ فكان مقبلاً على الحياة رغم المرض، وكررت الزيارة أخرى ولم أظفر؛ لقد ظل الرجل النبيل يجالد الألم ويحاول التشبث بالأمل.. حتى دخوله (مستشفى المملكة)، ومكوثه في العناية المركزة أجريت اتصالات لمنزله يوم الثلاثاء 22-3- 1425هـ رد أهل البيت مطمئنين؛ فكنت من جملة من سأل عن حاله وصحته؛ ومن جملة من فجع.. من القشعمي إلى إبراهيم التركي إلى حمل النبأ الفاجع رحل الرجل الرائع فهد العلي العريفي شامخاً؛ مخلفاً وراءه سيرة عطرة وماضياً رائعاً يفخر به الأبناء والأحفاد..
رحمك الله يا أبا عبدالعزيز رحمة واسعة وحفظ الله سيرتك الرائعة ومسيرتك المشرقة.
رحلة الألم توقفت؛ وانطلقت لحظة غيابك رحلة الذكرى.. تلك التي ستبقى الأجيال تتناقلها عن شيخ رائع هزم اليأس وقاوم الألم؛ وصنع من الواقع أملاً عريضاً يتداوى منه الناس من حوله..
لك الله يا سيرة الرجل الرائع؛ ولله ما أعطى ولله ما أخذ..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved